توالي الإدانات ودعوات لملاحقة قضائية للمسؤولين عن التعذيب

تزايدت الدعوات أمس الأربعاء في الولايات المتحدة والعالم إلى رفع دعاوى قضائية بعد الكشف عن استخدام التعذيب من قبل وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أي)، وإن كان من غير المرجح أن تسلك إدارة الرئيس أوباما هذا الطريق.

وفي الوقت الذي اطلع فيه الأميركيون على تقرير مجلس الشيوخ الأميركي عن استخدام التعذيب في استجواب العشرات من المعتقلين في سجون "سي آي أي" نبهت وزارة العدل مسبقا إلى أن هذا الملف قد أغلق.

وأوضح مسؤول في وزارة العدل لوكالة الصحافة الفرنسية -طلب عدم ذكر اسمه- أنه "لا توجد أي معلومات جديدة" في التقرير الذي نشر أول أمس الثلاثاء تختلف عن تلك الواردة في "التحقيق المعمق" الذي جرى عام 2009. وقال "إننا عند قرارنا الأول بعدم رفع دعاوى جنائية".

وأوضح المسؤول الأميركي نفسه أنه بعد تحقيقين أجراهما المدعي الفدرالي جون دورهان عام 2009 تخلت وزارة العدل عن إقامة أي ملاحقة قضائية، لأن "الأدلة غير كافية للحصول على إدانة لا تشوبها شكوك منطقية". وأضاف أن "تحقيقنا يقتصر على معرفة ما إذا كانت جرائم يمكن ملاحقتها قد ارتكبت".

غير أن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد الحسين اعتبر أن "اتفاقية التعذيب شديدة الوضوح، ولا توجد أي ظروف استثنائية يمكن أن تبرر التعذيب".

تنديد
وقد أثارت المعلومات التي تضمنها تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ردود فعل مستنكرة في العالم مع مطالبة واشنطن بالتحرك إزاء هذا الأمر، فقد نددت برلين بـ"انتهاك خطير للقيم الديمقراطية" كما أكد وزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير في حديث ينشر اليوم الخميس.

واعتبر الاتحاد الأوروبي أن هذه المعلومات "تثير تساؤلات مهمة بشأن انتهاك حقوق الإنسان من قبل السلطات الأميركية والعاملين في وكالة الاستخبارات" كما علقت المتحدثة باسم الجهاز الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي كاترين راي.

من جانبه، قال مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بن إمرسون إن "المسؤولين عن هذه المؤامرة الإجرامية يجب أن يحالوا إلى القضاء".

وأعرب الرئيس الأفغاني أشرف غني عن استنكاره، منددا بـ"أعمال غير إنسانية" لمسؤولي المخابرات الأميركية أثارت "دائرة مفرغة" من العنف في خضم هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

أوباما: لا توجد أمة مثالية (أسوشيتد برس)
أوباما: لا توجد أمة مثالية (أسوشيتد برس)

وإيران التي تواجه بانتظام تنديدا في الأمم المتحدة لعدم احترامها حقوق الإنسان وصفت في تغريدة على تويتر الولايات المتحدة بأنها "رمز الطغيان على البشرية".

من جهتها، طالبت كوريا الشمالية مجلس الأمن الدولي أول أمس الثلاثاء بإدانة الولايات المتحدة، واعتبرت أن ما كشفه التقرير يشكل اختبارا جديا لمصداقية المجلس.

وأعلنت الرئاسة الليتوانية أمس الأربعاء أن ليتوانيا على استعداد "لتحمل مسؤوليتها" إذا كانت بلادها استضافت مركزا للاستجواب تابعا لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

واعتبر إدوارد سنودن -الذي كشف معلومات سرية عن حجم برنامج المراقبة الأميركي- أن أساليب التعذيب التي استخدمتها الاستخبارات الأميركية "جرائم لا تغتفر"، وذلك في مؤتمر صحفي بالفيديو في باريس.

وتتهم "سي آي أي" -التي تعترض على نتائج التقرير- أيضا بإخضاع 39 معتقلا لتقنيات استجواب شديدة القسوة بعضها لا تقره السلطة التنفيذية.

وتعليقا على ذلك قال الرئيس الأميركي باراك أوباما "لا توجد أمة مثالية"، مضيفا "لكن إحدى نقاط قوة أميركا تتمثل في رغبتنا في أن نواجه صراحة ماضينا وأن نواجه عيوبنا ونجري التغيير لتحسين أنفسنا".

اتحاد الحريات الأميركية اعتبر أن "التراث الذي سيتركه أوباما في مجال حقوق الإنسان لأميركا والعالم يتوقف على الطريقة التي سيحقق بها العدالة للذين تعرضوا للتعذيب".

وردا على ذلك قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست أمس الأربعاء "ليس رئيس الولايات المتحدة هو الذي يجب أن يجري تحقيقا جنائيا بشأن تصرفات شخص يعمل في سي آي أي، هذه مسؤولية المدعي الفدرالي".

تقرير مجلس الشيوخ عن التعذيب أثار ردود فعل واسعة (الجزيرة)
تقرير مجلس الشيوخ عن التعذيب أثار ردود فعل واسعة (الجزيرة)

محاسبة
وحثت عدة منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان ومحامون واشنطن على إجراء محاسبة على هذه الأعمال ومحاكمة مسؤولي "سي آي أي" المشاركين في هذا البرنامج.

وقال مدير هيومن رايتس ووتش كينيث روث "يجب عدم وضع تقرير مجلس الشيوخ على الرف أو في أسطوانة مدمجة، لكنه يجب أن يستخدم كأساس لتحقيق جنائي بشأن استخدام وسائل تعذيب من قبل مسؤولين أميركيين".

كما دعت منظمة "كيدج" البريطانية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى ملاحقات قضائية، مؤكدة أنه "توجد في هذا التقرير أدلة دامغة تبرر رفع دعاوى قضائية".

وأعرب ديفد نيفن- محامي خالد شيخ محمد الذي تعرض لأشد صنوف التعذيب حسب تقرير مجلس الشيوخ- في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية عن الأسف، لأن "لا أحد في الحكومة تحمل المسؤولية عن هذه الانتهاكات الواضحة للقانون الأميركي والدولي".

واعتبر اتحاد الحريات الأميركية أنه باتخاذ بعض الإجراءات الفورية "يمكن لإدارة أوباما البدء في إصلاح التجاوزات التي ارتكبت باسمنا"، مطالبا بتعيين مدع عام خاص للموضوع.

المصدر : الجزيرة + وكالات