سكان الجزر اليونانية.. بانتظار مراكب اللاجئين وأدواتهم
ما إن تصل القوارب المطاطية محملة بعشرات اللاجئين إلى شواطئ جزيرة ليزفوس اليونانية المقابلة للسواحل التركية، حتى يهرع إليها المتطوعون لإنزال ركابها ومساعدتهم وإسعافهم.
في الوقت نفسه، وبمجرد خلو المراكب من اللاجئين، يهرع أشخاص آخرون إلى تفريغها وبدء تفكيك الألواح الخشبية، وأخذها مع حاوية الوقود الاحتياطية والحبال البحرية وكل الأدوات المفيدة.
إنهم جامعو الأخشاب والأدوات أو صيادو الفرص، وهم أشخاص من سكان الجزيرة، ومن الغجر خاصة، حيث انتبهوا منذ سنوات إلى إمكانية الاستفادة من مواد المراكب المطاطية والخشبية التي تأتي باللاجئين إلى جزرهم، فأصبحوا يجوبون الشواطئ بشاحناتهم الصغيرة أو سياراتهم الزراعية للعثور على الزوارق وأخذ ما يفيدهم منها.
يقول عنهم المتطوعون المحليون والأجانب إنهم لا يعيقون عمليات الإنقاذ، لكنهم في المقابل لا يساعدون فيها بشيء، فدورهم ينحصر في أخذ المواد والأدوات التي يرون أنها مهمة.
أما استعمال المواد والأدوات التي يستخرجونها من الزوارق المطاطية فيكاد يكون استعمالاً منزلياً، أو لإصلاح الجدران في الحقول والمزارع وحظائر الحيوانات التي تحتاج للصيانة.
أسقف وحظائر
يقول يورغوس -شاب في الثلاثينيات من عمره- إن الأخشاب الموضوعة أسفل القارب هي من النوع المقوى والعازل للمياه، لذلك فهم يستخدمونها في ترميم أسقف حظائر المواشي أو وضع حدود بين قطع الأراضي الزراعية لفصل بعضها عن بعض، كما يستعملون هيكل الزورق الجلدي للغرض ذاته.
الرجال الذين يجمعون أخشاب وأدوات المراكب يأتون كثيرا مع نسائهم وأبنائهم في رحلة شبيهة بالرحلة العائلية، حيث يشترك الجميع في عملية التجميع.
كما لا تغيب عن المنظر عجائز يتجولن بالمنطقة بسياراتهن ودراجاتهن النارية بحثاً عن نصيبهن من تلك الزوارق.
وكانت بعض وسائل الإعلام المحلية قد أشارت إلى الموضوع قبل عدة سنوات، حيث كانت حركة اللجوء محصورة على بعض الزوارق التي تأتي أسبوعياً.
وكان بعض السكان المحليين يهرعون إلى أماكن وصولها ليأخذوا منها المحركات ويبيعونها في السوق المحلية.
لكن مع الزيادة الهائلة في وتيرة حركة اللجوء ووصول عشرات المراكب يومياً، ازداد عدد المهتمين بالاستفادة من مواد هذه القوارب.
في المقابل، ازدادت رقابة السلطات المحلية على هؤلاء، وفرضت حظراً على انتزاع محركات تلك الزوارق وأخذها، وأصبحت تلاحق من يقوم بذلك.
ويقول يانيس -رجل في الستينيات من عمره- إن الشرطة لم تعد تسمح لأحد بأن يأخذ محركات الزوارق.
زوارق منهكة
والواقع أن المهربين في الجانب التركي من بحر إيجة لم يعودوا يزودون زوارق اللاجئين بمحركات من النوعيات الجيدة.
وغالباً ما تصل الزوارق وهي في حالة من الإنهاك، لذلك لم يعد من المجدي انتزاعها وأخذها، خاصة مع الملاحقة القانونية السارية في الجزيرة.
ويبدو أن سيارات الغجر وحدها ما تزال تأخذ محركات هذه الزوارق للبيع في سوق الخردة.
كذلك لا يهتم جامعو الأخشاب بسترات النجاة التي يلقيها اللاجئون بمجرد وصولهم إلى الجزيرة، فهي غير مفيدة لهم، كما أن وفرتها لا تترك مجالاً لجمعها، بل يجمعها عمال البلدية بعد ذلك ويرسلونها إلى معامل التكرير.
وهكذا تبقى بقايا الزوارق المطاطية التي لم يأخذها جامعو الأخشاب، وآلاف سترات النجاة على الشواطئ.
وقد ذاع صيت جزيرة ليزفوس السياحية خلال الأشهر الماضية بعد تحولها لمحطة أولى لآلام اللاجئين وآمالهم في القارة العجوز.