"إيقاف الخدمات" بالسعودية.. شكوى وتساؤل عن الجدوى

#ايقاف_الخدمات_ارهقنا_1
ضجت منصة تويتر على وسم #ايقاف_الخدمات_ارهقنا بشكاوى المتضررين من تأثيرات قرار إيقاف الخدمات (التواصل الاجتماعي)
أمين محمد حبلا-الجزيرة نت

بين من يراها انتقاما وعقابا جماعيا وتعسفا قضائيا وإداريا، ومن يراها إنصافا وعدالة وحماية للمجتمع؛ ينقسم السعوديون حول قرار إيقاف الخدمات الحكومية بحق المتخلفين عن سداد ديونهم، وهو القرار الذي يثير لغطا واسعا بسبب تداعياته الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة.

ويعني إيقاف الخدمات -وفق الصحافة السعودية– منع أي مواطن عليه حقوق لم تسدد لمواطن أو جهة ما من الاستفادة من الخدمات الحكومية العديدة، كخدمات الجوازات والأحوال المدنية والمرور، مثل إصدار رخصة القيادة، أو رخصة السير للمركبات، أو بطاقة الأحوال المدنية أو جواز السفر، أو غيرها من معاملات حكومية ترتبط بها العديد من أوجه الحياة المعاصرة.

ومع استمرار تطبيق هذا القرار، وفي ظل اللغط المتواصل حوله؛ لجأ المتضررون منه والرافضون له إلى منصة السعوديين الأولى (تويتر) لإسماع صرختهم وبث معاناتهم جراء قرار قالوا إنه يضرب المنظومة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، ويدمر نفسيات الضحايا، ويلقي بأعباء قاسية على أسر لا ناقة لها ولا جمل في ما حصل.

وبينما ضجت منصة تويتر على وسم #ايقاف_الخدمات_ارهقنا بشكاوى المتضررين من تأثيرات هذا النظام، وما يلقيه من تبعات ثقيلة على الضحايا وأسرهم؛ دافعت أغلب المقالات الواردة في الصحف السعودية عن القرار، باعتباره -وفقا لبعض هذه المقالات- حلا عادلا ومنصفا لأزمة اقتصادية واجتماعية استفحلت في السنوات الأخيرة، وكادت أن تضرب المنظومة الاقتصادية للبلاد.

تشخيص وتوصيف
يصف المغرد أبو جني مشكلة إيقاف الخدمات بأنها "حصار القوي لضعيف وابتزازه في قوته وقوت أطفاله الذي لا يكاد يكفيه أياما معدودة ومع هذا يُحرم منه ويُنكل به ويُضيق عليه وعلى أسرته، كل هذا بسبب جريمة لا تغتفر أتعلم ما هي؟ لأنه مُعسر فقط !!"

ولكن هل الإعسار فقط هو سبب الأزمة المستفحلة؟ ولماذا لا يتم البحث بعمق في أسباب الأزمة؟ يتساءل المغرد ماجد المالكي: "لماذا لا تتم جدولة ديون الناس على حسب رواتبهم؟؟ ولماذا لا يتم النظر بعد الإيقاف من أين يسدد المديون؟ ولماذا لا يرتفع معدل الضمير عند محاكمنا والغوص في أسباب الدين وطُرق سداده؟ أليس من الأجدى التحقيق أكثر في حالة المديون قبل فصله عن الحياة بالإيقاف؟"

وفي إشارة إلى الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تخيم على واقع المواطنين وتدفعهم دفعا نحو هذه القروض، قال المغرد طلال "لولا القروض اللي يأخذونها محد قدر يتزوج لولا القروض محد قدر يشتري سيارة لولا القروض محد يعيش ايقاف الخدمات اعاقة للمواطن له ولأسرته القروض البنكيه مؤمنه لماذا ايقاف الخدمات اذن!؟؟ لشخص ليس على رأس عمل ولا يملك عقار ولا مال".

في حين جأرت مغردة أخرى بالشكوى من الظروف التي تعيشها بعد فرض المنع على زوجها قائلة "8 سنوات وزوجي موقف خدماته ما نقدر نسافر للعمره او الحج او زيارة اهلي حتى اذا مرينا عند نقاط التفتيش اللي داخل الرياض نحس برعب مو طبيعي حياتنا توقفت من 8 سنوات مافيه تقدم كلها رعب وخوف وفقر".

وفي إشارة إلى حجم انتشار هذه الظاهرة وكثرة ضحاياها، قال مغرد يدعى عالي الهاشمي "أنا آخر واحد جاني إيقاف خدمات من اخواني وجميعهم عليهم إيقاف خدمات نظام ظالم وهذا الدليل".

