مصور يحكي تجربته بزنازين تنظيم الدولة

الخاني اعتقل مرتين في سجون تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام
undefined

ناريمان عثمان-أنطاكيا

اكتشف المصور الصحفي عمر الخاني عوالم الأقبية المظلمة والتعذيب والإعدامات خلال اعتقاله مرتين لدى ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، قابل خلالهما مجاهدين سوريين وعرباً، ولمس تفاوتاً في المعاملة والعقلية بين معتقل وآخر.

وتسببت المهنة للخاني بالتعذيب والمعاملة السيئة، إذ كان من ضمن المعتقلين داخل مستشفى الأطفال بحلب في أغسطس/آب الماضي بعد أن حوله التنظيم إلى فرع أمني.

وقال "كان قبو المستشفى هو المعتقل والغرف شديدة الاكتظاظ لدرجة أن المعتقلين كانوا ينامون على جنوبهم ولا مكان للاستلقاء على الظهر".

وأضاف أنه قضى الأيام الأربعة الأولى واقفاً في الممر وهو معصوب العينين، دون أن يُسمح له بالجلوس أو حتى الصلاة.

وبيّن الخاني أن هذا التنظيم ليس نسيجاً متجانساً، فهم ينقسمون إلى قسمين الأول هو الشرعي ويضم القضاة والمجاهدين، والثاني هو القسم الأمني وهو نسخة من مخابرات النظام، ومعظمهم سوريون كانوا معتقلين سابقين لدى النظام ويستخدمون أساليبه في التعذيب.

وقال الخاني إنه لاحظ فرقاً واضحاً في المعاملة عندما انتقل إلى فرع يسيطر عليه المجاهدون، حيث إنهم لم يكونوا يسيئون إليهم.

أشكال التعذيب
لكل سجان أسلوبه في التعذيب وفقاً للخاني الذي قال إن محاولات الخنق كانت شائعة، "كانوا يضعون كيساً بلاستيكياً على رأسي ويحكمون إغلاقه، في البداية كنت أمزقه بأسناني ثم زادوا عدد الأكياس، ويبقونها هكذا حتى أشارف على الاختناق".

كان السجن معتماً لا يدخله أي ضوء حتى في النهار، وكان شديد الرطوبة والبرودة، وكانت هناك ثلاثة مراحيض بلا أبواب يمكن لمن يقف خارجها أن يرى من يستخدمها، وكان يسمح لنا بالخروج لمرة واحدة يومياً

أما الصعق بالكهرباء فأسلوب آخر يعتمدونه في التعذيب حيث كانت الصعقات تؤدي إلى فتح قروح كبيرة في الجلد، وبعض السجانين كانوا يستخدمون السلاسل الحديدية في الضرب، وآخرون يعتمدون على العصي.

وكان هناك سجّان لديه طريقة خاصة في التعذيب حيث يستعمل قماشة تحوي مادة ما ويضعها على فم وأنف السجين فيقع أرضاً ويصاب بنوع من الشلل وألم في الكليتين ثم يبدأ بضربه، وكثيراً ما كرر هذا الأمر مع العديد من المعتقلين، بحسب الخاني.

وأشار إلى أنه تعرض لأربع جلسات تعذيب وأُطلق سراحه بعد 35 يوماً من الاعتقال، لكن دون أن يعيدوا إليه أغراضه من كمبيوتر محمول وهواتف محمولة وجهاز آيباد.

وبعد فترة من إطلاق سراحه قابل الخاني أحد أمراء التنظيم في إدلب وهو سعودي الجنسية، وقال "أبدى الأمير استغرابه الشديد واستهجانه لوجود سجون تابعة للتنظيم قائلاً إن لا علم له بوجود تلك السجون"، مضيفاً أن التنظيم الموجود في إدلب كان ذا طابع دعوي.

اعتُقل الخاني بعد فترة في حلب من جديد وقضى معظم فترة الاعتقال في المنطقة الصناعية من المدينة، هذه المرة كان المعتقل عبارة عن ورشة نجارة بنى التنظيم في قبوها زنازين انفرادية.

"لقد كان السجن معتماً لا يدخله أي ضوء حتى في النهار، وكان شديد الرطوبة والبرودة، وكانت هناك ثلاثة مراحيض بلا أبواب يمكن لمن يقف خارجها أن يرى من يستخدمها، وكان يسمح لنا بالخروج لمرة واحدة يومياً".

خمسون يوماً قضاها الخاني في زنزانة انفرادية عرضها 80 سم وطولها 190 سم، وشاركه فيها معتقل آخر لثمانية أيام.

ويقول الخاني "كانت الثلوج تتساقط في الخارج في الوقت الذي كنت فيه أفترش بطانية على الأرض وأتدثر بأخرى، أما الطعام فكان رديئاً وقليلاً جداً وغير مشبع، وأحياناً كنا نمنع من الخروج للحمام فنضطر لاستخدام قنينة الماء الوحيدة التي نشرب منها للتبول".

رفاق السجن
في ليالي السجن الطويلة وبعد أن يصعد السجانون إلى الطابق العلوي، كان المعتقلون يتبادلون الأحاديث كل من زنزانته الانفرادية.

وعرف الخاني أن من هؤلاء المعتقلين أحد القضاة من التنظيم نفسه اسمه أبو شعيب المصري وأيضاً داعية يمني كانا على خلاف مع "أمير حلب" فاعتقلهما.

كما كانت هناك سيدتان وضعتا في زنزانة انفرادية واحدة الأولى اسمها أم مصطفى من حلب ولديها ثلاثة أولاد اتهمت بأنها من الشبيحة، والثانية تدعى أم خالد من حمص اتهمت بوضع متفجرات في سيارة.

ونُفِّذ الإعدام بالسيدتين بعد أيام، وبحسب الخاني فإن الإعدامات تتم ليلاً حيث تربط يدي المعتقل خلف ظهره، ويتم اصطحاب بعض السجناء الآخرين ليشهدوا تنفيذ الإعدام لترهيبهم.

ويروي الخاني أنه في إحدى الليالي فُتح باب السجن وأُخذ عشرة أشخاص من بينهم الشاب الذي كان معه في الزنزانة حيث جرى إعدامهم جميعاً رمياً بالرصاص.

المصدر : الجزيرة