موقف متشدد من الصين ومختلف من الشرق الأوسط.. هل تصبح ميشيل فلورنوي أول وزيرة دفاع في تاريخ أميركا؟

Former Defense Undersecretary for Policy Michele Flournoy participates in a panel discussion
ميشيل فلورنوي قد تصبح أول امرأة تقود البنتاغون في التاريخ الأميركي (رويترز)

على الرغم من تقلد النساء في الولايات المتحدة مناصب حكومية قيادية رفيعة -سواء في فريق الأمن القومي، ووزارة الخارجية، أو مستشارات للأمن القومي، أو مديرة وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" (CIA)- لكن لم يسبق لأي امرأة أن ترأست وزارة الدفاع (البنتاغون).

وتتزايد التكهنات في أروقة العاصمة الأميركية عن قرب وصول ميشيل فلورنوي لمنصب وزيرة الدفاع، وهو المنصب الذي يتيح لها ترؤس جيش قوامه 1.3 مليون شخص، إضافة إلى الإشراف على ما يقارب 800 ألف من قوات الحرس الوطني، وحوالي 800 ألف متعاقد مدني يعملون لصالح وزارة الدفاع، وميزانية تتخطى 700 مليار دولار سنويا.

وبعدما غير الرئيس ترامب 5 وزراء دفاع خلال السنوات الأربع الماضية سيتعين على وزير أو وزيرة الدفاع الجديدة في عهد الرئيس جو بايدن إعادة الاستقرار لأكبر وزارة أميركية.

3 تحديات رئيسية
3 تحديات ستكون كفيلة بشغل ذهن وزير الدفاع الجديد، أولها يتمثل في تحدي توزيع لقاح كوفيد-19، وثانيها يتعلق بالتحدي العسكري المتزايد من الصين، وآخرها تحدي تضخم ميزانية البنتاغون والتي يجب أن تنخفض.

وطبقا للخطة الفدرالية الموضوعة من قبل إدارة ترامب والمتعلقة بتوزيع لقاح كوفيد-19 فور التوصل إليه سيتم الاعتماد على الإمكانيات الهائلة المتوافرة لدى البنتاغون، سواء من الأفراد أو الأجهزة أو الطائرات في تخزين وتوزيع اللقاح على مئات الملايين من الأميركيين.

كما سيواجه وزير الدفاع الجديد معضلة تخفيض ميزانية البنتاغون التي تضخمت بصورة كبيرة خلال سنوات حكم ترامب لتصل إلى 738 مليار دولار لميزانية عام 2020، بزيادة بلغت 41% مقارنة بآخر ميزانية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما عام 2016 والتي بلغت 522 مليار دولار فقط.

كما سيتعين على وزير الدفاع الجديد وضع أطر لمواجهة الصعود الصيني العسكري المتسارع في عالم ما بعد جائحة كورونا.

U.S. Under Secretary of Defense for Policy, Flournoy, is seen during a bilateral meeting with China's Deputy Chief of General Staff of the PLA, Ma, in Beijing
تتبنى فلورنوي موقفا متشددا من الصين وتحدثت عن ضرورة وضع خطط لردع بكين في حال قررت غزو تايوان (رويترز)

موقف متشدد من الصين
تتبنى فلورنوي موقفا متشددا من الصين، وترى أنه مع تراجع قدرة واشنطن وعزمها على مواجهة تصعيد بكين العسكري في منطقة بحر جنوب الصين تحتاج الولايات المتحدة إلى ردع قوي للحد من خطر سوء التقدير من جانب القيادة الصينية.

وأشارت فلورنوي في دورية فورين أفيرز في يونيو/حزيران الماضي إلى ضرورة استعداد الولايات المتحدة لإغراق جميع سفن الأسطول الصيني في بحر جنوب الصين خلال 72 ساعة في حال حدوث مواجهة عسكرية.

وكتبت فلورنوي "إذا كان الجيش الأميركي لديه القدرة على التهديد الجاد بإغراق جميع السفن العسكرية الصينية والغواصات والسفن التجارية في بحر جنوب الصين في غضون 72 ساعة فقد يفكر القادة الصينيون مرتين قبل الإقدام على شن حصار أو غزو تايوان، وسيكون عليهم أن يتساءلوا عما إذا كان الأمر يستحق تعريض أسطولهم بأكمله للخطر".

كما شددت فلورنوي على الحاجة إلى الابتكار، ولا سيما في مجال الأسلحة التي تعمل عن بعد والتي تغذيها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فضلا عن الدفاع الإلكتروني والصاروخي، وشبكات الاتصالات والقيادة المرنة لمواجهة التحديات العسكرية المتصاعدة من الصين.