هل أسرق؟
وسخر العديد من المغردين السعوديين مما وصفوه بعقم الخيارات وغياب البدائل الرسمية لمعالجة هذه المشكلة العويصة، فكتب أحدهم -ويدعى عبد الله- سؤال محيرني؟ عندما يرسل قاضي التنفيذ المدين للسجن وهو لا يملك سوى راتبه أو معسر ثم يستدعيه خلال 3 شهور ويسأله : هاه دبرت شيء؟ السؤال اللي محيرني: هل أرسل القاضي المدين للبورصة حتى يسأله هذا السؤال السخيف؟"

وتساءل آخر: هل يريدون مني أن أسرق؛ إذا كان السحب من الصراف موقوفا، وعمليات البيع ونقل الملكية موقوفة وحتى تعديل المهنة أيضا أصبح موقوفا؟ كما تساءل آخر يسمى حسن ظافر عن جدوى إيقاف الخدمات أصلا "إذا كان من أوقفت خدماته لا يستطيع السداد فما الفائدة من إيقافها، ضررها أكثر من نفعها. لذا لا بد من إيجاد حلول بديله تحفظ حقوق صاحب الطلب. ولا تضر المطلوب".

ووصل الأمر ببعضهم إلى المطالبة بإقالة وزير العدل، كما هي حال المغرد علي عقدان المالكي الذي تساءل: "من وراء هذا كله ؟ أليس وزير العدل الذي جعل احتياجات الناس تقف بكبسه زر من وزارته.. وهنا نطالب وبقوه #اقاله_وزير_العدل ليس من المعقول بأن يكون الشعب تحت رحمته".

وفي حين يرى البعض أن إيقاف الخدمات بهذه الطريقة يمثل نوعا من إيقاف الحياة والحكم على أصحابها بالوفاة المبكرة؛ يطالب أحد المغردين الذين "يتحاملون" على هذا القرار بالتوقف عن مطالبة الحكومة بالتدخل، قائلا "تسوون مشاكل وتتسلفون وتجيبون المشاكل لأنفسكم هذا شيء تحلونه مع انفسكم مال الحكومة اي دخل فيكم".

ولم تجد أنّات هؤلاء المغردين آذانا مصغية عند مغرد آخر فكتب: "مثل ما أرهقكم الإيقاف، ترا حقوق الناس الي ماسددتوها ترهقهم!!! سدد واذا ما تقدر تسدد لا تاخذ قروض".

حل مؤذ ولازم
من جهته، اعتبر الكاتب في صحيفة مال الاقتصادية السعودية عبد الخالق بن علي أن إيقاف الخدمات حل مؤذ جدا، ولكنه آخر العلاج؛ فيجب إيقاف أولئك الذين كلما خطر ببالهم شيء اقترضوا من أجله، ومن يستسهلون القرض ولا يحسبون حساب السداد.

ويضيف ابن علي أن إجمالي القروض الاستهلاكية بلغ 318 مليارا و351 مليون ريال بنهاية عام2017، وهذا الرقم الضخم للقروض الاستهلاكية عند أعلى مستوى له في خمس سنوات، كما أن قروض البطاقات الائتمانية قفزت بنحو 30% خلال خمس سنوات، وهو ما يعني أن المجتمع يتجه إلى زيادة قروضه الاستهلاكية حتى في أوقات الأزمات المالية، وفق قوله.

ويشير بدر العتيبي في مقال منشور على صحيفة سبق السعودية إلى أنه بين إيقاف الخدمات والملاحقة القضائية وقعت كثيرٌ من الأسر ضحايا لهذا النظام، وتَشتَّتت وضاقت بهم الحيل بسبب خطأ ارتكبه رب الأسرة؛ إما بالاقتراض وعدم السداد، أو كفالته شخصا لم يلتزم بالأقساط، فسارع التاجر بتقديم شكوى ضده فعُطلت خدماته "بضغطة زر" أدخلته دوامةً من العناء والتعب.

وكان وزير العدل السعودي وليد بن محمد الصمعاني أصدر تعميما متعلقا بضوابط إيقاف الخدمات الحكومية، نصت على ضرورة ألا يترتب عن إيقاف الخدمات الحكومية الصادرة من المحاكم ضرر على التابعين للموقوفة خدماته، وألا يشمل وقف الخدمات الحقوق الأساسية المتعلقة بالعلاج والتعليم والعمل أو توثيق الوقائع المدنية كتجديد الهوية الوطنية، وألا يترتب على وقف الخدمات ضرر عام كإيقاف خدمات المرابطين على الحدود.

ولكن مغردين عديدين أكدوا أن مقتضيات هذا التعميم بقيت حبرا على ورق، وأن عائلات الضحايا ما زالت تؤخذ "بجرائر" آبائها والمسؤولين عنها.

المصدر : الجزيرة + الصحافة السعودية + مواقع التواصل الاجتماعي