بوركينا فاسو.. الجيش يعلن الاستيلاء على السلطة وتعليق العمل بالدستور

أعلن الجيش في بوركينا فاسو عزل الرئيس روش كابوري وتعليق العمل بالدستور وإقالة الحكومة وحل البرلمان وإغلاق الحدود، ومن جانب آخر دعت واشنطن والاتحاد الأوروبي لإطلاق سراح الرئيس المحتجز منذ أمس الأحد.

وجاء في الإعلان -الذي قرأه ضابط بالجيش عبر التلفزيون الحكومي- أن كابوري فشل في توحيد البلاد إزاء التحديات وأن الجيش قام بعزله، وأشار إلى أن الاستيلاء على الحكم تم دون عنف وأن الذين اعتُقلوا في مكان آمن.

وفي وقت سابق اليوم، أكدت مصادر للجزيرة أن الجيش أحكم سيطرته على جميع المرافق الحيوية في البلاد.

وكانت أصوات إطلاق نار بالقرب من القصر الرئاسي سُمعت مساء أمس في واغادوغو، في حين اندلعت اشتباكات في محيط عدد من الثكنات العسكرية بهذه المدينة، ومدن عدة.

Army soldiers ask people to walk away as they gather outside Guillaume Ouedraogo army camp to show their support for the military after President Kabore was detained at a military camp in Ouagadougou
جيش بوركينا فاسو أحكم سيطرته على جميع المرافق الحيوية عقب احتجاز الرئيس ومسؤولين آخرين (رويترز )

ونقلت رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية -عن مصادر أمنية ودبلوماسية، اليوم- أن جنودا في بوركينا فاسو احتجزوا الرئيس في ثكنة عسكرية، وذلك بعد إطلاق نار كثيف من معسكرات للجيش في أنحاء البلاد أمس.

وقال مصدران أمنيان لوكالة الصحافة الفرنسية "الرئيس كابوري ورئيس البرلمان والوزراء باتوا فعليا في أيدي الجنود" في ثكنة سانغولي لاميزانا في واغادوغو.

وأفادت رويترز بأن عربات مدرعة تابعة للرئاسة شوهدت وقد اخترقتها رصاصات عدة قرب مقر إقامة الرئيس صباح اليوم، وكانت إحداها ملطخة بالدماء. وأفاد سكان في الحي الذي يقيم فيه الرئيس بوقوع إطلاق نار كثيف في الليل.

وتمركز جنود ملثمون اليوم أمام مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية بالعاصمة، وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إنه لم يتضح إن كان هؤلاء الجنود من المتمردين وقد قدموا للسيطرة على المقر، أم إنهم جنود موالون للحكومة انتشروا لحراسته.

Smoke rises from the site of an armed attack in downtown Ouagadougou, Burkina Faso March 2, 2018. REUTERS/Anne Mimault NO RESALES. NO ARCHIVES
هجوم سابق بالعاصمة واغادوغو (رويترز)

نهب وتخريب

وفي وقت سابق، أفاد مراسل الجزيرة في دول أفريقيا جنوب الصحراء بأن حكومة بوركينا فاسو فرضت حظرا للتجول عقب إطلاق النار داخل ثكنات عسكرية متعددة.

فقد أعلنت السلطات في وقت متأخر أمس فرض حظر التجول من الساعة 20:00 إلى 05:30 بتوقيت غرينتش حتى إشعار آخر، كما أصدرت بيانا يعلّق العمل بالمدارس الاثنين والثلاثاء لأسباب أمنية.

وقد تعرّض مقر للحزب الحاكم في واغادوغو للتخريب والنهب، كما قطعت الحكومة خدمة الإنترنت عن الأجهزة المحمولة.

وأكد بيان حكومي أن المؤسسات الدستورية غير مهددة، ودعا إلى التزام الهدوء، ونفى الأخبار التي انتشرت على وسائل التواصل عن استيلاء الجيش على السلطة.

وقال وزير الإعلام إن الحكومة طلبت من وزير الدفاع الاجتماع مع هؤلاء العسكريين للاستماع إلى مطالبهم. وكان وزير الدفاع قد نفى في وقت سابق ما تردد من أنباء عن احتجاز الرئيس.

أما المتحدث باسم الجنود المتمردين فقد قال إنهم يطالبون بموارد "ملائمة" وتدريب للجيش في معركته مع المسلحين المرتبطين بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، واستقالة قائدي الجيش والمخابرات.

