زفة المولد النبوي تقليد سوداني متجدد
في ساحة تزيّنت بالسرادق الملونة والأنوار، يدخل أحمد آدم الشهير بـ"بركات" دائرة يتحلق حولها جمع غفير من الرجال والنساء والصبية وهو يقود فريقا من المريدين (الحيران) في أزياء مزركشة بألوان متعددة تميز طريقتهم الصوفية.
وفي الميدان الذي خصص للاحتفال بالمولد النبوي الشريف بمدينة أم درمان، يغرق بركات في حالة نادرة من الدوران والنشوة احتفاء بذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وعلى الرغم مما يلف البلاد من أجواء مشحونة بالتوتر السياسي والأمني العام على خلفية العصيان المدني الذي دعا له ناشطون وأيّدته قوى سياسية معارضة منذ ثلاثة أيام، فإن مواطني مدينة أم درمان خرجوا في موكبهم السنوي هذا، مما أضفى على منطقتهم ومواطنيها وزوارها أجواء روحانية مشبعة بقيم التسامح والمحبة احتفاء بذكرى مولد النبي الكريم.
أعلام ورايات
فبحلول شهر ربيع الأول، تتزيّن شوارع وميادين مدينة أم درمان شأنها شأن مختلف مدن السودان لهذا الحدث عبر زفة يشارك فيها الجيش والشرطة والشعب، وتكسوها الألوان الزاهية والأعلام والرايات المميزة، وتعلو معها أصوات المنشدين والمكبرين والمهللين.
وتتشكل تشكيلات الزفة من مختلف الجماعات الإسلامية، وعلى رأسها الطرق الصوفية التي ترتفع راياتها ذات الألوان الغالب عليها الأخضر والأسود والأحمر.
أحمد أدم أحمد (بركات) يبرر ما يقوم به بهدف جذب الناس للاحتفال بالمناسبة، مشيرا في حديثه للجزيرة نت إلى أن كثيرا من الناس ما كانوا يعرفون مثل هذه المناسبات "لكنهم الآن عندما يأتون ويشاهدون هذا المنظر سينقلون ذلك للآخرين".
وبرأيه فإن زفة المولد تعكس وحدة المسلمين وتتجاوز أية تباينات بينهم، مبديا سعادته بالاحتفال بالمناسبة بهذه الطريقة.
الهدي النبوي
وعند ركن قصي بإحدى الخيام، كان يقف الطفل بلة عصام مستمعا بإمعان لرجل يشرح له بصوت عال بعضا من هدي السيرة النبوية، ويقول إن والده يأتي به إلى زفة المولد ليتلقى معلومات عن مولد النبي الكريم.
أما عصام الصديق والد الطفل بلة فيرى أن الزفة أصبحت مهرجانا شعبيا سنويا لمواطني أم درمان.
ويقول للجزيرة نت إن الزفة أصبحت عرفا منذ عهد الخليفة عبد الله التعايشي "وهو أول من قام بهذا الاحتفال وكانت أم درمان حينها هي مركز دولة المهدية".
من جهته يقول صلاح الدين الضو الذي جاء من ولاية النيل الأبيض، إنه دأب على حضور المناسبة كل سنة.
وبرأيه فإن زفة المولد باتت أشبه بمؤتمر سنوي للتسامح الديني في السودان، "وهو أمر ربما لا يوجد في أي من الدول المجاورة".