إندبندنت: الديمقراطية في تونس مهددة .. أين الرد الدولي؟

المراقبون يرون في قرار قيس سعيد بحل المجلس الأعلى للقضاء خطوة تعزز المخاوف بشأن استقلال القضاء التونسي (غيتي)

تشهد تونس أزمة سياسية منذ إعلان الرئيس قيس سعيّد حالة الطوارئ العام الماضي والاستيلاء على السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وفي تقرير نشرته صحيفة "الإندبندنت" (Independent) البريطانية، قالت الكاتبة بيل ترو إن الثورة التونسية مثّلت قصة النجاح الوحيدة لثورات الربيع العربي التي اندلعت في المنطقة خلال عام 2011، والتي مهّدت الطريق لصعود المزيد من الأنظمة الاستبدادية وابتلاء شعوب بعض الدول المجاورة بحروب لا نهاية لها.

لكن في يوليو/تموز 2021، فوجئ العالم بالخطوة التي اتخذها قيس سعيّد، وعلّق بموجبها العمل بفصول الدستور، وجمّد عمل البرلمان، وأقال رئيس الوزراء وحلّ حكومته؛ وحجته في ذلك إنقاذ تونس من الانهيار الوشيك والاستجابة للدعوات الشعبية للتغيير التي تجلت في سلسلة من الاحتجاجات ضد الفقر والفساد والقيود المفروضة جرّاء جائحة كورونا.

اتُهم أستاذ القانون الدستوري السابق بخرق الدستور التونسي من خلال ما أصدره من إجراءات استثنائية. وحسب بعض الخبراء وقوى المعارضة، وخاصة حزب النهضة الإسلامي المعتدل الذي هيمن على الساحة السياسية في تونس لأعوام، فإن ما فعله سعيّد انقلاب على الديمقراطية.

الرئيس يعزز قبضته على القضاء

هذا الأسبوع، عزّز الرئيس التونسي قبضته على القضاء من خلال حلّ المجلس الأعلى للقضاء، مشيرا إلى أن التعيينات في المؤسسة القضائية تتم بناءً على الولاءات، ثم أصدر -أمس الأحد- مرسومًا بتشكيل مجلس مؤقت -من دون تحديد مدة عمله- للإشراف على القضاء. وجاء في هذا المرسوم أن للرئيس صلاحية إقالة القضاة والاعتراض على الترقيات وحظر الإضراب عن العمل، في إشارة إلى الإضراب لمدة يومين الذي نفّذه القضاة وتسبب في تعطل سير عمل العديد من المحاكم خلال الأسبوع الماضي.

وفي حين أن المجتمع الدولي لم يكترث للإجراءات الأولية التي اتخذها سعيد الصيف الماضي، أعربت العديد من الدول عن قلقها بشأن الخطوة الأخيرة التي اتخذها سعيّد إزاء المجلس الأعلى للقضاء. وقالت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، إن هذه الإجراءات "تُقوّض بشكل خطير سيادة القانون" وأنها "تشكل خطوة كبيرة في الاتجاه الخاطئ"، واصفةً إياها بأنها "أحدث تطوّر على مسار مقلق".

كما حذّر مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع للجنة الحقوقيين الدولية، سعيد بن عربية، من أن سعيّد يعتزم "إزالة خط الدفاع الأخير أمام سلطته الفردية". ونبّهت الخبيرة في شؤون تونس وأستاذة سياسات الشرق الأوسط في جامعة نيويورك أبوظبي، مونيكا ماركس، إلى أن سعيّد بهذه الخطوة "يقضي على آخر خطوط المقاومة" المتبقية، وتعتقد أنه سيستهدف بعد ذلك المجتمع المدني ووسائل الإعلام.

تعتبر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والاتحاد العام التونسي للشغل من بين المؤسسات القليلة التي لم يتمكن سعيّد من السيطرة عليها. ويُنظر إلى الهيئة الانتخابية على أنها أعظم إنجازات الثورة، في حين يمتاز الاتحاد العام التونسي للشغل بقوته وبقاعدة تضم حوالي مليون عضو، مما يجعله خصمًا قويًا لسعيّد.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، انتقد الاتحاد العام التونسي للشغل "خارطة الطريق" لمستقبل تونس التي أعلن عنها الرئيس في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكنه حتى الآن لم يتخذ أي إجراء حازم. ويعكس اللقاء الذي جمع بين سعيّد ورئيس الاتحاد العام التونسي للشغل يناير/كانون الثاني الماضي مساعي الرئيس لكسب تأييده.

وقالت ماركس إن غياب الاستجابة الدولية للإجراءات الأولية التي أعلنها سعيّد يوليو/تموز الماضي زاد الوضع سوءًا، واستمرار الصمت سيجعله أكثر تعقيدًا.

المصدر : إندبندنت