مؤتمرون بالدوحة: التعليم من أجل حقوق الإنسان

المؤتمر الدولي حول مقاربات حقوق الانسان في مواجة حالات الصراع في المنطقة العربية
المؤتمرون أكدوا أن الحقوق الاقتصادية وحدها لا تكفي لأن حقوق الإنسان منظومة متكاملة (الجزيرة)

رفيعة الطالعي-الدوحة

اتفق عدد من الباحثين والمدافعين العرب عن حقوق الإنسان على أن غياب الثقافة والوعي العميقين في المجتمعات العربية، من الأسباب المباشرة لعدم وجود المحاسبة القانونية وإقصاء قيم المشاركة والعدالة.

وقالوا إن مشكلات الأمن في البلدان العربية تحل عن طريق بناء سياسات صحيحة، وإن حقوق الإنسان تساعدنا على فهم الواقع وتساعد المسؤولين على تطوير سياسات على أساس المواطنة، وليس على أسس القبيلة أو العرق أو الانتماء المذهبي أو الديني.

وفي المؤتمر الإقليمي بشأن مقاربات حقوق الإنسان في حالات الصراع بالمنطقة العربية المنعقد في الدوحة، أكد مشاركون أن الخطوة الأساسية الأولى لترسيخ ثقافة حقيقية تحترم حقوق الإنسان هي إدماج المفاهيم والقيم الحقوقية في المناهج الدراسية. وأشاروا إلى أن استعمال القوة بهذا الشكل الجديد العنيف في المنطقة ما هو إلا دليل على تغليب العنف.

وقال مدير المعهد العربي لحقوق الإنسان بتونس عبد الباسط بن حسن -في كلمته بالجلسة التفاعلية المتعلقة بحقوق الإنسان كمنهج وقائي- إن تغليف المصالح بالأيديولوجيا والمذهب هو ما أدى إلى الحالة التي وصفها بالمزرية للثقافة والتعليم في المنطقة، وحذر من أنه إذا لم يتم إصلاح هذه الثقافة العميقة ستظل المجتمعات العربية تنتج الواقع نفسه.

وفي رد على سؤال يتعلق بأولوية الأمن على حقوق الإنسان في المنطقة وما إذا كان هناك صدام بينهما، أوضح بن حسن أن الصدام بينهما ما هو إلا وجه لهذه الثقافة العميقة، وعلينا أن نتصالح مع حقوق الإنسان، مستهجنا الحديث المبالغ فيه عن الأمن "عندما نبدأ الحديث عن موضوعات محددة في حقوق الإنسان مثل حقوق الأقليات وحقوق المرأة والاستبداد"، وأضاف "ينبغي علينا -كدول وحكومات ومجتمعات مدنية- أن نستخدم حقوق الإنسان وسيلة وقاية وحماية وأداة لتحقيق تنمية مستدامة".

‪المؤتمر الدولي بشأن مقاربات حقوق الإنسان في مواجهة حالات الصراع بالمنطقة العربية يواصل أعماله‬ منذ أمس (الجزيرة)
‪المؤتمر الدولي بشأن مقاربات حقوق الإنسان في مواجهة حالات الصراع بالمنطقة العربية يواصل أعماله‬ منذ أمس (الجزيرة)

الغذاء وحقوق الإنسان
وقالت السيدة كيت غيلمور نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان إن عدم التصديق على اتفاقيات حقوق الإنسان هو دليل على عدم رغبة الدول العربية في الالتزام والتصالح مع حقوق الإنسان، مؤكدة أن التصديق على هذه المعاهدات والآليات الدولية هو طريق مباشر لاحترام حقوق الإنسان واعتبارها وسيلة وقاية وحماية.

وأشارت غيلمور إلى أن المجتمعات العربية مجتمعات شابة، مقارنة بين متوسط الأعمار على سبيل المثال بين اليمن وألمانيا، وقالت إن متوسط العمر في اليمن هو 16 عاما، بينما في ألمانيا هو 46 عاما، وهذا ما يحتم إشراك الشباب في وضع السياسات، وهذا في رأيها من أكبر التحديات التي تواجه الدول العربية.

وفي إحدى المداخلات قال مشارك إنه في بعض البلدان العربية -وخاصة في مناطق النزاعات والحروب- يحتاج الناس إلى أولويات الحياة مثل الغذاء والرعاية الصحية والتعليم، وفي بعض المجتمعات العربية ينعم الناس بأوضاع معيشية ذات مستويات عالية، ويتمتعون بحقوق اقتصادية مميزة، وحقوق الإنسان لا تشكل أولوية بالنسبة لهم.

غير أن مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش لمنطقة الشرق الأوسط سارة ليا واتسون، قالت إن الحقوق الاقتصادية وحدها لا تكفي، فحقوق الإنسان منظومة متكاملة ينبغي أن يتمتع بها الناس، فالإنسان لا يحتاج الغذاء والصحة والتعليم فقط، الناس لهم عقول يفكرون بها، وينبغي أن يتمتعوا بحقوق سياسية وثقافية ومدنية، والتمتع بهذه الحقوق مهم جدا من أجل تحقيق قيم المشاركة والعدالة.

ورصد مشاركون تطورا في السنوات الثلاثين الأخيرة من تاريخ الأمة العربية، يتمثل في وجود لجان ومنظمات معنية بتوثيق ورصد ومناقشة قضايا الإنسان في كل الدول العربية، وهناك وعي يرتفع بين الناس، وإن كان لا يزال محدودا، فهو مؤثر في بعض القطاعات.

ولكن يبقى مهما -كما يرى مدافعون عن حقوق الإنسان- أن يتحرر صانع القرار السياسي من خوفه من منظمات المجتمع المدني الناقدة، حيث إن ما يقوم به المجتمع المدني من مطالبة ودفاع عن حقوق الإنسان هو عامل مساعد على نجاح السياسات واستقرار المجتمعات.

المصدر : الجزيرة