مرض بوتفليقة يعطل مجلس الوزراء الجزائري
ياسين بودهان-الجزائر
تسبب مرض الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في تعطيل انعقاد مجلس الوزراء ثمانية أشهر كاملة، وهو ما يهدد -بحسب متابعين- مؤسسات الدولة الجزائرية بالشلل والجمود، وبشكل خاص المؤسسة التشريعية التي افتتحت مؤخرا دورتها الخريفية بأجندة فارغة، رغم وجود ترسانة من مشاريع القوانين تنتظر المصادقة عليها.
وكان رئيس الوزراء عبد المالك سلال قال خلال افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان مؤخرا، بأنه لا حاجة لعقد مجلس الوزراء في الوقت الحالي، وأن الأمور تسير كما ينبغي، وهو ما اعتبره متابعون مؤشرا على أن الرئيس بوتفليقة ليس جاهزا على الأقل حاليا لمباشرة مهامه، الأمر الذي فتح بابا للنقاش حول آثار استمرار عدم انعقاد مجلس الوزراء على مؤسسات الدولة.
وافتتح البرلمان الجزائري دورته الخريفية بجدول أعمال خال من أية مشاريع قوانين جديدة، رغم وجود 14 قانونا جاهزا للمناقشة والتصويت، وهو ما يهدد المؤسسة بالجمود والشلل.
لكن رئيس حزب الحرية والعدالة محمد السعيد الذي يشغل منصب وزير الاتصال، دافع عن رئيس الوزراء وأكد أن تصريحاته بعدم حاجة الحكومة لعقد مجس الوزراء حاليا قد أخرجت عن سياقها، وأن سلال كان يقصد أن عدم اجتماع مجلس الوزراء لا يعني عدم اجتماع الحكومة التي تجتمع كل أربعاء.
وفي هذا السياق شدد عميد كلية العلوم السياسية بجامعة ورقلة، بوحنية قوي، في حديثه للجزيرة نت على أن الحالة الدستورية تشير صراحة إلى أن انعقاد مجلس الوزراء يكون تحت رئاسة رئيس الجمهورية، مضيفا بأن الحالة الصحية للرئيس طالما لا تسمح له بذلك فالمانع يمثل حالة ضرورية وواقعية لعدم الانعقاد.
أما جلول جودي الناطق باسم حزب العمال (اشتراكي معارض) فقد أوضح للجزيرة نت أن عدم انعقاد مجلس الوزراء لم يعطل عمل الحكومة.
وبيَّن أنه لو انعقد مجلس الوزراء خلال الفترة التي كان فيها البرلمان في عطلة، فإن ذلك يعني أن مشاريع القوانين الجاهزة سيتم تمريرها عن طريق أمر رئاسي، وعدم انعقاد المجلس فإن ذلك يعني إحالة تلك القوانين على البرلمان، ومناقشتها وإدخال تعديلات عليها.
وأضاف جودي أن عدم انعقاد مجلس الوزراء لا يعني شلل البرلمان، لأن هذا المجلس قد يعقد في أية لحظة خلال الفترة المقبلة، وقد يكون ذلك خلال الشهر الجاري، وبالتالي سيتم عرض 11 مشروعا جاهزا للمناقشة والتصويت عليها.
ارتباط بالرئيس
من جانبها تعتقد رئيسة حزب العدل والبيان نعيمة صالحي في حديثها للجزيرة نت أن مؤسسات الدولة مرتبطة بالوضع الصحي للرئيس، فهو الذي يترأس مجلس الوزراء، والرئيس معروف أن صحته لا تسمح بذلك.
وتابعت أنه لو تمت المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، فإن ذلك لا يخدم البلاد، على اعتبار أن الوقت غير كاف حيث أن ولاية بوتفليقة تنتهي في أبريل/نيسان المقبل.
أما رئيس جبهة الجزائر الجديدة جمال بن عبد السلام فاعتبر أن عدم انعقاد جلسات مجلس الوزراء، أمر واقع، وأن مرض الرئيس وضع مؤسسات الدولة كلها في حالة شلل، معتبرا أنه بالنتيجة فإن الجزائر دولة بلا رأس.
ولفت عبد السلام إلى أن حزبه طالب بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة لوضع حد لحالة الانسداد، لكن الحكومة تمارس سياسة الهروب إلى الأمام بخرق القانون والدستور، بحسب رأيه.
وذهب محمد حديبي مسؤول الاتصال بحركة النهضة (إسلامي معارض) إلى القول بأن الجزائر دخلت مرحلة تعطيل الدستور، وتسيير البلد خارج قوانين الجمهورية، بتعطيل آليات عمل البرلمان من تشريع ورقابة، وهو ما أدى برأيه إلى تفاقم الفساد، كما تم تعطيل السلطة القضائية، وإخضاعها لقبضة السلطة التنفيذية.
واستنكر حديبي إلغاء دور مجلس الوزراء، واختزال الدولة ومؤسساتها في أشخاص يتخذون القرارات بعيدا عن المؤسسات الرسمية، ولا يتحملون أي تبعات لقراراتهم التي قد تكون لها تبعات خطيرة بتعطيل العمل بالدستور بطريقة صامتة، ودون إعلان رسمي.
واعتبر أن ذلك يعكس الوضع المتراجع الذي وصلت إليه الجزائر، متهما السلطة بالاستهانة بالشعب الذي استغلت الظروف الإقليمية والدولية، لتبتزه في قراره السيادي، بتعطيل مؤسسات الدولة، بحسب رأيه.