تعويض الدول الفقيرة على جدول أعماله لأول مرة.. مؤتمر المناخ بمصر يحذر من "التقاعس" عن الحد من الاحترار العالمي

COP27 Climate Conference: Day One
المدخل الرئيسي لمقر انعقاد قمة المناخ في شرم الشيخ (غيتي)

انطلقت في مدينة شرم الشيخ المصرية أعمال قمة مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 27)، بمشاركة وفود من حوالي 200 دولة ومنظمة مَعنية بشؤون البيئة والمناخ، بعد عام قاس شهد كوارث مرتبطة بتقلبات الطقس جعلت الحاجة ماسة إلى إجراءات ملموسة.

ويلتقي أكثر من 100 من قادة الدول والحكومات يومي الاثنين والثلاثاء في قمة من شأنها إعطاء دفع لهذه المفاوضات التي تستمر أسبوعين.

ويغيب عن القمة الرئيس الصيني شي جين بينغ، في حين يتوقع أن يحضرها الرئيس الأميركي جو بايدن.

ومن المقرر مناقشة مسألة تمويل الخسائر للدول الفقيرة حتى تتمكن من التعامل مع عواقب تغير المناخ؛ ويُقدر هذا التمويل محل النقاش بنحو 100 مليار دولار سنويا من الدول المتقدمة إلى الدول منخفضة الدخل الأكثر تضررا من التغير المناخي.

كما ستتم خلال القمة مراجعة كيفية تنفيذ اتفاقية باريس للمناخ التي تهدف إلى مَنع تجاوز درجة حرارة الأرض عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.

تحذير من التقاعس

وقد حذر الأمين التنفيذي لتغير المناخ بالأمم المتحدة سيمون ستيل من "التقاعس" عن الحد من الاحترار العالمي.

وقال خلال الجلسة الافتتاحية للقمة إنه لن يكون "وصيا على التقاعس" عن هدف خفض انبعاثات الاحتباس الحراري بنسبة 45% بحلول عام 2030 للحد من الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات أواخر القرن التاسع عشر.

وأضاف ستيل "سنحاسب الناس سواء كانوا رؤساء أو رؤساء وزراء أو رؤساء تنفيذيين"، مشيرا إلى أن "جوهر التنفيذ هو أن يبذل الجميع ما في وسعه كل يوم لمعالجة أزمة المناخ".

من جانبه، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري رئيس الدورة الـ27 للمؤتمر أنه "حان الوقت للانتقال من المفاوضات والتعهدات إلى مرحلة يحظى فيها التنفيذ بالأولوية"، مشيرا إلى "أننا لا نملك ترف الاستمرار على هذا النهج".

وأضاف: "لقد شهدنا على مدار العام أحداثا مؤلمة في باكستان وقارتنا الأفريقية وأجزاء مختلفة من أوروبا والولايات المتحدة. وتمثل هذه الأحداث وما نتج عنها من دمار جرس إنذار يتردد صداه في جميع أنحاء كوكبنا للتحرك بشكل عاجل لاتخاذ جميع التدابير اللازمة لتنفيذ تعهداتنا".

وفي كلمته الافتتاحية، قال الوك شارما رئيس النسخة الـ26 للمؤتمر "أتفهم ما واجهه الزعماء في جميع أنحاء العالم هذا العام من أولويات مختلفة، يجب أن نكون واضحين (..) فإن التقاعس عن العمل يمكنه فقط إرجاء كارثة المناخ".

وأضاف "كم يحتاج العالم وقادة العالم من نداءات للاستيقاظ بالفعل؟!".

الخسائر والأضرار

وسيتطرق مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 27) إلى مسألة تمويل "الخسائر والأضرار" الناجمة عن تغير المناخ، وفق جدول الأعمال الذي تمّ تبنيه الأحد بالإجماع عند افتتاح المؤتمر.

وأتى ذلك على خلفية نكث الدول الغنية بوعودها برفع مساعداتها إلى 100 مليار دولار سنويا اعتبارا من 2020 للدول الفقيرة من أجل خفض الانبعاثات والاستعداد لتداعيات التغير المناخي.

