قانون مرتقب لمحاربة الحسابات الوهمية بالكويت

قانون منتظر في الكويت لمواجهة الحسابات الوهمية - شخص يستخدم اللابتوب
"بُوعَسَم" دخل عالم "تويتر" مأخوذا بالدور الذي لعبته مواقع التواصل بالثورات العربية (الجزيرة نت)

نادية الدباس-الكويت

ما إن اندلعت ثورات الربيع العربي مطلع عام 2011 حتى دخل "بُوعَسَم" عالم "تويتر" مأخوذا بالدور الذي لعبته مواقع التواصل الاجتماعي في تلك الثورات، وما شكلته من فضاء إعلامي خاص بالمؤمنين بالثورات في ظل السيطرة شبه الكاملة للحكومات على الإعلام التقليدي.

لم يستغرق بُوعَسَم وقتا طويلا لينال شهرة كبيرة بين رواد تويتر من الكويتيين والخليجيين بفعل النبرة الساخرة التي طبع بها تغريداته، وليعرفوا بعد ذلك بوقت قصير أن بُوعَسَم ليس إلا محمد العجمي، الشاب الذي بدأ لتوه آنذاك في شق طريقه بعالم الكتابة الساخرة.

يقول محمد العجمي في حديث مع الجزيرة نت، إن هناك أسبابا أمنية كانت وراء اتجاهه للكتابة تحت اسم مستعار، فقد كان يرغب في كتابة ما يروق له دون مسؤولية، وأضاف "لكن الأمر انكشف من خلال صحيفة كنت أكتب بها، ولما كانت شهرتي بهذا الاسم قد طافت الأرجاء لم أغيره، والآن صرت معروفا بين الجميع باسم بُوعَسَم، حتى أمي أصبحت لا تناديني إلا به".

ويدافع العجمي عن مواقع التواصل والفضاء الذي أوجدته، ويرى أن تويتر خلق لكي يكتب الجميع ما يريدون، حتى وإن اختبؤوا خلف أسماء مستعارة، "ورغم أنني ضد ما تقوم به بعض الحسابات الوهمية من ادعاءات باطلة وطعن في الأشخاص، فإنني أرى أن أي محاولة لتقييد هذا الفضاء عبر تشريعات جديدة سيفرغه من مضمونه".

لكن وإن كان العجمي قد أصبح معروف الهوية بالنسبة للجميع في تويتر، فإن الواقع يشي بوجود كثير من الحسابات الوهمية التي لا يعرف أصحابها، مع أن عددا غير قليل منها يحظى بمتابعة من عشرات الآلاف، وهذا -وفقا لمراقبين- هو مكمن خطورتها حيث تحظى لدى قطاع كبير من متابعيها بالمصداقية، وبالتالي فإن هذا يكسبها قدرا لا بأس به من التأثير.

أستاذ الإعلام في جامعة الكويت الدكتور محمود الهاشمي (الجزيرة نت)
أستاذ الإعلام في جامعة الكويت الدكتور محمود الهاشمي (الجزيرة نت)

التباعد الاجتماعي
أستاذ الإعلام في جامعة الكويت دكتور محمود الهاشمي يرى أن مواقع التواصل أصبحت في كثير من الأحيان وسيلة للتباعد الاجتماعي، بسبب نيلها من خصوصية الأشخاص وعدم مراعاتها للعادات والتقاليد، وتكون النتيجة هي الاختصام لدى القضاء.

ويضيف للجزيرة نت "نعلم أنها حرية شخصية، ولكن إذا ما تعدت استخداماتها وأضرت بالأشخاص والمجتمع، فلابد من وقفة للجهة المسؤولة وهي الدولة عبر قانون جديد، فهناك بعض الحسابات الوهمية التي لا يُعرف من وراءها والتي تقوم ببث شائعات، وبعضها قد يكون مدعوما من جهات خارجية تهدف إلى زعزعة والأمن والاستقرار".

