فريق تفاوض إيراني جديد.. هل غيرت طهران إستراتيجيتها لمفاوضات الاتفاق النووي؟

تغيير فريق التفاوض الإيراني وعدم استعجال طهران يؤخران استئناف الجولة السابعة من مفاوضات فيينا (وكالة الأنباء الأوروبية)

طهران – بعد حوالي 3 أشهر من وصول إبراهيم رئيسي لسدة الحكم في إيران لا يزال الموعد النهائي لاستئناف الجولة السابعة من المحادثات بين إيران والدول الغربية في فيينا بشأن الملف النووي الإيراني غير معروف، حيث اكتفت الخارجية الإيرانية بالقول إن المحادثات ستستأنف في الأسابيع المقبلة.

ومع ذلك، يرى مراقبون أن هناك مسألتين ستؤثران على مستقبل محادثات فيينا، وهما كيفية مواصلة تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتغيير في تشكيلة فريق التفاوض الإيراني بعد التغييرات التي شهدها الجهاز الدبلوماسي للبلاد.

فريق جديد للتفاوض

وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده مؤخرا بأن تشكيلة الفريق الإيراني المفاوض للمحادثات النووية مع الغرب لا تزال قيد الدراسة، مؤكدا أن تغييرات ستحدث في الفريق.

كما نقلت وسائل إعلام إيرانية أمس الأربعاء عن مسؤول في الخارجية الأميركية أن واشنطن تتابع ما يقوله المسؤولون الجدد في وسائل الإعلام، وهو ما يجعلها تدرك أن الفريق الإيراني الجديد ربما لن يقبل إطار العمل الذي تم التفاوض عليه مسبقا "وهو نفس الإطار الذي كنا نتفاوض عليه قبل 20 يونيو/حزيران الماضي".

ضغوط أميركا القصوى

ويعتقد بعض الخبراء أن التغيير في فريق التفاوض النووي يشير إلى أن إيران ليست في عجلة من أمرها لاستئناف المفاوضات.

ويرى محلل الشؤون الدولية والسياسة الخارجية الدكتور مصطفى خوش جشم أن إيران "غير مستعجلة لاستئناف المحادثات مع الغرب، ونحن الآن في نهاية فترة الضغوط الأميركية القصوى، وقد تجاوزنا ذروتها، فيما لم يبدأ الجانب الإيراني ضغطه على الجانب الأميركي بعد"، كما قال.

وأشار خوش جشم -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن "حكومة السيد رئيسي وأعضاء الفريق المفاوض هم من منتقدي سياسات حكومة روحاني الخارجية، لكن بما أن القرار بشأن الملف النووي يتخذ من قبل النظام بأكمله فإن أهداف إيران ومطالبها وشروطها هي نفسها كما كانت من قبل، وسيلتزم فريق التفاوض الجديد بها".

Shanghai Cooperation Organization (SCO) summit in Dushanbe
محللون إيرانيون يرون أن واشنطن وصلت لنهاية ضغوطها القصوى فيما يبدو أن طهران غير مستعجلة لاستئناف المفاوضات معها (رويترز)

أسباب تأخير التفاوض

ويرى المحلل السياسي أن أسباب تأخير حكومة رئيسي استئناف المفاوضات النووية يعود لمراجعتها إستراتيجية التفاوض مع الغرب، وتنفيذ حزمة من السياسات الدفاعية تهدف إلى الحد من تأثير العقوبات، إضافة إلى صياغة حزمة سياسة هجومية تتضمن استخدام أدوات الضغط في المجالات النووية والعسكرية وغيرها من المجالات.

ووفقا لخوش جشم، "ستؤتي هذه السياسات ثمارها في الأسابيع المقبلة، وبناء على خريطة الطريق هذه والنهج الجديد سيذهب فريق مفاوض إيراني جديد إلى فيينا".

وقبيل بدء استئناف جولات جديدة لمفاوضات إيران النووية مع الغرب حاولت إيران توسيع آفاقها الاقتصادية والأمنية باتجاه الشرق وكذلك مع جيرانها، كما تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع الدول العربية والدول الآسيوية الأخرى.

الخارجية وليس المجلس الأعلى

وكان عباس مقتدائي نائب رئيس اللجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان قد كشف مؤخرا أن قضية الملف النووي "لن تكون ذات أهمية كبيرة في الجهاز الدبلوماسي الإيراني الجديد، وسيتم التعامل معها على أنها قضية طبيعية، وأن وزارة الخارجية ستتابع هذا الموضوع"، وهو ما فهم منه التقليل من متابعة المجلس الأعلى للأمن القومي الملف النووي، وهو المجلس الذي يحظى بأهمية خاصة في قرارات إيران الخارجية ويخضع لإشراف المرشد الإيراني.

ومن أبرز مجالات الخلاف في المفاوضات بين إيران والغرب من وجهة نظر طهران إصرار الولايات المتحدة على تغيير بعض بنود الاتفاق النووي، وكذلك استخدام الملف النووي "منصة" لمعالجة النزاعات الأخرى، بما في ذلك الصواريخ والقضايا الإقليمية، وأن إدارة بايدن لا يمكنها تقديم أي ضمانات من عدم انسحاب الإدارات الأميركية اللاحقة من الاتفاق.

من جهته، يقول الدكتور فؤاد إيزدي الخبير في الشؤون الأميركية والأستاذ بجامعة طهران إن إستراتيجية إيران معلنة وتقوم على العودة للالتزام بالاتفاق النووي إذا عادت واشنطن لتنفيذ التزاماتها.

وأضاف للجزيرة نت أن "المشكلة هي أن الأميركيين يبحثون عن اتفاق أقوى وأطول أجلا، ويريدون المزيد من التنازلات في ما وراء القضية النووية".

وتابع إيزدي "تغيير فريق التفاوض لن يغير أداء إيران، ونجاح المفاوضات بات بيد الأميركيين، وإذا عادوا إلى الاتفاق النووي حسب اتفاقية 2015 فستثمر المفاوضات، وإذا أرادوا المزيد من التنازلات من إيران فلن يصلوا لشيء".

عقبة البرلمان الإيراني

ويضاف إلى كل ما سبق التزام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان -الذي أعلنه خلال لقائه بوزير الخارجية الألماني هايكو ماس مؤخرا- بأن الحكومة الإيرانية ستواصل محادثات فيينا، وأنها ستلتزم بقرار البرلمان الإيراني، وهو القرار الذي كانت حكومة الرئيس السابق حسن روحاني تعتبره سببا لفشل محادثات فيينا النووية وعقبة أمام رفع العقوبات.

ووفقا لهذا القرار الذي أقره البرلمان الإيراني في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي فإنه إذا لم تفِ دول "4+1" (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا) بالتزاماتها بالكامل تجاه إيران فإن الحكومة الإيرانية ملزمة باستئناف 20% لتخصيب اليورانيوم، وزيادة احتياطيات اليورانيوم المخصب، وخفض مستوى تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتعليق تنفيذ البروتوكول الإضافي بعد شهرين من إصدار هذا القرار.

وتؤكد مختلف المؤشرات أن الجولة السابعة من المحادثات بين إيران والدول الغربية ستستأنف في الأسابيع المقبلة، لكن لا يزال من غير الواضح إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للعودة إلى الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، أو أن طهران ستقدم المزيد من التنازلات لأجل التوصل إلى اتفاق مع واشنطن.

المصدر : الجزيرة