لماذا أقر السيسي بانتهاكات حقوقية؟
السيسي وفي كلمته -أثناء الاحتفال بعيد الشرطة- شدّد على أنه لا يوافق على التجاوزات التي تقع، لأنه "أحرص الناس على حقوق الإنسان".
كلام السيسي هذا فتح الباب على تساؤلات كثير تتعلق بدلالات التوقيت، قبل أيام قليلة من الذكرى الرابعة لثورة يناير، وما صاحبها من دعوات للتظاهر، ودلالات المكان، الاحتفال بعيد الشرطة، التي تعد المتهم الأول بالتجاوزات والانتهاكات بحق المصريين، وخصوصا المعارضين للانقلاب.
ويقارن المراقبون بين كلام السيسي وتصريحات الرئيس المخلوع حسني مبارك، فبعضهم رأى أن هذا الكلام حمل في طياته "تهديدا صريحا" من السيسي، الذي يعتبر المظاهرات المناهضة له أعمالا إرهابية تهدد الأمن القومي، بينما خرج مبارك قبل أيام من ثورة يناير عام 2011 ليؤكد أن مصر تنتصر مرة أخرى في معركتها ضد الإرهاب، وأنه لن يتسامح مع مَن يحاول المساس بوحدة الشعب.
بينما يرى آخرون أن تلك التصريحات دليل على حرص الدولة على حقوق الإنسان، رغم "الظروف الاستثنائية" والتحديات التي تواجهها جميع مؤسسات الدولة.
تبرير القتل
مسؤول الملف المصري بمؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان بجنيف أحمد مفرح اعتبر اعتراف السيسي بارتكاب الجيش والشرطة انتهاكات لحقوق الإنسان، وتبريره ذلك يضفي قانونية على سياسة الإفلات من العقاب، ويدل على أن النظام السياسي "يحمي" تلك الانتهاكات، حسب وصفه.
وأضاف -في حديث للجزيرة نت- أن استخدام ذريعة الظرف الاستثنائي وخطورة الوضع الأمني وغيرهما من المصطلحات التي استخدمها السيسي في خطابه، لا تجيز للدول ارتكاب "الجرائم بحق حقوق الإنسان الأساسية"، التي تُعد خطا أحمر لا يجوز تجاوزه تحت أي ظرف، وخصوصا الحق في الحياة.
ولفت إلى أن كلام السيسي يعد "تصريحا مفتوحا بالقتل" قبل مظاهرات 25 يناير/كانون الثاني المقبلة، مشددا على أن "الانتهاكات والجرائم" التي ترتكبها قوات الجيش والشرطة بحق المصريين منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 وحتى الآن تدخل في إطار الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، وعليه سيتم التحقيق فيها وتقديم الجناة للعقاب مهما طال الزمن.
خطوة إيجابية
الكاتب الصحفي عبد التواب محمود كان له رأي مغاير لكلام مفرح، حيث اعتبر أن كلمة السيسي تؤكد حرصه وحرص الدولة على حقوق الإنسان، ورغم الظروف الاستثنائية والتحديات التي تواجهها جميع مؤسسات الدولة، فإن السيسي لن يسمح في المستقبل بأي تجاوزات.
وأضاف -في حديث للجزيرة نت- أن دعوة السيسي لقيادات الأحزاب بإعداد قائمة بأسماء الشباب المسجونين على خلفية خرق قانون التظاهر أو "الخطأ في التعبير عن آرائهم" أو ارتكاب تجاوزات بسيطة سواء في الجامعات أو خارجها، دليل واضح على رغبة الدولة في إزالة أي تجاوزات حقوقية.
وتابع أن الحاجز النفسي بين الشعب والشرطة يتساقط تدريجيا مع حلول احتفالات "عيد ثورة 25 يناير"، خاصة بعد "ثورة الثلاثين من يونيو/حزيران، التي التحمت الشرطة فيها مع الشعب، وتظاهرت معه ضد نظام جماعة الإخوان الإرهابية".