الحصار يخنق فرحة رمضان بريف دمشق

المطبخ الخيري بجنوب دمشق سوريا في رمضان 2015
المطابخ الخيرية ملاذ الفقراء في رمضان (الجزيرة)

سلافة جبور-دمشق

لم يكن لحلول شهر رمضان هذا العام البهجة المعتادة بالنسبة لعائلة أم سمير بغوطة دمشق الشرقية في سوريا، فالموت الذي غيّب زوجها وابنها الأكبر في عيد الأضحى الفائت والدمار الذي لحق بمنزل العائلة وبالمحل الذي كانت تعتاش منه، تركا أم سمير وأبناءها الثلاثة تحت رحمة العوز وانتظار المساعدات.

ورغم عمل الابن الأصغر أسامة في نقل المياه، فإن الأجرة اليومية لا تكفي لشراء كيلوغرام واحد من الطحين، فكيف بمتطلبات شهر اعتاد السوريون الاحتفاء بقدومه بموائد إفطار وسحور مميزة مهما بلغ حال العائلة من فقر وعوز؟

يقول أسامة للجزيرة نت إن حصول الأسرة على مبلغ عشرة آلاف ليرة سورية شهرياً كمعونة لأسرة شهيد وكفالة يتيم بالكاد يغطي نفقاتها، مضيفاً إن رمضان الذي كان شهر فرحة الناس والأطفال هو مأساة المحاصرين اليوم.

ولا يختلف حال عائلة أم سمير كثيرا عن بقية المحاصرين في غوطة دمشق الشرقية، والذين يتجاوز عددهم سبعمئة ألف مدني، ويعيش معظمهم في فقر شديد حسب الناشط الإعلامي أبو نادر من مدينة عربين.

ويضيف للجزيرة نت "البطالة وغلاء الأسعار وانقطاع الكهرباء والمياه منذ أكثر من عامين ونصف العام وانعدام المنافذ الإنسانية بشكل تام أجبرت الكثير من العائلات على قضاء أيام بأكملها دون طعام، حيث تبلغ أدنى تكلفة معيشية يومية للعائلة في الغوطة خمسة آلاف ليرة سورية (حوالي 17 دولارا) لشراء الطحين والحطب والمياه على الأقل، وهو أمر يصعب تحمله مع قدوم شهر الصيام".

‪محل تجاري في سوق عربين بالغوطة الشرقية‬ (الجزيرة)
‪محل تجاري في سوق عربين بالغوطة الشرقية‬ (الجزيرة)

غير كافية
ورغم تأمين المجالس المحلية لمواد تموينية بأسعار مخفضة (300 ليرة سورية للكيلوغرام عوضاً عن 800 ليرة للطحين و1500 للأرز و2400 للسكر) فإن معظم العائلات وكما يقول أبو نادر لا تملك حتى ثمن تلك المواد المدعومة لنفاد مدخراتها بشكل كامل.

ويرى الناشط الإعلامي أن وجود المطابخ الخيرية ومبادرات إفطار الصائمين في رمضان والتي تنفذها منظمات وهيئات إغاثية وفصائل عسكرية يلعب دورا أساسيا في تخفيف عبء تأمين متطلبات هذا الشهر، حيث توزع وجبات طعام يومية على الأحياء والمناطق بالترتيب، فتحصل الأسرة على الطعام ثلاث أو أربع مرات أسبوعيا، إلا أنها لا تزال غير كافية لتلبية احتياجات كافة المحاصرين، حسب قوله.

وقد يبدو الحال في مدن وبلدات جنوب دمشق المحاصر أفضل للوهلة الأولى، حيث أُدخلت خلال الأشهر الماضية بعض المساعدات الغذائية للبلدات التي وقعت اتفاقيات للهدنة مع النظام وهي ببيلا ويلدا وبيت سحم، والتي تؤوي آلاف المدنيين والنازحين، إلا أن انتشار البطالة والفقر وغلاء الأسعار جعل من قدوم ثالث شهر رمضان ضمن الحصار عبئا على كاهل معظم العائلات.

ووفق رامي السيد -ناشط إعلامي بحنوب دمشق- تنتشر المطابخ الخيرية التي تقدم وجبات إفطار للصائمين في مدن وبلدات جنوب العاصمة، حيث "يلجأ إليها الكثير من الفقراء في ظل ارتفاع أسعار غالبية المواد الغذائية لأكثر من خمسة أضعاف سعرها الحقيقي".

ويضيف السيد "معاناة السكان تزداد نتيجة قطع قوات النظام لمياه الشرب منذ أكثر من عشرة أشهر، إضافة لانقطاع التيار الكهربائي عن كامل الجنوب الدمشقي عدا البلدات المهادنة والتي يزودها النظام بالكهرباء لساعتين يوميا".

المصدر : الجزيرة