موقف مختلف إزاء الشرق الأوسط
مع توقع سحب إدارة الرئيس ترامب آلاف الجنود الأميركيين من صراعات الشرق الأوسط في أفغانستان والعراق وسوريا سيتعين على فلورنوي مواجهة واقع جديد يختلف عما عهدته مدرسة السياسة الخارجية التقليدية الأميركية خلال العقدين الأخيرين.

وحذرت فلورنوي من التخلي عن الشرق الأوسط، ودعت بدلا من ذلك إلى "مستويات أقل من الوجود العسكري المستمر"، وكمثال على ذلك فقد دعمت فلورنوي دورا محدودا للجيش الأميركي في أفغانستان يركز بشكل أكبر على مكافحة التهديد الإرهابي، وبدرجة أقل على إعادة بناء البلاد.

وبشأن أفغانستان، قالت فلورنوي في مارس/آذار الماضي "نريد تقليل التزامنا هناك، لكننا نريد أن نفعل ذلك بطريقة ذكية تحمي مصالحنا".

أما بشأن إيران فقد دافعت فلورنوي عن إعادة النظر في النهج المتبع لردع الجمهورية الإسلامية من خلال كسر النمط المألوف المتمثل في إرسال المزيد من القوات الأميركية إلى الخليج ردا على الاستفزازات الإيرانية.

وطالبت خلال عدة أحاديث لها خلال الأسابيع الأخيرة بضرورة العمل على بناء قدرات الجيش العراقي، وضرورة التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران يتناول برامج الصواريخ وتدخلاتها الإقليمية.

وعن العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، ترى فلورنوي أن العلاقة صعبة بين الدولتين، وهناك حاجة لحوار صريح بين الرياض وواشنطن بشأن ضرورة التوازن بين المصالح الإستراتيجية المشتركة بينهما، مع التحدث بصراحة حول القلق الأميركي تجاه قضايا حقوق الإنسان وسجن الصحفيين واعتقال الناشطات.

U.S. Under Secretary of Defense Flournoy adjusts her glasses as she prepares to start a meeting with China's Lieutenant-General Ma in Beijing
فلورنوي البالغة من العمر 59 عاما تقلدت عدة مناصب منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي (رويترز)

من هي ميشيل فلورنوي؟
ولدت فلورنوي في ولاية كاليفورنيا عام 1961، وتبلغ 59 عاما من العمر، وحصلت على درجة البكالوريوس في الدراسات الاجتماعية من جامعة هارفارد، ودرجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة أكسفورد البريطانية، وشاركت في تأسيس مركز أبحاث مركز الأمن الأميركي الجديد "سي إن إيه إس" (CNAS) عام 2007 الذي يمثل أحد أجنحة الحزب الديمقراطي الفكرية، وبلغ مرتبها فيه 475 ألف دولار سنويا.

عملت لعدة سنوات باحثة في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، وقبل ذلك كانت أستاذة في معهد الدراسات الإستراتيجية الوطنية في جامعة الدفاع الوطني.

شغلت في منتصف التسعينيات منصب نائب مساعد وزير الدفاع للشؤون الإستراتيجية، كما حررت العديد من الكتب وألفت عشرات التقارير والمقالات حول مجموعة واسعة من قضايا الدفاع والأمن القومي.

كما عملت مع عدد من كبريات الشركات الاستشارية المعروفة بتعاقداتها مع البنتاغون مثل شركة "بوز آلن هاملتون" (Booz Allen Hamilton) وشركة "أميدا" (Ameda) للحلول التكنولوجية وغيرهما.

ثم شغلت فلورنوي منصب منسقة الفريق الانتقالي لإدارة أوباما بايدن عام 2008 في وزارة الدفاع، قبل أن تشغل منصب وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسات من فبراير/شباط 2009 إلى فبراير/شباط 2012.

واتجهت منذ عام 2012 إلى القطاع الخاص في عدة شركات استشارية كبرى، قبل أن تؤسس عام 2016 شركة استشارية خاصة بها "ويست إكس أدفايزرز" (WestExec Advisors) مع توني بلينكين المقرب من بايدن، وأحد المرشحين لمنصب وزير الخارجية أو لمنصب مستشار الأمن القومي.

وتعد فلورنوي من الساسة المعتدلين ممن لهم خبرة العمل في البنتاغون، ولديها سنوات من الخبرة تؤهلها لأن تصبح اختيارا جيدا لشغل هذا المنصب.

وتؤكد فلورنوي على أنها حريصة على إعادة بناء السمعة الدولية لبلادها بعد سنوات حكم الرئيس ترامب، وقالت في مؤتمر عقد في مارس/آذار الماضي إن "الأمر سيستغرق الكثير من العمل على مدى عدد من السنوات لاستعادة تلك الثقة مع الحلفاء".

المصدر : الجزيرة