عصيان مدني جزئي ومزيد من الاعتقالات بالسودان

من شوارع الخرطوم
شوارع الخرطوم شبه خالية في اليوم الأول للعصيان المدني (الجزيرة)
عماد عبد الهادي-الخرطوم

خيم هدوء ملحوظ على شوارع العاصمة السودانية الخرطوم، إثر عصيان مدني خلق حالة من الشلل الجزئي لكافة الأسواق وبعض المؤسسات التعليمية المختلفة، وهو ما قدره متابعون بنسبة فاقت 40% في يومه الأول.

وجاءت الدعوة إلى العصيان المدني العام بعد إعلان الحكومة رفع سعر المواد البترولية وتحرير أسعار الدواء ورفع الدعم عن كثير من السلع الاستهلاكية الأخرى.

وبدا أن الدعوات التي انطلقت في كثير من مواقع التواصل الاجتماعي ومن منصات حزبية معارضة للحكومة للدخول في عصيان مدني شامل، قد وجدت حظها من التأييد وسط قطاعات واسعة غير رسمية.

فبينما توقف بعض طلاب المدارس والجامعات عن الدراسة وأغلقت العديد من المتاجر أبوابها، وبدت الحركة في كثير من الشوارع الرئيسية عند ساعات الصباح الأولى أقل من المعتاد، واصل موظفو المؤسسات الحكومية وبعض شركات القطاع الخاص أعمالهم بصورة طبيعية.

استجابة غير معهودة
وتفاجأت الحكومة بالتعاطي غير المعهود مع الدعوات رغم مراهنتها على عدم استجابة أي مواطن لها، وهو ما ظهر من تصريحات إبراهيم محمود مساعد رئيس الجمهورية، الذي قال إن الشعب السوداني لن يستجيب لدعوات العصيان، معتبرا من ينادون بذلك "دعاة تخريب لا دعاة استقرار".

محمد علي سعيد: الاستجابة لدعواتالعصيان المدني فاجأت الحكومة (الجزيرة)
محمد علي سعيد: الاستجابة لدعواتالعصيان المدني فاجأت الحكومة (الجزيرة)

وأكد محمود للصحفيين أن الشعب السوداني أوعى من أن يستجيب لدعوات "الواتساب"، وأن الحكومة على ثقة بأنه لن يوافق أولئك المواقف "وهم يعلمون ذلك".

ومع التزام المواطنين منازلهم أسقِط في يد السلطات الأمنية والشرطة التي كانت تستعد بأقصى درجات الاستعداد لمواجهة أي مظاهرات.

وبينما واصل جهاز الأمن حملة اعتقالاته باعتقال اثنين من قيادة حزب المؤتمر السوداني المعارض، دخلت مجموعة من الناشطات في إضراب مفتوح عن الطعام إلى حين إسقاط النظام وفق طلبهن، متخذات من دار حزب الأمة القومي المعارض مقرا للاعتصام.

مفاجأة للحكومة
ويرى المحلل السياسي محمد علي سعيد أن التزام المواطنين وعدم التظاهر فاجأ الأجهزة الأمنية التي كانت تستعد للمواجهة، مشيرا إلى ما حققه العصيان في يومه الأول من أهداف مهما كان مستوى التعاطي معه.

ويؤكد سعيد للجزيرة نت أن محاولات وزارة الصحة تدارك الأمر بإعلانها إلغاء زيادة فاتورة الدواء لم تقنع المواطنين "لأن قرار الزيادة نفسه لم يأت من وزارة الصحة".

واعتبر أن تحديد سقف زمني لنهاية العصيان المدني هو ما يجهض الفكرة، ويشكك في قدرة المعارضة على الفعل.

‪عبد اللطيف محمد سعيد: العصيان‬ (الجزيرة)
‪عبد اللطيف محمد سعيد: العصيان‬ (الجزيرة)

وعلى الرغم من أن الكثير من المدارس فتحت أبوابها، فإن أسرا كثيرة فضلت إبقاء أبنائها في المنازل خشية اندلاع مواجهات بين متظاهرين والشرطة.

ووفق تجار في العاصمة الخرطوم فإن تأثيرا كبيرا طرأ على حركة الشراء، بعكس الأيام العادية التي تصادف بداية الأسبوع.

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية عبد اللطيف محمد سعيد إن دخول المواطنين في عصيان بغض النظر عن عددهم، يشكل مصدر قلق للحكومة التي لم تعتد على ذلك من قبل.

ويرى سعيد في تعليقه للجزيرة نت أن محاولات وزارة الصحة تدارك الأمر لم تكن مجدية لوقف تجاوب المواطنين مع دعوات المعارضين والنشطاء.

المصدر : الجزيرة