بدو فلسطين بين مطرقة الأونروا وسندان التهجير

الاحتلال يمهد لهدم تجمع بدوي شرق القدس
الاحتلال يمهد لهدم تجمع بدوي شرق القدس قبل أيام (الجزيرة)

أسيل جندي-القدس المحتلة

يعيش مئات آلاف اللاجئين في الضفة الغربية والقدس، وقد سُجّل نحو 762 ألفا منهم لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، ويسكن ربع اللاجئين في 19 مخيما، فيما يتوزع الآخرون على مدن وقرى الضفة الغربية والقدس.

وتوفر الوكالة للاجئين خدمات عدة من خلال ميزانية سنوية تقدر بـ1.2 مليار دولار، يتم إنفاقها ضمن ثلاثة بنود هي: الميزانية العادية وميزانية الطوارئ وميزانية المشاريع. وقد أوقفت الوكالة معظم خدمات ميزانية الطوارئ مؤخرا بسبب الأزمة المالية الناشئة عن حجب الولايات المتحدة مبلغ ثلاثمئة مليون دولار من المساعدات السنوية عنها.

وتعاني الوكالة من عجز متراكم خلال السنوات الماضية، وهو ما دفعها للإعلان عن إيقاف أو تقليص ست خدمات، هي: المال مقابل العمل، وخدمات القسائم الغذائية للعائلات الفقيرة، وبرنامج المساعدات الغذائية للبدو اللاجئين، وبرنامج الصحة النفسية، والعيادات الصحية المتنقلة، بالإضافة إلى خدمتي الحماية والحيادية.

وتتوزع التجمعات البدوية في القدس على 23 تجمعا ضمن أربع مناطق أساسية، هي: عناتا ووادي أبو هندي وخان الأحمر والجبل، ويقدر عددهم بنحو سبعة آلاف نسمة، وترفض سلطات الاحتلال الاعتراف بوجودهم في هذه المناطق وتسعى لطردهم منها وتقييد حركتهم.

ووفقا لبيانات الأونروا، فإنها تقدم الخدمات لـ87 تجمعا بدويا في الضفة الغربية والقدس، وتشمل هذه الخدمات 6200 عائلة مكونة من نحو 37 ألف فرد يتلقون خدمات إغاثية وصحية.

‪لاجئون فلسطينيون يعتصمون أمام مقر الأونروا في غزة احتجاجا على تقليص الخدمات‬ (الجزيرة)
‪لاجئون فلسطينيون يعتصمون أمام مقر الأونروا في غزة احتجاجا على تقليص الخدمات‬ (الجزيرة)

تملص من المسؤوليات
ويرى بدو فلسطين أن الأونروا تخلت عنهم في أصعب مرحلة يمرون بها نتيجة المخططات الإسرائيلية الرامية لتهجيرهم، وقال إبراهيم الهذالين المتحدث باسم التجمعات البدوية في يطا بجنوب مدينة الخليل إنهم تفاجؤوا بتقليص أو إيقاف الخدمات التي وصلت لهم عام 2005، وإن من المفترض تكثيف المساعدات للبدو في هذه المرحلة استثنائيا وليس قطعها.

وتطرق الهذالين للأوضاع المعيشية القاسية التي يعيشها البدو، بدءا من صعوبة الحصول على الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء وتمديدها، وارتفاع أسعار المواد الغذائية في ظل انعدام فرص العمل لشباب التجمعات.

وقرر البدو الحفاظ على طبيعة حياة البداوة عندما هُجروا من بئر السبع والنقب عام 1948 برفضهم العيش في المخيمات المكتظة، وقال الهذالين إنهم لجؤوا إلى مناطق تناسب طبيعة حياتهم في الضفة، لكن حياة المخيمات باتت أفضل لأن سكانها يملكون القوة البشرية القادرة على الاحتجاج، أما البدو فيتوزعون في تجمعات تُقصّر بحقها كل الجهات وعلى رأسها السلطة الفلسطينية التي تدعي أنها عاجزة عن مساعدتهم لأنهم في المناطق المصنفة (ج)، بحسب قوله.

ويصف الهذالين الآثار السلبية الناتجة عن تقليصات الأونروا بالكارثية، خاصة أنها تشمل جانبين أساسيين هما الصحة والمواد الغذائية، وتنسحب هذه الآثار على كافة التجمعات البدوية خاصة تلك الواقعة بين القدس وأريحا، والتي يخشى سكانها الترحيل في كل لحظة بهدف إقامة أو استكمال مشاريع استيطانية ضخمة.

‪مشعشع: الأونروا اضطرت لإيقاف خدمات دائمة كانت تقدم للبدو منذ عام 2000‬ (الجزيرة)
‪مشعشع: الأونروا اضطرت لإيقاف خدمات دائمة كانت تقدم للبدو منذ عام 2000‬ (الجزيرة)

ترتيب الأولويات
وقال مدير مركز القدس للمساعدة القانونية عصام العاروري إنه يتفهم خضوع الأونروا لضغوط شديدة منشؤها سياسي أميركي إسرائيلي واتهام حكومة الاحتلال للوكالة بالانحياز للفلسطينيين، لكنه لا يجد مبررا للجوئها لتقليصات خدمات البدو وهم الفئة الأكثر فقرا وعرضة للخطر، إذ "يجب إعادة دراسة الأولويات وتوفير بدائل للفئات التي ستتعرض للحرمان، وبدو الضفة الغربية يشكلون نسبة قليلة من اللاجئين".

وتمنى العاروري على السلطة الفلسطينية الانتقال من "الحالة الاستعراضية" بدورها الحالي في تجمعات خان الأحمر إلى حالة التخطيط المدروس، لمساعدة البدو في كل فلسطين الذين يُراد لهم التهجير والتجميع في مساكن لا تتناسب مع طبيعة حياتهم وهي أسوأ من المخيمات.

أما المتحدث باسم الأونروا سامي مشعشع فقال إن الوكالة اضطرت لاتباع إجراءات تقشفية بسبب نفاد كافة الأموال المخصصة لبرامج الطوارئ التي كانت تمولها أميركا، مما أدى لإيقاف خدمات إغاثية وتعليمية وإقراضية دائمة كانت تقدم للبدو منذ عام 2000.

ويجري العمل -بحسب مشعشع- على استيعاب بعض الخدمات التي أوقفت في البرامج العادية للأونروا، وأضاف أنهم يدركون صعوبة ظروف البدو وتأثر خدماتهم كما ونوعا.

المصدر : الجزيرة