الفلسطينية رغد الخضور.. نجاة بطعم الموت

أصيبت رغد الخضور برصاص في ظهرها أفقدها الحركة -
رغد أصيبت بست رصاصات أقعدتها عن الحركة (الجزيرة)
ميرفت صادق-رام الله

"كانت لدي أحلام كبيرة؛ أن أتفوق في الثانوية العامة، وألتحق بأخي الذي يدرس الطب في مصر"، بهذه الأماني الكبيرة بدأت الفتاة رغد الخضور رواية قصة حياتها السابقة قبل نجاتها من إعدام إسرائيلي محقق استشهد فيه رفيق طفولتها، وأصيبت هي برصاص أفقدها الحركة.

ففي 16 سبتمبر/أيلول الماضي، أصيبت رغد (17 عاما) بجروح خطيرة بعد تعرض السيارة التي كان يقودها قريبها فراس الخضور (18 عاما) لإطلاق نار كثيف من الجيش الإسرائيلي بحجة محاولتهما دعس جنود قرب مستوطنة كريات أربع شرق مدينة الخليل.

ونقلت رغد إلى مجمع فلسطين الطبي برام الله، بعد الإفراج عنها من مستشفى إسرائيلي بالقدس، حيث احتجزت وهي مصابة بجروح خطيرة أسبوعين، قضت أغلبها بين "الغيبوبة والتحقيق".

مشهد الإعدام
تقول رغد إنها خرجت بسيارة العائلة مع رفيق طفولتها ابن خالتها فراس، وهو أيضا أخوها بالرضاعة، ولدى وصولهما إلى المنطقة القريبة من مستوطنة كريات أربع قرب بلدتهما بني نعيم، "قررنا نهدي السرعة حتى لا يشتبهوا فينا"، لكن السيارة انزلقت قريبا من مفترق الطرق المؤدي إلى المستوطنة.

جنود الاحتلال يقفون قرب جثمان فراس بعد إعدامه (الأوروبية)
جنود الاحتلال يقفون قرب جثمان فراس بعد إعدامه (الأوروبية)

وتذكر أن قريبها فقد السيطرة على السيارة واصطدم بعيدا عن جنود الاحتلال بأمتار، كما أن فاصلا من مكعبات إسمنتية كان يعزل سيارتهما عنهم تماما، لكن عدة جنود أطلقوا الرصاص نحوهما وهم يصرخون "مخربين مخربين".

وتقول الفتاة إن الجنود بدؤوا إعدام فراس، فاستشهد على الفور بعد إصابته بعدة رصاصات في الرأس والرقبة. وتضيف "كنت أحاول أن أغطي رأسي فقط، ثم شعرت بالرصاص يصيبني من كل اتجاه".

وذكرت أن الجنود كانوا يطلقون النار على مراحل ومن مسافات مختلفة، رغم أن السيارة متعطلة والسائق استشهد على الفور.

وأصيبت رغد بخمس رصاصات في البطن وسادسة في الظهر وبشظايا في الرأس واليدين، ولم تفقد وعيها، لكنها قالت "مع كل رصاصة كنت أعتقد بأنها القاتلة".

وتضيف "كنت أصرخ من ألمي، لكنهم قاموا بسحبي بوحشية من السيارة، وألقيت على الطريق ثم جردوني من ملابسي وتركت أنزف دون تقديم أي شكل من الإسعاف لي حتى وصولي المستشفى بعد ساعة على الأقل".

فقدت رغد وعيها لدى وصولها المستشفى لمدة تزيد على 24 ساعة، ومكثت يومين في العناية المكثفة. وعندما استيقظت اكتشفت أن الرصاصة التي أصابت ظهرها أحدثت ضررا في النخاع الشوكي أقعدها عن الحركة وأفقدها القدرة على المشي.

وتذكر الفتاة أنها خضعت للتحقيق في المستشفى وتحت حراسة أمنية مشددة دون حضور محاميها، كما لم يسمح لعائلتها بزيارتها أو الاتصال بها، ومنع الأطباء من الحديث معها، إلى أن تقرر الإفراج عنها السبت الماضي.

الانتقام لشقيقتها
واتهمت رغد بالتخطيط مع قريبها "لمحاولة قتل جنود إسرائيليين عمدا" بنية الانتقام لشقيقتها مجد الخضور التي أعدمها الجيش الإسرائيلي في المكان ذاته قبل ثلاثة شهور.

رغد مع والديها اللذين أعدمت ابنتهما الكبرى قبل شهور وما زال جثمانها محتجزا (الجزيرة)
رغد مع والديها اللذين أعدمت ابنتهما الكبرى قبل شهور وما زال جثمانها محتجزا (الجزيرة)

وقالت إن استشهاد شقيقتها التي تكبرها بعام سبب لها صدمة كبيرة، لكنها لم تفكر في الانتقام، وتابعت قائلة "احتسبتها شهيدة وسنلاقيها جميعا في الجنة، وقررت الاجتهاد للحصول على معدل متفوق في الثانوية العامة والسفر للالتحاق بشقيقي الذي يدرس الطب في مصر".

وأعدمت الشقيقة الكبرى مجد الخضور في 24 يونيو/حزيران الماضي بعد اصطدامها بسيارة مستوطنين على مدخل مستوطنة كريات أربع، وهي متزوجة وأم لطفلة عمرها أقل من عامين.

وقالت فاطمة الخضور والدة مجد ورغد إن عائلتها ليست ناشطة سياسيا، وإنها لم تلحظ على ابنتيها أي نوايا لتنفيذ عمليات دعس أو غيرها، وإنها كانت تشجعهن على إكمال تعليمهن المدرسي والجامعي لتفوقهن.

ومنذ ما يزيد على ثلاثة شهور تحتجز إسرائيل جثمان الشهيدة مجد الخضور وأربعة شهداء من بلدة بني نعيم أعدموا جميعا بحجة محاولة تنفيذ عمليات دعس أو طعن لإسرائيليين في الشهور الماضية.

ولم يسمح للعائلة بمعاينة جثمان ابنتها، بينما حمل الاحتلال الإسرائيلي الأب عبد الله الخضور مسؤولية أي "عملية انتقامية" قد يحاول أحد أفراد العائلة تنفيذها.

وقال الأب إن في الحادث الأول حيث قتلت ابنته الكبرى، وفي الثاني حيث أصيبت ابنته الأخرى وقتل ابن خالتها، كان بإمكان جنود الاحتلال اعتقالهم في حال الاشتباه بأي محاولة لتنفيذ عمليات، لكنهم فضلوا إعدامهم.

ومع اندلاع الانتفاضة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2015، أعدم الجيش الإسرائيلي في العام الأخير 150 فلسطينيا على الأقل بعد تنفيذهم عمليات دعس أو طعن لجنود أو مستوطنين أو لمجرد الاشتباه في محاولتهم ذلك.

المصدر : الجزيرة