عندما تقف المرأة السورية بوجه الاستبداد

A Syrian woman holds a sign calling for the arming of rebels as civilians and Free Syrian Army members march during a protest against the regime in the northern city of Aleppo on October 5, 2012. Thousands of people demonstrated across Syria despite ongoing violence, calling for the arming of the rebel Free Syrian Army and condemning the international community's inaction, monitors reported. AFP PHOTO/Tauseef MUSTAFA
المرأة السورية شاركت في فعاليات الثورة منذ بدايتها (الفرنسية-أرشيف)

سلافة جبور-دمشق

يحتفل العالم في الثامن من مارس/آذار باليوم العالمي للمرأة باعتباره مناسبة للثناء على شجاعة النساء اللواتي اضطلعن بدور استثنائي في تاريخ بلدانهن. ويرى مراقبون أن للمرأة السورية دورا هاما في الثورة ضد ما يصفونه بالاستبداد.

وتشير أحدث إحصائيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى وفاة أكثر من 18 ألفا و457 امرأة على يد قوات النظام حتى اليوم، منهن ما لا يقل عن 680 برصاص قناصين، وأكثر من 32 تحت التعذيب داخل مراكز الاعتقال.

كما تشير إحصائيات الشبكة لاعتقال أكثر من ستة آلاف و580 امرأة من قبل القوات الحكومية، 225 منهن تحت سن الثامنة عشرة، وما زالت أكثر من ألفين وخمسمائة امرأة قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري.

وفي حين تدعو الأمم المتحدة لمنح المرأة كامل حقوقها وعدم منعها من ممارسة خياراتها، زادت الحرب الدائرة في أرجاء سوريا من هموم وأعباء المرأة، التي استطاعت مواجهتها بكل نجاح، فحازت عدداً من الجوائز خلال السنوات الماضية، تكريماً لشجاعتها وتضحياتها.

ففي الثاني من مارس/آذار الحالي، مُنحت جائزة "هومو هوميني" التشيكية لحقوق الإنسان للناشطة السورية سعاد نوفل ابنة مدينة الرقة، وذلك تقديراً لجرأتها في مواجهة النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية على حد سواء، حيث اشتهرت بوقفاتها الاحتجاجية أمام مقرات التنظيم بالرقة، إضافة لتظاهرها ونشاطها السلمي ضد قوات النظام.

كما حازت الناشطة السورية مجد شربجي من مدينة داريا في ريف دمشق على جائزة "المرأة الشجاعة" من وزارة الخارجية الأميركية تقديراً لعملها المستمر في النشاط المدني والدفاع عن حقوق النساء والمعتقلين، وستُسلّم هذه الجائزة في الثامن من الشهر الحالي من قبل زوجة الرئيس الأميركي.

‪سعاد نوفل:‬ (الجزيرة)
‪سعاد نوفل:‬ (الجزيرة)

نظرة جديدة
وفي حديث مع الجزيرة نت، تقول المعلمة والناشطة سعاد نوفل إن آلاف النساء المعتقلات، واللواتي ضحين بأولادهن خلال الحرب، أو هجّرن من منازلهن، أو ما زلن يعملن في الداخل السوري بصمت، هن أحق بالجوائز التي تعتبر تشريفاً للشعب السوري واعترافاً من العالم بأحقية مطالبه بالحرية وبعدالة قضيته.

وتضيف نوفل -التي غادرت البلاد هرباً من قمع النظام وتنظيم الدولة- قائلة "إن هذه الجوائز فرصة لنا لإيصال صوتنا للعالم ولفت انتباهه لما يحصل في بلدنا، وهي تؤكد "أن نساءنا قادرات على النضال والعطاء والإبداع بعد أن نفضت الثورةُ الرماد عن أرواحهن التي قتلتها دكتاتورية نظام الأسد منذ أكثر من أربعين عاماً".

وترى نوفل أن الثورة، ورغم أنها زادت أعباء المرأة ومسؤولياتها بشكل كبير فإنها غيرت نظرة المجتمع إليها وأخرجتها من دائرة الدور التقليدي الذي طالما اضطلعت به كزوجة وأم وربة منزل، وهي اليوم تصنع المستحيل لتحفظ أسرتها من الضياع.

وتتفق الناشطة مجد شربجي مع هذا الرأي، إذ تقول إن "ظلم المجتمع والجماعات المتطرفة يدفعان بالمرأة السورية اليوم لكي تصبح أقوى وتبني نفسها، خاصة بعد المسؤوليات الكبيرة التي تحملتها خلال سنوات الصراع والتي عرضتها لخطر كبير مع تصاعد العنف".

‪مجد شربجي: المرأة السورية يجب أن تكون طرفاً من أطراف حل النزاع بسوريا‬ (الجزيرة)
‪مجد شربجي: المرأة السورية يجب أن تكون طرفاً من أطراف حل النزاع بسوريا‬ (الجزيرة)

تأثير معنوي
وترى شربجي -في حديثها للجزيرة نت- أن المرأة السورية لم تحصل بعد على التقدير الكافي وعلى حقوقها كاملة، إلا أن إدراكها اليوم لهذه الحقوق يدفعها للاستمرار بالمطالبة بها.

وتشيد الناشطة -التي تقيم اليوم في لبنان حيث أسست مركزاً لتنمية ودعم النساء السوريات- بالقيمة المعنوية للجوائز المقدمة للمرأة السورية. وتشير إلى أن هذه الجوائز تمكّن المرأة من أن تكون منبراً لغيرها من الأصوات الأنثوية المقموعة، "فلا أحد يشعر بمعاناة المرأة أكثر من المرأة".

وتؤكد شربجي أن المرأة السورية، التي شاركت في الحراك السلمي بشكل بارز، يجب أن تكون طرفاً من أطراف حل النزاع ووقف الحرب في سوريا، فهي تمثل حالياً أكثر من نصف المجتمع ويجب عدم تغييبها عن ساحة أي قرار أو حل، وإنما الاهتمام بأن يكون لها حضور ودور أساسي حتى على طاولة المفاوضات.

يشار إلى أن جائزة "هومو هوميني" تمنح سنوياً لأفراد استثنائيين قدموا مساهمات جليلة في تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية، وذلك من قبل منظمة "أناس يعانون الحاجة" التشيكية.

أما جائزة "المرأة الشجاعة" فتمنح لنساء قدمن دوراً استثنائياً في بلادهن وأبرزن كفاءتهن كقياديات من أجل حقوق المرأة وتقدمها، ومنحت هذه الجائزة في العام 2013 للناشطة الحقوقية السورية رزان زيتونة.

المصدر : الجزيرة