هل تحولت مصر لبلد الاختفاء والموت؟
دعاء عبد اللطيف-القاهرة
وبالتزامن مع اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري الذي يوافق يوم 30 من أغسطس/آب كل عام، تعيش آلاف الأسر في رعب من أن يلاقي ذووهم المختفون نفس المصير.
يقول جمال عبد الرحمن (والد الشاب) إن الشرطة اعتقلت ابنه بلا تهمة محددة، وتم إخفاؤه ولم يعرض على النيابة العامة ولم يُعرف له مكان احتجاز.
ويصف الأب للجزيرة نت الاختفاء القسري بأنه موت للإنسانية والعدل والمروءة، ويضيف "أسر المختفين يموتون كل لحظة بسبب القلق على مصير أبنائهم وذويهم.. إنه بمثابة موت قبل الموت".
إحصائيات
ورصد المجلس القومي لحقوق الإنسان -الذي تعين الحكومة أعضاءه- 266 حالة بين أبريل/نيسان 2015 ومارس/آذار 2016.
بينما وثق تقرير لمركز النديم 1015 حالة اختفاء قسري خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2016 حتى نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه.
وتواصلت رابطة أسر المختفين قسريا مع 120 أسرة اختفى ذووهم العام الحالي، كما رصدت ظهور 837 حالة اختفاء في الفترة من أول يناير/كانون الثاني حتى 20 أغسطس/آب، عرضوا على نيابة أمن الدولة العليا.
لكن هذه الأرقام ربما لا تعني شيئا للجهات الأمنية، فاللواء علي عبد المولى مساعد وزير الداخلية نفى وجود أي اختفاء قسري بمصر. واعتبر في كلمته خلال اجتماع لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، في مايو/أيار 2016، الحديث عن حالات اختفاء قسري داخل مصر بأنه "تشويه لصورة الدولة".
وفي تقرير لها، قالت منظمة العفو الدولية إن الأمن الوطني بمصر يعذب مواطنين ويخضعهم للاختفاء القسري، مؤكدة أن ظاهرة الاختفاء شملت مئات الطلاب والنشطاء والمتظاهرين وبينهم أطفال.
جريمة بشعة
بدوره اعتبر المحامي ومنسق رابطة أسر المختفين قسريا أن الاختفاء القسري جريمة بشعة تسبب ألما كبيرا للمختفي وأسرته. وأوضح إبراهيم متولي للجزيرة نت أن القانون الدولي يعتبر الإخفاء القسري جريمة ضد الإنسانية عند ممارستها بشكل ممنهج، ولا تسقط بالتقادم.
وأضاف أن السلطة بمصر تمارس الإخفاء القسري بشكل ممنهج منذ الانقلاب العسكري على أول رئيس منتخب للبلاد يوم 3 يوليو/تموز 2013 بحق من تشك أنه يعارض سياستها، وأحيانا يقع ضحيتها مواطنون عاديون ليس لهم أي انتماء سياسي بسبب مشادات مع ضباط.
ويتعرض المختفون قسريا للتعذيب بشكل ممنهج من أجل الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها، بل تقوم الأجهزة الأمنية بقتلهم وتزعم أنهم تبادلوا معها إطلاق النار أثناء القبض عليهم، وفق قول منسق رابطة أسر المختفين قسريا.
وقد تمكنت الرابطة من رصد أكثر من عشر حالات قتل لمختفين قسريا تم توثيق أربع حالات منها منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ولكن الناشط الحقوقي والقيادي بجبهة الضمير عمرو عبد الهادي لديه رؤية تبدو مختلفة لليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، فيعتبره بلا فاعلية بعد أن كشفت ثورات الربيع العربي زيف تلك المناسبات.
وأوضح عبد الهادي للجزيرة نت أن الغرب صنع هذه المناسبات ليستغلها فقط ضد الحكام الذين يخرجون عن طوعه ولا ينصاعون لأوامره.
وتابع "أجهزة السيسي تُخفي الطلاب والسياسيين قسريا ثم تعلن بعد ذلك عن تصفيتهم دون خوف أو اعتبار للمجتمع الدولي أو القوانين والمواثيق الدولية".
وأشار الناشط الحقوقي أن الدستور يجرم الإخفاء القسري بموجب تجريمه في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق السياسية والدينية، كما يعتبره مجلس الأمن جريمة حرب.
وتوقع عبد الهادي أن تستمر هذه التجاوزات لأن "من أمِن العقوبة أساء الأدب".