جدل بتونس بشأن إرسال مقاتلين لسوريا

وزبر الداخلية التونسي طفي بن جدو (وسط)
undefined

خميس بن بريك-تونس

يتصاعد الجدل يوما بعد يوم في تونس بشأن مسؤولية الحكومة في الحدّ من تدفق الشبان إلى سوريا لاسيما بعد تأكيد وزير الداخلية لطفي بن جدو قبل أيام اعتقال 80 عنصرا متورّطا في تسفير هؤلاء الشبان.

وكشف بن جدو أن الأجهزة الأمنية منعت في الفترة الماضية نحو ستة آلاف شاب تونسي من السفر "للجهاد" في سوريا، مفجرا ضجة بعد إقراره بعودة فتيات تونسيات حوامل من أجانب يقاتلون في سوريا.

ويقول مراقبون إن المقاتلين التونسيين وصلوا إلى سوريا عبر ليبيا ثمّ تركيا بواسطة شبكات تجنيد لها صلة بتنظيم القاعدة أو جماعات محلية متشددة أو مهربين أو مخابرات.

وأثقل كشف المؤسسة الأمنية عن هذه المعطيات هموم توفيق السوسي الذي خسر ابنه محمد الأمين (23 عاما) الشهر الماضي بإحدى جبهات القتال قرب مدينة اللاذقية بسوريا.
 
وقال السوسي للجزيرة نت إن ابنه سافر إلى سوريا في يناير/كانون الثاني الماضي دون علم عائلته التي فوجئت به يتصل بها من هناك.
توفيق السوسي روى ملابسات سفر ابنه إلى سوريا (الجزيرة نت)
توفيق السوسي روى ملابسات سفر ابنه إلى سوريا (الجزيرة نت)

علامات الحيرة
استشعار العائلة للخطر جعلها تستعطف ابنها محمد العودة للديار، لكن إجابته عبر الهاتف نقلها والده على لسانه كالتالي "لا تقلقوا أنا بصحة جيدة، ادعو لي في صلاتكم كي أكون من زمرة الشهداء".

وبحسب شهادة والده، كان محمد ولدا متدينا ناجحا في دراسته وكان بصدد إنهاء ماجستير تخصص مالية. "لم يكن متعصبا دينيا"، هكذا يقول توفيق السوسي وعلامات الحيرة تعلو وجهه بشأن لغز ذهاب ابنه للقتال بسوريا، معتبرا أن ابنه وقع ضحية إحدى شبكات التجنيد التي استغلت "طيبوبته" لتجعل منه وقودا لمعركة "لا ناقة له فيها ولا جمل".

ويعد محمد واحدا من مئات آخرين قتلوا في المعارك بسوريا. ولا توجد أرقام رسمية عن عدد القتلى التونسيين هناك، في حين تحدثت وكالة "بينتابوليس" الأميركية للإحصاءات عن تصدر التونسيين اللائحة بنحو 1902 قتيل.

أما رئيس جمعية إغاثة التونسيين العالقين بالخارج محمد إقبال فيقول إن هناك "تغاضيا" من قبل الحكومة عن  ظاهرة تسفير الشبان للقتال بسوريا، وإنه "لا توجد إرادة سياسية لوقف هذا النزيف".

ويضيف إقبال -الذي كشف سابقا عن تسفير شقيقه إلى سوريا رغم أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة- أنه سافر مع وفد صحفي منذ أشهر إلى سوريا وعاين عشرات المساجين التونسيين في السجون السورية بحالة مزرية، مستغربا مما أسماه "تخاذلا" من قبل الحكومة لاستعادة أبنائها العالقين هناك، علما أن تونس قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا العام الماضي.

‪‬  يتهم النهضة بالضلوع في تجنيد الشباب للقتال في سوريا(الجزيرة نت)
‪‬ يتهم النهضة بالضلوع في تجنيد الشباب للقتال في سوريا(الجزيرة نت)

اتهامات ونفي
من جانبه يقول القيادي في حزب التيار الشعبي المعارض محسن النابتي إنّ "الحكومة انخرطت بشكل أعمى" في المعارك الدائرة في سوريا، مؤكدا أن القوى الغربية وعلى رأسها أميركا استغلت رمزية الثورة التونسية كمنطلق للتدخل في سوريا "لتفكيك جيشها".

واتهم النباتي حزب حركة النهضة بالضلوع في تجنيدهم، معللا ذلك بوجود تصريحات صادرة عن القيادي بحركة النهضة الحبيب اللوز "يحرض فيها على الجهاد" و"يعلن نيته" تبني أبناء التونسيات العائدات من سوريا.

غير أنّ اللوز نفى في حديث للجزرة نت هذه الاتهامات واعتبرها "باطلة"، موضحا أنه مع "الجهاد في سوريا" لكنه ضدّ تجنيد الشبان التونسيين للقتال هناك. وأشار إلى أن حزبه يتعرض إلى هجمة "خبيثة" من المعارضة.

من جانبها تنفي الحكومة التونسية أي تغاض عن ظاهرة الجهاد في سوريا وأكدت سابقا على لسان وزير الداخلية أنها فككت شبكات عدة لتجنيد الشبان إلى سوريا. وقالت إنها اتخذت إجراءات عديدة لمكافحة هذه الحالات خاصة في صورة توفر معلومات مؤكدة في الغرض أو في صورة تدخّل عائلات من اعتزم السفر إلى سوريا.

المصدر : الجزيرة