ترقب بالسودان انتظارا لقرار رفع العقوبات الأميركية

A Sudanese boy demonstrates outside the US embassy in the capital Khartoum on November 3, 2015, to protest against sanctions imposed on their country by the United States. Soudan has been under a US trade embargo since 1997 imposed over rights abuses and support for radical Islamist groups in the early 1990s. The writing in Arabic reads: 'No to sanctions' AFP PHOTO / ASHRAF SHAZLY (Photo credit should read ASHRAF SHAZLY/AFP/Getty Images)
الولايات المتحدة فرضت عقوبات اقتصادية على السودان منذ 1997 (غيتي)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

 يعيش السودان على المستويين الرسمي والشعبي حالة ترقب مشحونة بكثير من القلق مع اقتراب موعد الإدارة الأميركية حسم موضوع رفع عقوباتها الاقتصادية عن الخرطوم من عدمه وهو الإجراء المتوقع يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول القادم.

وتقول السلطات السودانية إنها تنتظر رفع العقوبات الأميركية بعد أن أوفت بالتزاماتها فيما عرف بالمسارات الخمسة التي حددت زمن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

وتشمل هذه المسارات العمل على استقرار الوضع في دولة جنوب السودان، ووقف دعم "جيش الرب" الأوغندي، وتحسين الوضع الإنساني في مناطق النزاع في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وتسهيل إدخال المساعدات إليها، فضلا عن وقف العمليات العسكرية في أماكن القتال، ومكافحة الإرهاب والحد من عملية الاتجار بالبشر.

وقد منحت الإدارة الأميركية السودان ستة أشهر تنتهي في 12 من أكتوبر/تشرين الأول المقبل للإبقاء على العقوبات التي تفرضها عليه منذ 1997 أو رفعها جزئيا. وبررت الخارجية الأميركية تأجيل رفع العقوبات بعدم تحقيق السودان التقدم اللازم في المسار المتعلق بحقوق الإنسان.

ورغم صعوبة الإيفاء بتلك الشروط المذكورة، فإن الحكومة السودانية تبدي تفاؤلها باتخاذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب قراره برفع العقوبات "لأن الاستجابة السودانية كانت تمثل نسبة لا تقل عن 80% من المتطلبات" وفق مسؤول حكومي.

وفي مقابل تفاؤل الحكومة، يستبعد متابعون رفع العقوبات على الأقل في الموعد المضروب معتبرين أن السودان لم ينفذ جميع ما طلب منه أميركيا.

وتأتي حالة حقوق الإنسان -الشرط غير المعلن- وتدهور الأوضاع الأمنية بإقليم دارفور في مقدمة ما يعتمد عليه مستبعدو رفع العقوبات في تبرير وجهة نظرهم.

أكد نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان السوداني متوكل محمود التجاني أن حكومته أوفت بكافة الالتزامات والاشتراطات المتفق عليها مع الإدارة الأميركية لرفع العقوبات

حراك بواشنطن
وفي خطوة استباقية، يجري وفد سوداني برئاسة وزير الخارجية إبراهيم غندور مباحثات مع مسؤولين أميركيين في واشنطن بهدف التأثير في قرار الإدارة الأميركية المزمع، في وقت ختم فيه وفد من الكونغرس الأميركي الأسبوع الماضي مشاورات مكثفة مع مسؤولين حكوميين بالخرطوم. اعتبرتها وسائل إعلام محلية محاولة لبحث مرحلة ما بعد رفع العقوبات.

وضمن هذا السياق، أكد نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان السوداني متوكل محمود التجاني أن حكومته أوفت بكافة الالتزامات والاشتراطات المتفق عليها مع الإدارة الأميركية لرفع العقوبات.

وتتوقع الحكومة السودانية كما يقول التجاني للجزيرة نت قرارا إيجابيا يقضي برفع كامل للعقوبات الاقتصادية التي أثرت في المواطن السوداني في كافة مجالات حياته "بشهادة تقرير المقرر الخاص بمجلس حقوق الإنسان والمعني بأثر العقوبات الأحادية على الشعب السوداني".

ويبدي المسؤول السوداني اطمئنانه لعدم تأثر متخذي القرار بما يجري من خروقات للشروط المطلوب تنفيذها. ويقول إن ما حدث من مصادرات للصحف وبعض الاعتقالات "قد يكون لها مبررها القانوني".

أما فيما يخص أزمة إقليم دارفور، فيرى التيجاني أن الحكومة قد بذلت من الجهود ما يكفي لمعالجتها، وقال "لا أعتقد أن التطورات الأخيرة ستكون ذات تأثير يعرقل اتخاذ قرار إيجابي"، لافتا إلى أن "جميع المسؤولين الأميركيين الذين زاروا البلاد أقروا بحدوث تقدم كبير".

الدومة: لم تنفذ الشروط الخمسة بالصورة المطلوبة(الجزيرة)
الدومة: لم تنفذ الشروط الخمسة بالصورة المطلوبة(الجزيرة)

تطورات سلبية
وفي الاتجاه المقابل، يعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة أم درمان الإسلامية صلاح الدومة أن الحكومة لم تنفذ الشروط الخمسة بالصورة المطلوبة لا سيما ما يتعلق بالسلام والحريات، وما يجري في دارفور من تطورات سلبية غاية بالأهمية.

ويعلل الدومة توقعه باستمرار ما أسماها "سياسة التخويف" التي تنتهجها الحكومة ومصادرة الحريات العامة والإعلامية.

وبرأيه أن التقدم الوحيد الذي أحدثته الحكومة يتمثل في تغيير لغة الخطاب السياسي "الذي حتما يخالفه الواقع"، وفق تفسيره.

ويبتعد موقف أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم عبده مختار موسى عن سابقه ليؤكد أن الحكومة أوفت بكثير من الشروط لكنها لم تصل لكامل المطلوب بعد " لكنه يمهد لرفع العقوبات".

لكن موسى يتفق مع الدومة في أن التضييق على القوى السياسية المعارضة واعتقال الناشطين السياسيين ومصادرة الصحف والابتعاد عن التحول الديمقراطي والتبادل السلمي للسلطة وتدهور حالة حقوق الإنسان في البلاد "عوامل ربما تجعل من إدارة ترمب تتريث قبل اتخاذ القرار الذي يمنح الحكومة حرية في كثير من تحركاتها السلبية تجاه مواطنيها".

وتوقع صدور قرار برفع العقوبات "لكنه سيكون مصحوبا بملحق شروط جديدة لضمان عدم نكوص النظام السوداني عن تعهداته التي التزم بها أمام المجتمع الدولي".

المصدر : الجزيرة