قانون لحماية الأطفال يثير جدلا بالجزائر

epa03409596 Agerian Prime Minister Abdelmalek Sellal (R) presents government action plan at the People’s National Assembly (Lower House of Parliament), in Algiers, Algeria, 25 September 2012. Algerian President Abdelaziz Bouteflika appointed on 03 September 2012 Sellal, the long-serving minister, to replace Ahmed Ouyahia, who had held the position since 2008. EPA/MOHAMED MESSARA
جانب من جلسة سابقة للبرلمان الجزائري (الجزيرة نت)

ياسين بودهان-الجزائر

 

أثار قانون جديد خاص بحماية الأطفال بالجزائر جدلا واسعا بين الحقوقيين ونواب البرلمان. وفي الوقت الذي عده البعض خطوة مهمة للحد من العنف المتنامي ضد هذه الفئة، رأى فيه آخرون "محاولة جديدة" لتفكيك الأسرة الجزائرية.

وعرفت جلسة التصويت على القانون الاثنين بالبرلمان انسحاب نواب تكتل الجزائر الخضراء (الذي يضم ثلاثة أحزاب إسلامية، وهي حركة مجتمع السلم، حركة النهضة، حركة الإصلاح) احتجاجا على ما وصفوه بعدم قانونية عملية التصويت، لعدم اكتمال النصاب القانوني لانعقاد الجلسة.

ويؤكد هؤلاء أن الجلسة لم يحضرها سوى 182 نائبا، بينما ينص القانون على ضرورة حضور 232 نائبا من مجموع 462 نائبا، ما يمثل نسبة 50% زائد واحد من مجموع النواب.

ورغم إلحاح هؤلاء على رئيس البرلمان، العربي ولد خليفة، بضرورة رفع الجلسة التي حضرها وزير العدل، الطيب لوح، لعدم قانونيتها، فإن ولد خليفة رفض مطالبهم، واتهمهم بمحاولة التشويش على تمرير القانون.

نسخة من بيان حزب جبهة العدالة والتنمية حول القانون (الجزيرة)
نسخة من بيان حزب جبهة العدالة والتنمية حول القانون (الجزيرة)

استنساخ القوانين
وسجل نواب التكتل عدة مآخذ على مشروع القانون، واعتبروه استنساخا لتشريعات أجنبية، ولا يراعي الخصوصية الثقافية والاجتماعية للمجتمع الجزائري.

بالمقابل، عبرت المجموعة البرلمانية لجبهة العدالة والتنمية التي يرأسها عبد الله جاب الله عن رفضها لهذا المشروع، وأكدت في بيان وقعه رئيس الكتلة لخضر بن خلاف -حصلت الجزيرة نت على نسخة منه- تشبثها بمبدأ معالجة القضايا المرتبطة بالأسرة ضمن القانون الخاص بها، واحترام الإسلام كدين للدولة كما ينص القانون.

واعتبرت أن معالجة قضايا الطفل خارج قانون الأسرة عمل يزيد في تفكك الأسرة والمجتمع، ومحاولة لتمكين النظرة التغريبية في مقاليد تسيير شؤون الأسرة والدولة.

وساقت جبهة العدالة عدة مبررات لرفضها، أهمها أن القانون يتطرق للنتائج ولا يعالج الأسباب، وأنه يزيد في تفكيك الأسرة، ويهدد استقرار مكوناتها، لذلك هو غير قابل -برأيها- للتطبيق في أرض الواقع.

وطالبت بسحبه، والعمل على تعميق النقاش حوله، وصياغته بالشكل الذي لا يتصادم وخصوصية المجتمع الجزائري، وموروثه الحضاري.

واعتبرت أن تمرير القانون دون توفر النصاب القانوني لعقد الجلسة يأتي في سياق محاولة السلطة فرض الأمر الواقع، والقفز على مقتضيات النظام الداخلي للبرلمان.

من جانبه، عبر الأمين الوطني للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمكلف بالملفات المختصة، هواري قدور في بيان -تسلمت الجزيرة نت نسخة منه- عن قلقه البالغ من محتوى القانون، كون 75% من مشروع القانون عبارة عن مواد جزائية خاصة بالأطفال، ولا يقدم حلولا لمشاكلهم النفسية.

كما انتقد القانون لعدم اهتمامه بإنشاء محكمة خاصة بالأحداث، مع غياب تخصص في مجال مكافحة الأطفال الجانحين.

ودعا لتوفير مناخ مناسب لنمو الطفل، من خلال تحسين الوضع الاقتصادي للعائلة الجزائرية بالقدر الذي يساعدها على تربية الطفل بشكل سليم.

‪عرعار: القانون الجديد يحمل حلولا واقعية وقوية للعنف ضد الأطفال‬ (الجزيرة)
‪عرعار: القانون الجديد يحمل حلولا واقعية وقوية للعنف ضد الأطفال‬ (الجزيرة)

تنامي العنف
وتشهد حالات العنف الموجه ضد الأطفال بالجزائر تناميا مقلقا، وكشف رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل "ندى" عبد الرحمن عرعار للجزيرة نت عن تلقيهم أكثر من 18 ألف مكالمة هاتفية خلال الفترة الممتدة ما بين يوليو/تموز 2014 ومايو/أيار 2015 متعلقة بسوء المعاملة والاستغلال الجنسي.

وسجلت الشبكة إشراك 750 طفلا في الدعارة، مع وقوع 4890 طفلا في سوء المعاملة، وتعرض 1025 طفلا للاعتداءات الجنسية منها 55 حالة ضحية زنا المحارم، إلى جانب تسجيل 920 طفلا ضحية التسول والتشرد.

من جانبها، سجلت المديرية العامة للشرطة خلال 2014 أكثر من ستة آلاف حالة اعتداء على الأطفال، منها 3533 جسدية، و1663 جنسية.

ولأن العدد الحقيقي لضحايا العنف أكبر من المعلن عنه، فإن تعزيز الترسانة القانونية التي تهدف لوضع حد لهذه الظاهرة بات أكثر من ضرورة -وفق عرعار- الذي أكد أن القانون الجديد يحمل بين طياته حلولا واقعية وقوية للعنف ضد هذه الفئة الهشة.

قانون متكامل
وأكد عرعار أن القانون اهتم بكل الجوانب التي من شأنها أن تضمن الحماية القانونية للطفل، والأمر الأهم برأيه الآن هو تفعيل هذه النصوص القانونية على أرض الواقع، ومحاولة إشراك المجتمع ومنظمات المجتمع المدني بهذه العملية، لأن الحد من العنف برأيه مسؤولية الجميع، ولا تكفي النصوص القانونية لاحتواء الظاهرة.

من جانبه، رحب رئيس الهيئة الاستشارية لترقية وتطوير حقوق الإنسان (تابعة للرئاسة) فاروق قسنطيني بمشروع القانون، وقال للجزيرة نت إن القانون متكامل ولا يحمل أية نقائص، ورفض الانتقادات التي أطلقها البعض، داعيا هؤلاء إلى عدم التسرع، أو الحكم عليه قبل بداية تنفيذه على أرض الواقع، لأن الأهم الآن برأيه هو المطالبة بتجسيد محتوى القانون على أرض الواقع.

المصدر : الجزيرة