نوه به بلينكن.. تقرير يوثق مضايقات أمنية مصرية لمعارضين داخل الأراضي الأميركية

أنتوني بلينكن (يسار) أثناء لقاء سابق بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الفرنسية)

تعقيبا على سؤال حول فحوى مناقشاته مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تطرّق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى قضايا حقوق الإنسان واستمرار اعتقال السلطات المصرية بعض المواطنين الأميركيين.

وخص بلينكن بالذكر تقريرا نشر تزامنا مع زيارته للقاهرة عن المعتقلين السياسيين في مصر، وصدر عن مبادرة الحرية -وهي منظمة حقوقية تأسست عام 2016 في واشنطن للتركيز على السجناء السياسيين في العالم العربي- تحت عنوان "وما خفي كان أعظم: أثر ممارسة الاحتجاز غير الشرعي في مصر على أميركيين وعائلاتهم في عام 2020".

The Freedom Initiative Launches its First Report

وكشف التقرير أن المضايقات الأمنية المصرية لا تقتصر على ما يجري داخل الحدود المصرية فقط، بل تمتد لداخل الأراضي الأميركية.

وخلص التقرير إلى أن السلطات المصرية احتجزت ظلما في عام 2020 ما لا يقل عن 11 شخصا يحملون بطاقة الإقامة الدائمة في الويات المتحدة، ولا يزال 5 منهم في السجن و3 ممنوعين من السفر إلى خارج مصر.

كما وثقت مبادرة الحرية نمطا من التخويف يستهدف منتقدي الحكومة المصرية ممن يعيشون في الولايات المتحدة، حيث أشار التقرير إلى 5 حالات لتعرض أشخاص يقيمون بالولايات المتحدة لتهديدات أمنية مباشرة وغير مباشرة، وتهديد باعتقال أفراد أسرهم واعتقال أقارب لهم وسيلةً للضغط عليهم لالتزام الصمت.

وتطرق بلينكن إلى حالة مصطفى قاسم، المواطن الأميركي ذي الأصول المصرية، الذي توفي في المعتقل المصري يوم 13 يناير/كانون الثاني 2020، وتصدرت صورة قاسم مقدمة التقرير الذي جاء في 39 صفحة.

وقال بلينكن "فيما يتعلق بالأميركيين المحتجزين، اسمحوا لي أولا أن أقول إننا ما زلنا نشعر بحزن عميق لوفاة مصطفى قاسم التي لم يكن هناك داع لها أثناء احتجازه. رأينا في الساعات الأخيرة تقرير مؤسسة مبادرة الحرية، التي تقوم بجهود كبيرة لإلقاء الضوء على هذه القضية الهامة. لقد أثرت هذا بالتأكيد في لقائي اليوم، وسنواصل القيام بذلك حتى يتم لمّ شمل الأميركيين مع عائلاتهم".

تأثير وتواصل مع الدوائر الأميركية

وهدف صدور التقرير تزامنا مع زيارة بلينكن للقاهرة إلى إلقاء الضوء على أهمية قضية المعتقلين الأميركيين خاصة، وبقية المعتقلين السياسيين بالسجون المصرية عامة. وفي حديث مع الجزيرة نت أشار الباحث في مبادرة الحرية عمرو أحمد إلى أن التقرير هدف إلى تسليط الضوء على أمرين مهمين، الأول يتمثل في الآثار النفسية والمادية للاعتقالات وما يتبعها من تهديدات للمواطنين الأميركيين وذويهم، ومن هذه الآثار التعامل مع أزمات ما بعد صدمة الاعتقال، وإعادة التأهيل النفسي والمادي بعد الخروج من المعتقل. والهدف الثاني هو "التركيز على منع الحكومة المصرية لمواطنين أميركيين من ممارسة حقوقهم الدستورية من خلال الضغط عليهم وتهديدهم أو احتجاز ذويهم كرهائن".

كذلك تم إرسال التقرير من قبل مبادرة الحرية لجميع صناع القرار المؤثرين والمهتمين بقضايا المنطقة في العاصمة الأميركية، وسمح للمبادرة بالتواصل المستمر مع الكثير من المسؤولين بوزارة الخارجية، لنقل تطورات قضايا المعتقلين أولا بأول، ولم يكن من المفاجئ أن يصل التقرير لبلينكن.

وتجمع علاقات جيدة بين مبادرة الحرية -التي يرأسها محمد سلطان المعتقل الأميركي السابق ذو الأصول المصرية- والكونغرس، حيث تحدث سلطان عدة مرات أمام الكثير من اللجان المعنية بقضايا حقوق الإنسان والشرق الأوسط في مجلسي النواب والشيوخ.

وأشار عمرو أحمد إلى أن مبادرة الحرية "تعمل مع الجالية المصرية لإيصال صوتها لأعضاء الكونغرس، وللتأكيد على أن قضية العمل على إطلاق سراح المعتقلين السياسيين الأميركيين داخل مصر له ثِقل انتخابي محلي في بعض الدوائر الأميركية".

وخص عمرو أحمد علاقات المبادرة المميزة بأعضاء في لجنتي العلاقات الخارجية والموازنة بمجلس النواب، وأضاف أحمد في حديثه للجزيرة نت أن "ذلك يسمح لنا باطلاعهم على تقاريرنا حيث نسعى لأن يكونوا في طليعة المناصرين لحقوق المعتقلين وذويهم".

الناشط الحقوقي المصري محمد صلاح سلطان
مبادرة الحرية يرأسها محمد سلطان المعتقل الأميركي السابق في السجون المصرية (ناشطون)

تهديدات مباشرة

وبالفعل نجح التقرير في الوصول إلى وزير الخارجية الأميركية، الذي أُطلع على "ما يعانيه مواطنون ومقيمون في أميركا من تلقيهم لتهديدات مباشرة أو احتجاز لأهاليهم في مصر كما هي الحال مع حالتي علي مهدي ومحمد سلطان. وسلط التقرير الضوء على أكثر من 26 حالة مشابهة"، يقول عمرو أحمد.

واعتبر أحمد أن هذه التقارير تسهم في "أنسنة قضايا الاعتقال السياسي وتسليط الضوء على ممارسة الأجهزة الأمنية المصرية في انتهاك حقوق الأميركيين في مصر وفي بعض الحالات في الولايات المتحدة".

وتمثل إشارة بلينكن إلى المعتقل الراحل مصطفى قاسم "مؤشرا جيدا على أن مناصرة قضايا المعتقلين في مصر تصل إلى أروقة صنع القرار الأميركي، وأن ثمار العمل على إطلاق سراح ما يزيد عن 60 ألف معتقل ستؤتي ثمارها ولو بعد حين"، يضيف أحمد.

إحباط من موقف إدارة بايدن

وبعد انتهاء زيارة بلينكن للقاهرة بيومين، أظهرت خطة الميزانية الفدرالية تخصيص 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية لمصر كما جرت العادة خلال السنوات الماضية.

وتسببت تلك الخطوة في غضب عدد من المنظمات الحقوقية الأميركية، من بينها مبادرة الحرية، والتي بادرت وأصدرت بيانا حثت فيه الكونغرس على تخفيض حزمة المساعدات العسكرية لمصر إلى مليار دولار أو أقل في العام المقبل، مع الحفاظ على شروط قوية تتعلق بسجل حقوق الإنسان، لإيصال رسالة واضحة مفادها أن العلاقات الثنائية مع مصر لن تقتصر فقط على التركيز المفرط على الجانب العسكري.

المصدر : الجزيرة