عين سلوان.. ضحية جديدة للتهويد

قناة ضيقة من قنوات العين جففها الاحتلال قبل سنوات وعاد ليضخ المياه بها مؤخرا.
قناة ضيقة من قنوات العين جففها الاحتلال قبل سنوات وعاد ليضخ المياه بها مؤخرا (الجزيرة)

أسيل جندي-القدس المحتلة

لا تتوقف عمليات تغيير ملامح مدينة القدس المحتلة، فأخطبوط التهويد يمتد ليلتهم ما تبقى من آثار ومواقع تاريخية تركت بصمتها عبر آلاف السنين في المدينة ومن هذه المواقع، عين بلدة سلوان التي حولها الاحتلال مؤخرا لمسارات تلمودية.

وتُعد عين سلوان الجارية مكانا حضاريا وتاريخيا قديما، يعود عمرها إلى خمسة آلاف عام، عندما حفر الكنعانيون قناة تحت الأرض بطول 533 مترا، وكان يتعيش منها كافة سكان بلدة سلوان والبلدة القديمة بالقدس ويستخدمونها في الأعمال المنزلية وري المزروعات، وهي من أقدم الأماكن التي سجلت في الوقف الإسلامي وكان ذلك في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه.

ويقول المواطن أبو إبراهيم صيام -الذي واكب مراحل تهويد عين سلوان- إن وضع اليد والسيطرة على العين بدأ منذ ثماني سنوات، عن طريق إنشاء مراكز ومحطات للدخول وزيارة العين وقطعها مشيا على الأقدام.

وبات على كل من يرغب بزيارتها دفع مبلغ للقائمين على ما تسمى "مدينة داود"، علما أن المكان ولآلاف السنين كان متاحا بشكل مجاني لكل الزوار من سكان محليين وسياح أجانب، وفقا لأبو إبراهيم.

‪أبو دياب: الاحتلال زوّر وطمس الكثير من المسارات الكنعانية والبيزنطية قبل تحويلها لمسارات تلمودية‬ (الجزيرة)
‪أبو دياب: الاحتلال زوّر وطمس الكثير من المسارات الكنعانية والبيزنطية قبل تحويلها لمسارات تلمودية‬ (الجزيرة)

غسل للأدمغة
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن الحفريات تجري على قدم وساق في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى، وهناك شبكة أنفاق كبيرة تحت البلدة، مشيرا إلى خطورة الأدلاء السياحيين الإسرائيليين الذين يرافقون الزوار بمسارهم داخل العين، وزرع روايات كاذبة بعقول السياح الأجانب وكل من يرغب بقطع المسار، لمحاولة محو التاريخ العربي الإسلامي والمسيحي للمنطقة، في عملية غسيل دماغ واضحة.

وفي محاولة لاسترجاع تفاصيل الحياة اليومية، تقول الحاجة الثمانينية أم خالد عليان، إن عين سلوان كانت من أقوى العيون الجارية في المنطقة، وكان لها قنوات كثيرة ومتشعبة أبرزها، منطقة تجمع المياه في "بئر أيوب" التي استخدمها أهالي القرية في الشرب وري المزروعات، ولم يدخلها قديما أي يهودي، ولكن تم تجفيف البئر لاحقا وسحب المياه منه بشكل كامل مع قدوم الاحتلال.

وحسب رئيس لجنة الدفاع عن بلدة سلوان، فخري أبو دياب، فإن عين سلوان قديما لم تكن مصدر تمويل لأهالي البلدة فقط وإنما لسكان البلدة القديمة بالقدس، وكان يتم ذلك عبر أنفاق استغلها الاحتلال لاحقا للوصول للمسجد الأقصى وأسفل منازل بلدة سلوان.

وأضاف أن هناك منطقة وحيدة لم يتم شفط المياه منها في سلوان لأسباب سياسية، لأن الاحتلال يستخدمها في إيصال الرواية اليهودية التلمودية بأن هذه العين حفرت في عهد الهيكل الأول والثاني لتثبيت الوجود الإسرائيلي القديم في القدس.

‪يهود متدينون في نهاية جولتهم على عين بلدة سلوان‬ (الجزيرة)
‪يهود متدينون في نهاية جولتهم على عين بلدة سلوان‬ (الجزيرة)

مياه مقدسة
ويوضح أبو دياب أن الاحتلال زوّر وطمس الكثير من المسارات الكنعانية والبيزنطية وأضاف عليها نقوشات معينة قبل تحويلها لمسارات تلمودية للدلالة على يهودية المنطقة، وأشار إلى أن الاحتلال وضع محطات استراحة داخل العين وشاشات عرض لأفلام وثائقية تتحدث عن الأحقية اليهودية، وصرفت تل أبيب عشرات ملايين الدولارات لتهويد عين سلوان.

وعن قدسية مياه عين سلوان، يتحدث سكان المنطقة عن عشرات قصص الشفاء من أمراض بمجرد استحمام أصحابها في مياه العين، وقال شهود عيان إن مئات النسوة ممن عانين من التأخر بالإنجاب في السبعينيات توجهن لعين سلوان واستحممن بها من أجل تسريع الحمل لديهن.

وبالنسبة للمسيحيين فالعين هي المكان الذي شهد إحدى عجائب السيد المسيح عليه السلام، وهي إعادة النظر للرجل الأعمى الذي نصحه المسيح بغسل وجهه بمياه عين سلوان ليعود له بصره، وقد ذُكرت هذه القصة في الإنجيل، وما زال في المكان بقايا كنيسة بيزنطية، أقيمت في الموقع بسبب هذه الأعجوبة.

المصدر : الجزيرة