عودة التوتر لمعان الأردنية في ذكرى "هبة نيسان"

إطارات مشتعلة في شوارع معان
شبان في معان يغلقون الشوارع الرئيسية بالإطارات المشتعلة أثناء المواجهات مع الأمن (الجزيرة نت)

 محمد النجار-عمان

 

تجددت أعمال الشغب والمواجهات بين محتجين وقوات الأمن والدرك الأردنية اليوم الأربعاء في مدينة معان (250 كم جنوب عمان) بعد مقتل شاب بالرصاص ليلة أمس الثلاثاء إثر مواجهات مع قوات الدرك، تزامنا مع الذكرى الخامسة والعشرين لما يعرف بـ"هبة نيسان" التي شهدت مواجهات غير مسبوقة بين الأمن ومحتجين بمدن الجنوب الأردني.

وقتل الشاب قصي الإمامي (19 سنة) بالرصاص أثناء خروجه من المسجد وفقا لما ذكره عضو البرلمان عن المدينة عوض كريشان في جلسة عقدها مجلس النواب مساء اليوم الأربعاء.

والشاب الإمامي هو أحد النشطاء في التيار السلفي الجهادي بالمدينة التي تعتبر المعقل الرئيس للتيار في المملكة، لكن النائب كريشان وشهود عيان بالمدينة نفوا ضلوع الشاب بالمواجهات مع قوات الأمن.

واستنكر كريشان بشدة استخدام وسائل إعلام لصورة الإمامي وهو يحمل السلاح، مؤكدا أن الصورة قديمة وأن الشاب تواجد بالصدفة في مكان المواجهات.

والإمامي هو ثامن مواطن من معان يقتل هذا العام في مواجهات أو أعمال توتر وشغب مع قوات الأمن التي أعلنت غير مرة مقتل من وصفتهم بـ"مطلوبين وأصحاب أسبقيات ومطلوبين على قضايا جرمية" هذا العام.

كان القيادي البارز في التيار السلفي الجهادي في معان محمد الشلبي "أبو سياف" نفى أي علاقة للإمامي بما جرى، وعبر عن غضبه إثر مقتل الإمامي"، وعلق بالقول "حادثة مقتله "لن تمر مرور الكرام".

وأشار أبو سياف للجزيرة نت إلى أن "الإمامي قتل على يد قوات النظام، نريد معرفة من أطلق الرصاص عليه (..) هناك غضب كبير في صفوف شباب التيار إثر ما جرى".

‪تشييع جنازة الشاب قصي الإمامي‬ (الجزيرة نت)
‪تشييع جنازة الشاب قصي الإمامي‬ (الجزيرة نت)

عودة التوتر
وعاد التوتر لمدينة معان اليوم، حيث أشعل محتجون الإطارات المطاطية، كما أغلقوا العديد من الطرق الرئيسية والفرعية بالحاويات والحجارة احتجاجا على مواجهات الأمس ومقتل الشاب الإمامي.

كما ساد المدينة إضراب واسع، حيث أغلقت المدارس أبوابها، وعم الشلل مرافق المدينة الرئيسية، حيث شمل الإغلاق كافة المحال التجارية تقريبا باستثناء المخابز والصيدليات ومرافق أخرى قليلة.

وقبيل تشييع الشاب الإمامي بعد صلاة عصر الأربعاء، تجمع العديد من الشبان في بعض الطرق واشتبكوا مع قوات الدرك التي باتت تسيطر على الوضع الأمني بالمدينة. وانتشرت مدرعات وسيارات قوات الدرك المصفحة في محيط المؤسسات العامة، فيما غابت المظاهر الأمنية عن شوارع المدينة وخاصة الداخلية منها.

وشهدت جنازة الإمامي حضورا شعبيا لافتا من وجهاء وأبناء مدينة معان، حيث أطلق المشيعون هتافات طالت النظام في الأردن، فيما تعالت الصيحات التي تطالب بالثأر.

وكانت معان قد شهدت مساء الثلاثاء أعمال شغب واسعة إثر مقتل الشاب الإمامي، وبعد أن نفذت قوات من الدرك عمليات مداهمة وملاحقة بحثا عن من وصفتهم بالمطلوبين، وذلك بعد يومين من إصابة ثلاثة من رجال الدرك برصاص أطلق عليهم من قبل مجهولين أمام محكمة معان.

وأحرق محتجون مقرا لإحدى شركات الاتصالات وبرجا للبث، كما أضرموا النيران بمركبات ومرافق عامة.

ورفع محتجون لافتات على إحدى المؤسسات العامة كتب عليها "دماؤنا ليست رخيصة.. الرحمة لشهدائنا الأبطال.. والحرية لأسرانا في المعتقلات"، وكتب على أخرى "السياسات الأمنية القمعية الظالمة في حل قضايا معان تجر البلاد إلى ما لا يحمد عقباه".

اتهام ومطالبة
واتهم رئيس بلدية معان ماجد الشراري وزير الداخلية حسين المجالي وعددا من القيادات الأمنية في معان بتنفيذ ما سماها "مؤامرة" ضد المدينة، وأعلن في بيان أصدره أمس الحداد لمدة ثلاثة أيام على الشاب القتيل.

كما طالب الشراري -في حديث للجزيرة نت- العاهل الأردني باسم وجهاء معان بتشكيل لجنة مشتركة يشرف عليها الملك، لبحث ما وصفها "التجاوزات التي ارتكبتها الأجهزة الرسمية خلال عام كامل بحق معان وأبنائها"، متهما الأجهزة الأمنية بـ"انتهاك المدينة".

سيارات الأمن والدرك انتشرت في شوارع معان (الجزيرة نت)
سيارات الأمن والدرك انتشرت في شوارع معان (الجزيرة نت)

واعتبر أن أهم مطالب أبناء المدينة "إقالة وزير الداخلية والمسؤولين الأمنيين"، محذرا من نتائج ما يجري في حال لم تتخذ الإجراءات السريعة لوقف الاحتقان "لأن أبناء المدينة لن يقبلوا باستمرار هذا الوضع"، كما قال.

وتزامنت أحداث التوتر هذه مع الذكرى الخامسة والعشرين لأحداث ما يعرف بـ"هبة نيسان" والتي قتل فيها تسعة من أبناء المدينة في مواجهات غير مسبوقة مع قوات الأمن عام 1989، انتشرت فيما بعد لبقية مدن الجنوب الأردني، وكانت مقدمة لعودة المملكة للمسار الديمقراطي الذي توقف منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية التي كانت جزءا من المملكة عام 1967.

وشهدت معان منذ ذلك التاريخ محطات عديدة من التوتر مع قوات الأمن، كان أبرزها مواجهتي عامي 1996 إثر ما عرف بـ"انتفاضة الخبز" وعام 2002 إثر مقتل الدبلوماسي الأميركي لورنس فولي إثر محاولة الأمن القبض على عدد من أبرز قيادات السلفية الجهادية بالمدينة.

ويؤكد نشطاء في المدينة أن هناك شعورا مستمرا باستهداف معان من قبل الأجهزة الرسمية، حيث قتل فيها نحو 34 مواطنا منذ "هبة نيسان".

واعتبر القيادي البارز في الحراك الشعبي بالمدينة الدكتور أكرم كريشان إن ما تشهده معان "مؤامرة دبرتها جهات رسمية"، وأردف "بعد هبة نيسان المجيدة أصبح هناك عداء واضح ضد المدينة وسكانها".

المصدر : الجزيرة