An abandoned cart is pictured near Burkina Faso's army headquarters following an attack in the capital Ougadougou, Burkina Faso March 2, 2018. REUTERS/Anne Mimault NO RESALES. NO ARCHIVES
بوركينا فاسو تشهد حالة من عدم الاستقرار الأمني (رويترز)

مواقف دولية

بدورها، دعت الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي اليوم إلى "الإفراج فوراً" عن الرئيس كابوري بعدما تمرّدت على سلطته وحدات عسكرية عدّة واحتجزته في إحدى الثكنات التابعة للجيش.

وقال متحدّث باسم الخارجية الأميركية إنّ بلاده تطالب الجيش في بوركينا فاسو بـ "الإفراج الفوري" عن كابوري وباحترام الدستور وقادة البلاد المدنيين.

وفي بروكسل، قال وزير الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل في بيان إن الاتحاد الأوروبي يتابع عن كثب تطوّرات الوضع في بوركينا فاسو، ويدعو جميع الجهات الفاعلة إلى الهدوء وضبط النفس، كما يدعو إلى إطلاق الرئيس كابوري وأعضاء مؤسسات الدولة على الفور.

بدوره، دان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي ما سماها "محاولة الانقلاب" في بوركينا فاسو على الرئيس المنتخب ديمقراطيا.

رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي دعا الجيش البوركيني لضمان سلامة الرئيس (الأوروبية)

وقال فكي إنه يتابع بقلق شديد الوضع الخطير في بوركينا فاسو، وطالب الجيش بالالتزام التام بوظيفته الجمهورية وهي الدفاع عن البلاد بالداخل والخارج. ودعا الجيش أيضا إلى ضمان السلامة الجسدية للرئيس وجميع أعضاء حكومته.

وشجع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الحكومةَ البوركينية وكل الفاعلين المدنيين والعسكريين على تفضيل الحوار لحل مشاكل بلدهم.

من جانبها، نددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) بما وصفته "محاولة انقلاب". وقالت -في بيان- إنها تحمّل العسكريين المسؤولية عن سلامة الرئيس كابوري الذي لا يعرف مكان وجوده.

وأضافت المجموعة أنها تتابع بقلق بالغ تطور الوضع السياسي والأمني في بوركينا فاسو، الذي يشهد منذ أمس "محاولة انقلاب" على حد وصف البيان.

تمرّد وتهديد

ويظهر التمرّد مدى التهديد الذي تشكله الحركات المسلحة التي توصف بالمتزايدة في منطقة الساحل غرب أفريقيا، وهي منطقة قاحلة تقريبا تحدّ الصحراء الكبرى.

وقد استولى المسلحون على مساحات شاسعة من الأراضي في أنحاء بوركينا فاسو وجارتيها مالي والنيجر، ويفرضون في بعض الحالات على السكان الالتزام بأحكام الشريعة حسب تفسيراتهم المتشددة لها.

والحكومات غرب أفريقيا ووسطها في حالة تأهب قصوى بسبب نجاح انقلابات على مدى الأشهر الـ 18 الماضية في مالي، وفي غينيا حيث أطاح الجيش بالرئيس ألفا كوندي في سبتمبر/أيلول الماضي.

وتولى الجيش أيضا زمام الأمور في تشاد، العام الماضي، بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي على إحدى جبهات القتال مع المتمردين.

يذكر أن السلطات في بوركينا فاسو اعتقلت أكثر من 10 جنود في وقت سابق من هذا الشهر، للاشتباه في تآمرهم ضد الحكومة.

وجاءت الاعتقالات في أعقاب تغيير داخل قيادة الجيش في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عدّه بعض المحللين محاولة من كابوري لتعزيز موقفه داخل القوات المسلحة.

وأعلنت مجموعة إكواس -في بيان- أنّها تتابع بقلق بالغ الأوضاع في بوركينا فاسو، معربة عن تضامنها مع كابوري ومع حكومة وشعب هذا البلد.

وتُعدّ بوركينا فاسو الواقعة غرب أفريقيا والتي لا تُطلّ على أي مسطّحات مائية من بين أفقر دول العالم، ولم تتمتّع بكثير من الاستقرار منذ استقلّت عن فرنسا عام 1960.

المصدر : الجزيرة + وكالات