سحب الجنسية.. سلاح جديد ضد المعارضة المصرية

سحب الجنسية هدفه التنكيل بمعسكر الثورة حسب مراقبين تصوير زميل مصور صحفي مسموح باستخدامها
المعارضون يعتبرون سحب الجنسية سلاح جديد للنظام المصري للتنكيل بمعسكر الثورة (الجزيرة)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

تتجه السلطة في مصر لسلاح الحرمان من الجنسية والهوية، التي تربط الإنسان بوطنه والأرض التي ولد فيها كإجراء لمعاقبة معارضيها.

فبعد سنوات من الملاحقات القضائية والاعتقالات وأحكام بالإعدام، قرر قسم التشريع بمجلس الدولة الاثنين الماضي إضافة وسيلة جديدة لتعذيب المعارضين بالموافقة على تعديلات طرحتها الحكومة المصرية على قانون الجنسية المصرية لتوسع حالات سحبها "لكل من يستهدف النظام العام للدولة".

وشملت تعديلات القانون إسقاط الجنسية حال صدور حكم قضائي يثبت انضمام حامل الجنسية إلى أي جماعة أو جمعية أو جهة أو منظمة أو عصابة أو كيان يهدف للمساس بالنظام العام للدولة، أو تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي لها بالقوة أو بأي وسيلة من الوسائل غير المشروعة.

ويتوسع القانون في إضافة حالة جديدة لإسقاط الجنسية تتعلق بصدور حكم بالإدانة في جريمة مضرة بأمن الدولة من جهة بالخارج أو الداخل.

‪الكومي: سحب الجنسية إجراء غير دستوري‬ (الجزيرة)
‪الكومي: سحب الجنسية إجراء غير دستوري‬ (الجزيرة)

وتنص المادة السادسة من الدستور المصري على أن "الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية، والاعتراف القانوني به ومنحه أوراقا رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله القانون وينظمه".

لكن بموجب التعديلات الجديدة، التي تضمنت تعبيرات فضفاضة حسب مراقبين، أصبحت الحكومة المصرية تمتلك رخصة إسقاط الجنسية عن المدانين بحكم باتّ أو حتى غير نهائي -قابل للطعن عليه- في قضايا سياسية، وبذلك يكون آلاف المعتقلين داخل السجون معرضين لسحب جنسيتهم إلى جانب المطاردين ومن هم خارج البلاد.

تركيع المعارضة
ولم يتوقف جمال عبد الرحمن المطارد لإدانته في قضايا إرهاب كثيرا أمام خبر سحب الجنسية، ويقول للجزيرة نت "قرأت الخبر كأي خبر عادي.. فعندي يقين أنه إجراء لن يستمر".

ويعتبر جمال أن إقدام النظام المصري على هذه الخطوة دليل على ضعفه وإحساسه بعدم الاستقرار أمام تزايد المعارضة ضد حكمه، ويضيف "إنه يضرب في كل اتجاه ضربا عشوائيا".

في السياق يرى محمد هيكل عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وأحد المطاردين لاتهامه في قضايا سياسية أن لجوء النظام لسحب الجنسية من المعارضين محاولة أخيرة لتركيع المواطنين.

ويقول للجزيرة نت إن محاولات النظام العسكري لتركيع معسكر الثورة عبر القتل والاعتقال ومصادرة الأموال والتصفية باءت بالفشل؛ لذا يحاول البحث عن وسيلة جديدة أكثر جدوى.

ويتوقع هيكل في حالة التنفيذ الفعلي لتعديلات قانون سحب الجنسية أن يؤدي الأمر لمسارين متناقضين "إما أن يزيد بطش النظام بالمصريين تحت سيف سحب الجنسية أو تشتعل ثورة مسلحة".

مخالفة للدستور
التعديلات الجديدة في قانون الجنسية المصرية سبقتها مقدمات من جانب السلطة في مصر، ويوضح المحامي الحقوقي عمرو عبد الهادي أن هذه السلطة امتنعت منذ فترة عن تجديد جوازات السفر الخاصة بالمعارضين بالخارج لتجبرهم على الحصول على جنسيات أخرى ليصيروا مجرد معارضة مجنسة.

لكن الخدعة لم تنطل على المعارضين ورفضوا التجنيس، مما اضطر السلطة بمصر لإجراء غير دستوري يخالف المواثيق الدولية، وهو سحب الجنسية.

وتنص المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه "لا يجوز حرمان أي شخص من جنسيته تعسفا". ويحظر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 50/152، حرمان أي شخص من جنسيته تعسفا.

عمرو عبد الهادي: النظام يسعى لصناعة معارضة مجنسة (الجزيرة)
عمرو عبد الهادي: النظام يسعى لصناعة معارضة مجنسة (الجزيرة)

ويرى عمرو عبد الهادي أن النظام المصري يحتمي بالغرب والولايات المتحدة الأميركية مقابل مصالح متبادلة، فالأول يمرر ملف التنازل عن القدس والثاني يغمض عينه عن انتهاك المواثيق الدولية بالاعتقالات والتصفيات الجسدية وسحب الجنسية.

ويؤكد البرلماني السابق عز الدين الكومي أن التعديلات الجديدة على قانون سحب الجنسية تجاوز دستوري كبير يستهدف بالأساس التنكيل بأعضاء جماعة الإخوان المسلمين وما سماها مجموعات التيار الإسلامي.

ويقول للجزيرة نت إن ثمة عوارا قانونيا يشوب التشريع، فالتعديلات الجديدة تحمل كلمات فضفاضة، وتتحدث عن الانضمام لجماعات وجمعيات وهيئات في الداخل والخارج، مما يعني عدم اشتراط حدوث أعمال عنف لتصبح الحكومة قادرة على إسقاط الجنسية عن بعض مواطنيها.

ويشير الكومي إلى أن الوضع القانوني للمعارضين خارج البلاد سيكون صعبا بعد سحب الجنسية منهم، لأنهم سيصبحون "بدون"، في المقابل سيتم وفق المسار القانوني الطبيعي الإفراج عن المساجين لعدم تبعيتهم للدولة التي تعتقلهم.

في المقابل أشادت عضو مجلس النواب هيام حلاوة بالتعديل الجديد في قانون الجنسية، وقالت في بيان لها إنه من حق الدولة وضع القوانين التي تحمي استقرارها وإسقاط الجنسية عمن يهدد الأمني القومي لمصر.

المصدر : الجزيرة