غزة تتعطش لإنجازات حكومة الوفاق

غزة، أكتوبر 2017، وصول وفد حكومة الوفاق الفلسطينية قادماً من الضفة الغربية عبر معبر بيت حانون.
حكومة الوفاق الفلسطينية حظيت باستقبال حافل في غزة (الجزيرة)

محمد عمران-غزة

يعكس الاستقبال الشعبي لحكومة الوفاق الفلسطينية تعطش أهل قطاع غزة للفكاك من أزماتهم المتفاقمة، وقناعاتهم بأن حل تلك المشكلات يكمن في المصالحة، التي تشكل الحكومة الموحدة أحد أبرز معالمها، وهو ما لخصته كلمات الشاب أكرم جندية الذي علا صوته عند رؤيته مركبات الوزراء قائلا "انتظرناكم كل هذه السنين، فلا تخيبوا رجاءنا".

وبينما كان الشاب يقترب أكثر من مركبات المسؤولين الحكوميين مرحبا بهم ببعض الكلمات وبالتلويح بيديه كغيره من الشباب، كانت أصوات التصفيق والصفير تضج بالمكان، سواء من الذين يصطفون على جانبي الطريق، أو أولئك الذين اعتلوا بعض المرتفعات والأبنية، في مشهد يجسد حالة الارتياح الواسعة لقدوم الحكومة.

بيد أن الملفت كانت مشاركة مسنين من الرجال والنساء في استقبال الوفد الحكومي، وهم يلوحون بأعلام فلسطين تارة وبرايات حركة فتح تارة أخرى، كتعبير عن فرحتهم بالخطوات الأولى لإنهاء الانقسام وبدء مرحلة جديدة من الوحدة.

ولم تتوقف السبعينية أم إبراهيم عن رفع صوتها بغناء الأهازيج الوطنية التي كانت تقطعها ببعض الزغاريد، بينما ترفع شارة النصر وتكرر قائلة "يو يا والحمد الله، يو يا زالت الهموم إنشا الله، يو يا والمياه على مجاريها، يو ويا النصر من عندك يا الله".

‪أهالي غزة عبروا عن فرحتهم بالمصالحة الفلسطينية آملين أن تنهي معاناتهم‬ (الجزيرة)
‪أهالي غزة عبروا عن فرحتهم بالمصالحة الفلسطينية آملين أن تنهي معاناتهم‬ (الجزيرة)

أمل في الحل
وفي غمرة مشاهد الفرح والابتهاج، كانت مشاكل غزة حاضرة على ألسنة المستقبلين، الذين قالوا إنهم ملوا من تكرارها ومن تكرار الوعود بحلها، ولن ينتظروا طويلاً لمعالجتها.

وذكر الحاج سالم ماضي أنه قدم من رفح (جنوب القطاع) إلى معبر بيت حانون في شماله، ليقول لأعضاء الحكومة إن غزة منكوبة بأزمات الكهرباء والصرف الصحي والبطالة وإغلاق المعابر والدمار، ولا تحتمل مزيدا من التسويف. وأضاف "الشعب يمنح حكومة الحمد الله الفرصة، لكن استمرار مساندتنا لها مرهون بنجاحها في التخفيف من وطأة حياتنا المأساوية".

ويكشف الانسجام بعملية تأمين الوفد الحكومي بين الأجهزة الأمنية بغزة، ونظرائهم المرافقين لرئيس الوزراء رامي الحمد الله والوزراء من الضفة، عن انكسار جزء من الحاجز النفسي بين الطرفين؛ مما يؤشر إلى إمكانية إدارة الملف الأمني بالقطاع من قبل حكومة الوفاق، التي كان قائد قوى الأمن الداخلي بغزة اللواء توفيق أبو انعيم ينسق مع بعض وزرائها ميدانيا.

ورغم غياب المشاركة الجماهيرية لحركة حماس باستقبال حكومة الوفاق، فإن الحركة كانت حاضرة على أعلى مستويات القيادة، إضافة إلى بروز مشهد لشباب يلوحون برايات حركة فتح، ويهتفون لقائد حركة حماس بغزة يحيى السنوار، وهي من المواقف القليلة في تجارب الفصائل الفلسطينية.

‪أعلام الفصائل الفلسطينية كانت حاضرة في استقبال حكومة الوفاق‬  (الجزيرة)
‪أعلام الفصائل الفلسطينية كانت حاضرة في استقبال حكومة الوفاق‬  (الجزيرة)

الفصائل حاضرة
وفي مقابل مشاركة طيف واسع من ممثلي الفصائل والقوى والمؤسسات الفلسطينية في استقبال الحكومة، غاب عن المشهد ما يعرف بالتيار الإصلاحي الذي يقوده القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، في دلالة على اتخاذ حماس قرارا بإعطاء الأولوية لتميكن الحكومة من إدارة غزة، على حساب تراجع فرص تفاهماتها مع هذا التيار.

أما أعلام مصر وصور رئيسها عبد الفتاح السيسي فلم تغب عن الاستقبال، كمؤشر على وجود انطباع عام بأن وصول الحكومة لغزة، جاء كثمرة للضغوط المصرية على حركتي فتح وحماس، بينما رافق الوفد الأمني المصري رئيس الحكومة في تحركاته، ويتوقع وصول رئيس المخابرات المصرية خالد فوزي إلى القطاع ظهر الثلاثاء بعد لقاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله.

على الجانب الآخر من المشهد، بدا رامي الحمد الله والوفد المرافق له أكثر ارتياحا، وهو ما تجسد في مضمون المؤتمر الصحفي الذي عقده عند وصوله لمعبر بيت حانون (شمال القطاع)، وما ظهر واضحا على وجوه الوزراء والمسؤولين.

ولا يخفي وزير العدل القادم من الضفة علي أبو دياك إعجابه وارتياحه الكبير بتفاعل أهالي غزة غير المسبوق مع الوفد الحكومي، وانتظارهم ساعات لاستقبالهم خارج المعبر، الأمر الذي يعكس رغبة هؤلاء في توحيد الوطن والخلاص من واقعهم الصعب.

وبينما يقرأ الوزير الفلسطيني الأمل في غد أفضل في عيون ووجوه من التقاهم بغزة من مواطنين وأصدقاء، ما يفرض على الحكومة تكثيف جهودها، فإنه يعبر عن شوقه للسير على شاطئ البحر والتنقل بين مناطق القطاع، خلال فترة مكوثه التي ستستمر عدة أيام.

المصدر : الجزيرة