الحوار الوطني السوداني في مهب الاعتقالات

المعارضة السودانية تحذّر من تعثر الحوار الوطني بالسودان
أغلبية قوى المعارضة السودانية تشكك في جدية الحكومة في الحوار الوطني والتوافق السياسي (الجزيرة)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

يشكك مراقبون في جدية وجدوى الحوار الوطني والتوافق السياسي الذي تقدمت به الحكومة السودانية للإصلاح السياسي في البلاد، بعد حملة الاعتقالات التي نفذتها الحكومة ضد سياسيين بينهم زعيم حزب الأمة الصادق المهدي ورئيس المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ.

وعززت الإجراءات -التي شملت استدعاءات عشرات الصحفيين ومثول بعضهم أمام النيابات المختلفة ومصادرة وإيقاف بعض الصحف- شكوكا طرحتها قوى معارضة رافضة لمبدأ الحوار مع الحكومة بعدما اتهمتها بعدم الجدية.

ورغم ما تشهده الساحة السياسية السودانية خلال الفترة الأخيرة من تباعد بين الحكومة ممثلة في المؤتمر الوطني وأغلب قوى المعارضة، فإن حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الدكتور حسن الترابي بدا كأنه في الطريق إلى التصالح مع الحكومة منفردا.

بينما تتجه قوى مؤثرة سبق لها الموافقة على الحوار إلى اتخاذ قرار مقاطعته، أو على الأقل تجميده، أسوة بأحزاب وتنظيمات ومجموعات أخرى ترفض مجرد الحوار مع الحكومة في ظل أوضاع متأزمة تعيشها البلاد.

كمال عمر: نتوسط لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين لإنجاح الحوار (الجزيرة)
كمال عمر: نتوسط لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين لإنجاح الحوار (الجزيرة)

توافق وطني
حزب المؤتمر الشعبي برر تمسكه بالحوار لحاجة البلاد إلى التوافق الوطني بين كافة الفرقاء، مشيرا إلى أنه لن يتخلى عن ذلك "حتى لو اعتقل زعيمه الترابي نفسه".

ولم يكتف بذلك، بل قرر المؤتمر الشعبي -وفق أمينه السياسي كمال عمر عبد السلام- التوسط لدى الرئيس عمر البشير لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين "وعلى رأسهم المهدي والشيخ".

ويقول إنه لم يتوقف عن البحث عن سبيل لمواصلة الحوار وإطلاق المهدي "لأن الأخير ذو أهمية قصوى لعملية السلام التي ظل من الداعمين لها قبل اعتقاله".

ويكشف أن لحزبه لقاءات خاصة ومتواصلة مع النائب الأول لرئيس الجمهورية "أبلغناه فيها رفضنا الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بحق المهدي والشيخ وسياسيين آخرين"، وطالبوه بإطلاقهم جميعا "لضمان حوار سياسي مثمر".

تعليق الحوار
بينما أكد حزب حركة الإصلاح الآن الذي أعلن تعليق الحوار مع الحكومة وصوله لقناعة تامة بعدم جدية الحكومة في تنفيذ ما طرحته من حوار، لافتا إلى ما اعتبره تراجعا حكوميا كبيرا عن كل ما طرح خلال الفترة الماضية.

وقال الحزب على لسان رئيس لجنة الحوار والسياسات بالحزب فضل الله محمد فضل إن الحزب سلك الطرق الإيجابية، وعمل على تعزيز الحوار الوطني بالإسهام في إقناع عدة جهات معارضة بقبول الحوار "لكن الحكومة وكعادتها خذلتنا تماما".

وكشف في حديثه للجزيرة نت أن حزبي المؤتمر الشعبي والعربي الناصري هما من يرفضان تعليق الحوار مع الحكومة حتى الآن، مشيرا إلى أن أغلب الأحزاب اختارت جانب تعليق الحوار.

وأعلن فضل عن وجود مذكرة رفعت لرئيس الجمهورية عمر البشير، تحمل ملاحظات المعارضة على ما يجري، ومنحه فترة أسبوع لاتخاذ قرار إيجابي لصالح البلاد.

وأضاف أن الحكومة "عندها إحساس بالبقاء والخلود في كراسي السلطة، وبالتالي فإن كثيرا من رموزها غير آبهين بما يجري من حولهم".

اعتقال المهدي شكل ضربة قوية لمصداقية الحكومة في إنجاح الحوار (الجزيرة-أرشيف )
اعتقال المهدي شكل ضربة قوية لمصداقية الحكومة في إنجاح الحوار (الجزيرة-أرشيف )

إستراتيجية حكومية
أما حزب المؤتمر الوطني الحاكم، فأعلن استمرار الحوار السياسي وضرورته للمرحلة المقبلة. وقال الناطق الرسمي باسم المؤتمر ياسر يوسف للصحفيين إن "الجميع ينظر إلى الحوار والتوافق الوطني على أنه الأساس في معالجة أزمات البلاد".

واستبعد إمكانية تأثير الإجراءات الأخيرة ضد السياسيين والصحافيين على الحوار الذي تطرحه الحكومة "وتتمسك به كإستراتيجية لا بديل عنها".

غير أن حزب الأمة القومي والحركة الشعبية قطاع الشمال قالا إنهما يرقبان نظام المؤتمر الوطني وهو يدخل في طور "الانحطاط الشامل والنهائي"، بالاستناد إلى مليشيات منفلتة ذات صيت سيئ في الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان وتفاقم صراعات النظام الداخلية، وإطلاقه رصاصة الرحمة على مبادرته للحوار الوطني.

وطالبا في بيان مشترك بوحدة قوى التغيير في جبهة عريضة تستعيد الديمقراطية وفق المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وتحقق السلام الشامل والعادل، مع عدالة تقسيم السلطة والثروة والمواطنة المتساوية بلا تمييز.

كما طالبا كافة قوى التغيير إلى تغليب أولوية معركتها مع السلطة "الإجرامية الدموية بهزيمة مؤامراتها التي عملت طوال العقدين السابقين، هي تقسيم السودانيين وزرع الخلافات بينهم وحرفهم نحو الصراعات الجانبية والثانوية"، وفق بيانهما.

المصدر : الجزيرة