وقد وافقت الوفود المشاركة في المؤتمر بعد محادثات جرت في ساعة متأخرة من مساء أمس السبت على إدراج القضية الحساسة المتعلقة بما إذا كان يجب على الدول الغنية تعويض الدول الفقيرة الأكثر تضررا من تبعات تغير المناخ على جدول الأعمال الرسمي لأول مرة.

وترفض الدول الغنية منذ أكثر من 10 سنوات إجراء مناقشات رسمية بشأن ما يشار إليه على أنه الخسائر والأضرار أو الأموال التي تمنحها لمساعدة البلدان الفقيرة لمعالجة آثار ارتفاع درجة حرارة الأرض.

وكانت الدول الغنية قد عرقلت اقتراحا بتمويل الخسائر والأضرار خلال مؤتمر كوب 26 في غلاسكو الأسكتلندية العام الماضي وأيدت بدلا من ذلك دعم إجراء حوار جديد لمدة 3 سنوات لمناقشات التمويل.

وقال شكري إن مناقشات الخسائر والأضرار المدرجة الآن على جدول الأعمال في (كوب 27) لن يضمن تقديم تعويضات أو الاعتراف بالضرورة بالمسؤولية ولكنها تهدف إلى أن تؤدي إلى قرار حاسم "في موعد لا يتجاوز 2024".

وقد تؤدي هذه القضية إلى توتر هذا العام أكثر مما حدث في المؤتمرات السابقة لأن حرب أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة وخطر حدوث ركود اقتصادي زاد من إحجام الحكومات عن التعهد بتقديم أموال للدول الفقيرة.

الحرارة في السنوات الثماني الماضية

وبالتزامن مع المؤتمر، أفاد تقرير للأمم المتحدة الأحد تناول الارتفاع السريع في وتيرة الاحترار العالمي، بأن السنوات الثماني الأخيرة -في حال ثبتت التوقعات بشأن عام 2022- ستكون أكثر حرارة من أي عام سابق لسنة 2015.

وأشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تزامنا مع افتتاح مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 27) في مقطع مصور بث في شرم الشيخ الأحد، إلى تسارع في وتيرة ارتفاع مستوى مياه البحار وذوبان الأنهر الجليدية والأمطار الغزيرة وموجات الحر والكوارث القاتلة التي تتسبب بها.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة في تعليق على التقرير في مقطع مصور بث في شرم الشيخ بمصر "مع انطلاق مؤتمر الأطراف حول المناخ كوب 27 يوجه كوكبنا نداء استغاثة"، واصفا التقرير بأنه "سرد لفوضى مناخية".

وارتفعت حرارة الأرض أكثر من 1.1 درجة مئوية منذ نهاية القرن التاسع عشر، وقد سجل نصف هذا الاحترار تقريبا في السنوات الثلاثين الأخيرة على ما أظهر التقرير.

وقال المدير العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس "كلما كان الاحترار عاليا، تفاقمت التداعيات".

فمياه سطح المحيطات التي تمتص أكثر من 90% من الحرارة المتراكمة جراء الانبعاثات الناجمة عن النشاط البشري، سجلت مستويات قياسية في 2021 وقد زادت حرارتها بسرعة خصوصا خلال السنوات العشرين الأخيرة.

وارتفعت أيضا موجات الحر البحرية مع تداعيات مدمرة على الشعاب المرجانية وعلى نصف مليار شخص يعتمدون على البحار لتأمين الغذاء وسبل العيش.

وعموما شهدت 55% من مياه سطح المحيطات موجة حر بحرية واحدة على الأقل في 2022 على ما جاء في التقرير.

وتضاعفت وتيرة ارتفاع مستوى البحار في السنوات الثلاثين الأخيرة بسبب ذوبان الأنهر والصفائح الجليدية ما يهدد عشرات ملايين الأشخاص الذي يعيشون في مناطق ساحلية خفيضة.

المصدر : الجزيرة + وكالات