هل يتنحى سلفاكير عن السلطة؟

جوبا – جنوب السودان – رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت مع اعضاء وفد مجلس الامن الدولي برئاسة مندوبة الولايات المتحده السابقة بمجلس الامن سامانثا باور – يوليو 2016م – تصوير / مثيانق شريلو .
سلفاكير ميارديت مع وفد لمجلس الأمن خلال زيارته جوبا العام الماضي (الجزيرة نت)

مثيانق شريلو-جوبا

لا يزال الحديث عن احتمال وجود تسوية سياسية جديدة تعيد خريطة الاستقرار السياسي والأمني في دولة جنوب السودان حاضرا في كافة المنابر باستثناء الرسمية منها لكونها تدخل ضمن معادلات الموقف الحكومي برئاسة سلفاكير ميارديت وحليفه الجديد ونائبه الأول تعبان دينق قاي الرافض لبروز أي اتجاه يعيد النظر في اتفاقية السلام التي بموجبها تم تعيينه في منصبه عقب خروج رياك مشار زعيم المعارضة المسلحة والخصم التقليدي للرئيس سلفاكير من البلاد.

وفي وقت تتحاشى فيه الحكومة التعرض للتسوية المحتملة التي تحركها ضغوطات إقليمية ودولية ظهرت تسريبات من الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا (إيغاد) -التي لعبت دور الوساطة في سلام جنوب السودان- تلمح إلى تسوية جديدة تبعد سلفاكير عن السلطة وتقترح أسماء بديلة له.

ومع أن التكهنات لا تزال متضاربة بشأن حقيقة هذه التسوية إلا أن محللين أكدوا أن كل الاحتمالات واردة، خاصة أن دولا غربية كبرى أعلنت عن إيقافها كافة أشكال الدعم للحكومة، ورهنت استئنافه بتحقق تسوية تعيد الاستقرار الكامل للبلاد.

نفي حكومي
وكانت مصادر من هيئة إيغاد أشارت إلى أن الرئيس سلفاكير سيتنازل طوعا عن السلطة لصالح تشكيل حكومة توافقية برئاسة ربيكا قرنق أرملة مؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق.

‪أتينج ويك: الرئيس لم يتحدث يوما عن أي موضوع يتعلق بتنحيه‬ (الجزيرة نت)
‪أتينج ويك: الرئيس لم يتحدث يوما عن أي موضوع يتعلق بتنحيه‬ (الجزيرة نت)

وظهرت هذه التسريبات إلى العلن عقب اجتماع عقده سلفاكير وربيكا بحضور الرئيس الأوغندي يوري موسفيني ضمن جهود لتسريع توحيد الحزب الحاكم المنقسم منذ 2013.

وأشارت تسريبات أخرى إلى أن وزير خارجية ألمانيا زيغمار غابرييل -الذي زار جوبا نهاية الأسبوع الماضي- طرح نفس المسألة، علما أن ألمانيا من ضمن الدول الغربية الكبرى التي هددت بإيقاف دعم الحكومة إلى حين التوصل لتسوية سياسية جديدة تعيد الاستقرار إلى البلاد.

غير أن أتينج ويك المتحدث الرسمي باسم سلفاكير رفض الإقرار بصحة وجود اتجاه لتسوية سياسية تبعد رئيسه من السلطة مؤقتا، وقال للجزيرة نت إن الرئيس لم يتحدث يوما عن أي موضوع يتعلق بتنحيه أو استمراره في السلطة، مؤكدا في الوقت ذاته "أن الاتفاقية الموقعة بين الأطراف الرئيسية في البلاد تسير على نحو جيد، وهناك تقدم ملحوظ بشأن عدة بنود".

وفي أغسطس/آب 2015 وقع كل من سلفاكير ونائبه السابق رياك مشار على اتفاقية لتسوية النزاع بجنوب السودان لكنها لم تصمد طويلا، وسرعان ما أدى تجدد المواجهات بين القوات الموالية للزعيمين داخل جوبا في يوليو/تموز من العام الماضي إلى خروج مشار من العاصمة وإقالته من قبل سلفاكير الذي عين بدلا عنه الجنرال تعبان دينق قاي في منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية.

ولكن هذه الخطوة وصفها مشار بأنها انقلاب على اتفاقية السلام لتعود البلاد مرة أخرى إلى دوامة جديدة من العنف المسلح مع ظهور أكثر من أربع حركات جديدة تحمل السلاح ضد الحكومة.

بصيص أمل
بدوره، يؤكد مناوا بيتر قاركواث القيادي البارز في المعارضة المسلحة التي يقودها رياك مشار أن الضغوط التي تقوم بها جهات إقليمية ودولية على الحكومة في جوبا تحمل مؤشرات بوجود بصيص أمل لمواطني البلاد في سبيل استعادة الاستقرار الشامل فيها.

‪تسريبات من منظمة إيغاد أسندت لربيكا قرنق رئاسة حكومية توافقية في إطار تسوية بجنوب السودان‬ (الأوروبية-أرشيف)
‪تسريبات من منظمة إيغاد أسندت لربيكا قرنق رئاسة حكومية توافقية في إطار تسوية بجنوب السودان‬ (الأوروبية-أرشيف)

ويشير مناوا بيتر في حديثه للجزيرة نت إلى أن تنحي سلفاكير سيفتح المجال أمام التوصل إلى تسوية سياسية بين مختلف القوى السياسية المسلحة والسلمية في البلاد ويدعم فرص المصالحة الوطنية.

 لكن بيتر رفض فكرة تولي ربيكا قرنق السلطة في البلاد "على الرغم من أنها شخصية وطنية ولديها الكثير من المواقف المشرفة عقب اندلاع الحرب في البلاد"، معتبرا أن الوضع الذي سيخلفه الرئيس سلفاكير لا يمكن معه القبول برئيس آخر من قبيلة الدينكا.

بدوره، استبعد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الكاثوليكية بجوبا جيمس أوكوك وجود تسوية سياسية يمكن أن تقود إلى تنحي سلفاكير وإحلال ربيكا قرنق بديلا عنه.

وأشار أوكوك في حديثه للجزيرة نت إلى "أن أي حديث حول تنحي الرئيس في الوقت الحالي يدخل ضمن سياق اجتهادات ليس إلا".

ويدلل على حديثه بأن الحزب الحاكم لا يزال يلتزم بالتراتبية الحزبية التي تضع جيمس أوكوك نائب الرئيس جيمس واني أيقا بديلا حال تنحي سلفاكير، وختم بأنه "بحسب الوقائع، فإن تنحي الرئيس يعد ضربا من الرومانسية أكثر من كونه تسوية واقعية".

المصدر : الجزيرة