موقف المكونات الثورية اليمنية من الأزمة

مجسم الإيمان يمان رمز الثورة الشبابية اليمنية والمنصة الرئيسة للشباب خلال الثورة الجزيرة نت
مجسم الإيمان رمز الثورة اليمنية والمنصة الرئيسية للشباب خلال الثورة (الجزيرة نت)

ياسر حسن-عدن

برزت في الشارع اليمني ولدى النخب السياسية مؤخراً تساؤلات بشأن موقف المكونات الثورية الشبابية من الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد، فعلى الرغم من اشتداد الأزمة ودخولها مرحلة الخطر، فإنه لم يصدر عن تلك المكونات أي موقف واضح بشأنها.

وأجمعت العديد من القيادات الثورية الشبابية على استنكار ما يحدث حالياً بصنعاء، وقالت إنها لا تملك وسائل إعلام لإيصال صوتها، مشيرة إلى ضرورة تشكيل نظام سياسي جديد يحكم البلاد ويصبح مسؤولاً عن كل شيء فيها.

وقال القيادي البارز في الثورة الشبابية خالد الآنسي إن الجميع يرفض ما يحدث هذه الأيام في صنعاء، فنحن خرجنا في ثورة ضد الفساد والعنف والطائفية والعنصرية، لكن الصراع الدائر أصبح الآن بين قوى إقليمية ودولية وقوى محلية، وشباب الثورة وجدوا أنفسهم غير قادرين على الاصطفاف مع طرف ضد آخر.

وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أنه قد تم تفكيك قوى الثورة وتمزيقها، والاستيلاء على القرار الثوري من قبل الأحزاب السياسية، كما أن المكونات الثورية لا تملك أدوات إعلامية لإيصال صوتها للعالم، فوسائل الإعلام إما حزبية أو رسمية تتبع السلطة.

‪الآنسي: البلاد بحاجة لنظام سياسي جديد‬ (الجزيرة)
‪الآنسي: البلاد بحاجة لنظام سياسي جديد‬ (الجزيرة)

حالة إرباك
وأوضح الآنسي أن البلاد في حالة إرباك أصبحنا خلاله لا نعرف من يحكم ومن يعارض، والمكونات الثورية لا تعرف من تواجه، فهي ترفض الحوثي وعنفه، كما ترفض انتهازية الرئيس عبد ربه منصور هادي واللقاء المشترك، والبلاد أصبحت بحاجة إلى تشكيل نظام سياسي جديد يصبح مسؤولاً عن كل شيء، بعد ذلك ستنفجر الثورة في وجهه مثلما يحدث الآن في مصر.

وهاجم الآنسي الرئيس هادي، وقال إنه أساء لنفسه ولليمن، وتعدى مرحلة الضعف إلى مرحلة التواطؤ والخيانة، من خلال عدم تحركه للقيام بواجبه للدفاع عن العاصمة، كما هاجم عبد الملك الحوثي، وقال إنه ينتحر سياسياً، وإنه لن يستطيع أن يستعيد الحكم الذي يسعى إليه، ولن يستطيع بناء دولة بالعنف والفوضى.

ويرى صحفيون ومحللون أن المكونات الشبابية للثورة اليمنية ضعف دورها كثيراً بعد المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني الذي تم بين مراكز القوى التقليدية، ولم تعطَ فيه للشباب المكانة التي كان يتوجب أن يأخذوها، مما أضعف دورهم في المرحلة الحالية.

موقف سلبي
وقال علي الفقيه -نائب رئيس تحرير صحيفة المصدر اليومية- إن الموقف الحالي لتلك المكونات الشبابية ضعيف وسلبي، وحتى وإن صدر عن بعضها بيانات أو مواقف فإنها محدودة، فلم يعد لتلك المكونات الحضور القوي الذي كانت تتمتع به في السابق، رغم وقوف الكثير من القيادات الشبابية الثورية مع الاصطفاف الوطني.

واعتبر في حديث للجزيرة نت أن الأحزاب السياسية اختطفت الدور الذي كانت تقوم به المكونات الشبابية، كما أن بعض قادة تلك المكونات تنتمي لأحزاب معينة فطغت عليها مواقف تلك الأحزاب، وبعدها انشغل الكثير من نشطاء الثورة بالحصول على مناصب بالدولة الأمر الذي أضعف نشاطهم ونشاط مكوناتهم.

ودعا الفقيه تلك المكونات لاستعادة دورها الوطني بعيداً عن هيمنة الأحزاب، واتخاذ مبادرة العودة لقيادة الشارع مثلما قادته عام 2011، مشيراً إلى أنه يمكنها تصدر المشهد مجدداً من خلال عمل منظم ومبادرات جدية وليس من خلال فقاعات لمواجهة العنف فقط.

‪شمسان: الفترة التي انقطع فيها الشباب عن الساحات انتجت تحالفات جديدة‬ (الجزيرة)
‪شمسان: الفترة التي انقطع فيها الشباب عن الساحات انتجت تحالفات جديدة‬ (الجزيرة)
الفاعل الرئيسي
بدوره، يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء عبد الباقي شمسان أن مراكز القوى التقليدية هي الفاعل الرئيسي في الحقل السياسي اليمني نتيجة العمليات الممنهجة التي اتبعها النظام السابق لإضعاف قوى التحديث الشبابية التي كانت تمثل الأغلبية خلال الثورة إلا أنها افتقرت للتنظيم.

وقال في حديث للجزيرة نت إن انضمام الأحزاب السياسية للثورة أسهم في إضعاف جماعات التحديث الشبابية، كون تلك الأحزاب تعتمد في تحالفاتها على مراكز القوى التقليدية.

 
وأضاف أن "التسوية السياسية أعادت توزيع السلطة بين القوى المتصارعة بعيداً عن المكونات الشبابية"، الأمر الذي أعاد نفوذ النظام السابق بقوة، بينما لم تكن نسبة تواجد الأطراف الأخرى في السلطة الانتقالية قادرة على إحداث التغيير.

موضحاً أنه لم تتم الاستفادة من الزخم الجماهيري الشبابي الموجود، الأمر الذي يفسر ما يحدث حالياً. فقد وجد الرئيس الانتقالي نفسه وحيداً دون جماهير داعمة له، إلا في مرحلة متأخرة عندما قامت القوى الرئيسية بتشكيل ما يعرف بالاصطفاف الوطني.

ونوه شمسان إلى أنه كان ينبغي ألا تُرفع ساحات الاحتجاج بعد التوقيع على المبادرة الخليجية، أو إيجاد آلية أخرى للاحتجاج المستمر بعد رفعها.

ويؤكد أن الفترة التي انقطع فيها الشباب عن الساحات "أنتجت تحالفات جديدة غيرت المعادلة السياسية". مشيراً إلى أن قوى التحديث الشبابية بحاجة إلى قرابة عقد ونصف العقد للانتظام في حركات اجتماعية أو أحزاب سياسية.

المصدر : الجزيرة