ورغم أن الكويت أقرت قانونا للجرائم الإلكترونية قبل نحو ثلاث سنوات، فإن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح دعا قبل أسبوع أعضاء البرلمان إلى الإسراع بإصدار التشريعات اللازمة لضمان انضباط استخدام وسائل التواصل بعد أن أصبحت الحسابات الوهمية "أداة للفتن والابتزاز والهدم والاسترزاق المدمر"، على حد تعبيره.

أستاذ القانون الدستوري في جامعة الكويت الدكتور فواز الجدعي يقول في حديث للجزيرة نت إن التغريد بأسماء وهمية ليس حكرا على الكويت أو الدول العربية، وإنما هي ظاهرة منتشرة عالميا، ويتابع "لعل صغر حجم الكويت وقدرة المجتمع على التفاعل الفوري والسريع مع المعلومات في الفضاء الإلكتروني يؤثر على الواقع المُعاش، وربما كانت هناك حاجة تشريعية لقانون، لكن الأقدر على تبرير هذه الحاجة هو البرلمان".

الحسابات الوهمية تنتهك حرمات الأشخاص ومنازلهم (الجزيرة-أرشيف)
الحسابات الوهمية تنتهك حرمات الأشخاص ومنازلهم (الجزيرة-أرشيف)

تطبيق النصوص
ودعا الجدعي إلى الانتظار إلى أن تتقدم الحكومة بالقانون ليتسنى الحكم عليه، ويضيف "سنرى وقتها مدى الحاجة لقانون جديد، لكن في الوقت نفسه أؤكد أن كثرة التشريعات تؤدي إلى شلل في تطبيق نصوصها".

وصف الجدعي المقترحات الداعية إلى ربط الحسابات في مواقع التواصل بالرقم المدني -رقم الهوية الوطنية- بأنه غير دستوري ويعد انتهاكا لحق الخصوصية.

وفي الآونة الأخيرة، باتت الحسابات الوهمية طرفا في دعاوى قضائية كثيرة رفعتها شخصيات عامة، في انعكاس للمعدلات المطردة للجرائم الإلكترونية في الكويت، حيث تشير إحصاءات صادرة عن إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية إلى تعاملها مع أكثر من 3500 قضية خلال عام 2017.

وأعلنت الإدارة قبل أيام نجاحها في إغلاق مئات الحسابات الوهمية المنتشرة على مواقع التواصل خصوصا تويتر، وضبط بعض القائمين عليها وإحالتهم إلى المحاكمة.

الصرعة الأحدث
الخبير في التقنيات ونظم المعلومات الدكتور أنور الحربي أشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن الصرعة الأحدث في إدارة الحسابات الوهمية هي "بوتنت"، وترمز إلى شبكة من الحاسبات تديرها روبوتات، لتقوم بما يقوم به المستخدم العادي من إعادة تغريد وإعجاب وعدم إعجاب وغيره.

ويستطرد "قد تستغل التغريدات التي تبثها تلك الشبكات في الإساءة إلى الشخصيات العامة في الدول، وتنتهك حرمات الأشخاص والمنازل في بعض الأحيان، ولعل ما يشير إلى عظم المشكلة ما كشفت عنه دراسة أميركية من أن الروبوتات تشغّل ما نسبته 15% من حسابات المغردين في تويتر البالغ عددها نحو 350 مليون حساب فعال.

وعن مدى إمكانية تتبع الحسابات الوهمية، يختم الحربي بالقول إن الأمر متفاوت، وهناك عوامل تلعب دورا في تسهيل أو تصعيب تعقب الحسابات الوهمية، ويضيف "إذا كانت تلك الحسابات تغرد من داخل الكويت، فإن الكشف عنها من السهولة بمكان.

وتقوم الجهات المختصة بتعقب عنوان بروتوكول الإنترنت الذي ترمز آخر أربعة أرقام منه إلى الدولة، أما إذا كان الحساب يبث من خارج الكويت، فإن الكشف عنه سيكون أصعب ويحتاج إلى تعاون دولي".

المصدر : الجزيرة