"النعيم" في عاصمة الخلافة بات جحيما

جثث القتلى في دوار النعيم
جثث قتلى أعدمهم تنظيم الدولة في ساحة دوار النعيم وسط مدينة الرقة (الجزيرة نت)

الجزيرة نت-الرقة

لم يعد لدوار النعيم في مدينة الرقة شمال شرق سوريا من اسمه نصيب، فمنذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة بداية العام الجاري بات مكانا للموت والجحيم، حيث تعلق الرؤوس على أسواره يوميا، حتى أطلق عليه سكان المدينة في الآونة الأخيرة اسم دوار الجحيم.

يفخر أهل مدينة الرقة بأنها كانت ذات يوم مصيفا للخليفة العباسي الأشهر هارون الرشيد، وأن هذا الدوار أحد أهم معالمها الحديثة، حسب قول أحد نشطاء المدينة "راشد".

وأضاف راشد في حديث للجزيرة نت "بات هذا الدوار هدفا لطياري الأسد الذين يصبون جام حقدهم وغضبهم عليه، لأنهم يعتقدون أن مقرات التنظيم تقع حوله أو قريبا منه، فيتطاير المدنيون أشلاء متناثرة، في مشاهد سكنت ذاكرة المدينة التي عرفت الإهمال في عهد النظام الأسدي، وأضحت اليوم عاصمة دولة الخلافة الإسلامية".

‪ناشط من الرقة: بتنا نصحو‬ (الجزيرة نت)
‪ناشط من الرقة: بتنا نصحو‬ (الجزيرة نت)

مكان المظاهرات
وشهد هذا الدوار مظاهرات الشبان المطالبين بالحرية وإسقاط النظام في بداية الثورة، وهو مركز المدينة، وتحيط به أسواق كانت تعج بالحياة، قبل أن يسيطر عليها تنظيم الدولة.

يقول أحد شباب الرقة المتمسكين بالبقاء في المدينة "كلما مررت بدوار النعيم أنظر بوجع إليه، أتذكر كيف كنا نخرج في مظاهرات تدعو للحرية والكرامة والمساواة، كنا ننتظر يوم الجمعة بلهفة كي نخرج هاتفين ومتحدّين رصاص جيش الأسد".

ويضيف "بات الدوار مكانا تفوح منه رائحة الموت، حيث بتنا نصحو على مشاهد الرؤوس المعلقة، فقد نشروا ثقافة الموت في كل مكان كما يفعل النظام.. إنهم من طينة واحدة، ومن منبت إجرامي واحد".

وتسرع إحدى النساء المتشحات بالسواد بعد فرض تنظيم الدولة النقاب على المرأة بالقوة وهي تعبر الدوار، "لا ندري متى تأتي طائرات بشار لتقصف، فقد باتت حياتنا جحيما".. قالت ذلك على عجل وهي تحاول الوصول الى أبعد نقطة عن الدوار.

تتميز مدينة الرقة بكثرة الدوارات فيها، ففي وسطها يوجد دوار الساعة الشهير، ودوار المحافظة الذي كان يوما دوار الرئيس، وكان فيه نصب لحافظ الأسد أسقطه الثوار عندما طردوا قوات النظام من المدينة في مارس/آذار 2013.

مقاتلون من تنظيم الدولة في مدينة الرقة (أسوشيتد برس)
مقاتلون من تنظيم الدولة في مدينة الرقة (أسوشيتد برس)

تقطيع الرؤوس
يصف أحد مثقفي المدينة حفلة لتقطيع الرؤوس وتعليقها على أسوار الدوار، أقامها تنظيم الدولة، فيقول "إنهم يتلذذون بالموت لهم ولغيرهم"، مؤكدا أن المجتمع البسيط والمعتدل في الرقة لم ولن يستطيع التعايش طويلا مع ثقافة الموت، ولن يقبل أن يكون نعيمه جحيما، ولو بعد حين.

وفي حديث مع أحد عناصر التنظيم على أحد الحواجز المحيطة بالدوار، أشار أبو العزم -وهو شاب من أبناء المدينة بايع تنظيم الدولة حديثا- أن عرض القتلى والرؤوس المقطوعة يهدف إلى تنبيه الناس مما سيحل بكل من يحمل السلاح في وجه "دولة الخلافة"، على حد قوله.

وأضاف أبو العزم للجزيرة نت "مارس النظام أكثر الأعمال بشاعة وإجراما بحق أهلنا في سوريا، ونحن نحاول أن نزرع الرعب في صدور عناصره وكل من يتعامل معهم، من خلال عرض جثث قتلاه على الآخرين كي يتعظوا".

يجزم أحمد -وهو شاب رقاوي- أن "لا مستقبل لتنظيم الدولة في المدينة التي يمر نهر الفرات قريبا منها، مدينة عبد السلام العجيلي الذي ترك الدنيا قبل سنوات من أجل ثورة كان يحلم بها".

مدينة الرقة هي المدينة السورية الأولى التي خرجت عن سيطرة النظام بالكامل، ولكن سرعان ما استغل تنظيم الدولة حالة الفوضى وانقسامات الفصائل التي دخلت مصيف الرشيد، ليبسط سيطرته عليها ويبدأ رحلة التمدد في الجغرافيا السورية.

المصدر : الجزيرة