حل جماعة الإخوان بمصر.. ماذا بعد؟

اجتماع سابق لمجلس شورى جماعة الإخوان
undefined

مصطفى رزق

لم يكن قرار القضاء المصري بحلّ جماعة الإخوان المسلمين وحظر نشاطها مفاجئا، في ظل ما سبقه من مؤشرات وأحداث جعلته يأتي في سياق ما تتعرض له الجماعة وأنصارها ومؤيدو الرئيس المعزول محمد مرسي منذ انقلاب الثالث من يوليو/تموز الماضي.

بعض المراقبين في مصر توقعوا قرب التوصل إلى حل للأزمة من خلال لقاءات غير مباشرة مع الإخوان، وبعض المقالات التي أعرب من خلالها قياديون وشخصيات بارزة من الجماعة عن اعتذارهم للشعب المصري، لكن سلطات الانقلاب في مصر سارعت باتخاذ إجراءات من شأنها نسف كل هذه التوقعات.

كان من بين هذه الإجراءات منع سفر القيادي الإخواني البارز محمد علي بشر، وهو أحد من التقوا الكاتب الصحفي المصري محمد حسنين هيكل مؤخرا لبحث مخرج للأزمة العاصفة التي تمر بها البلاد، وكذلك اعتقال القيادي صلاح سلطان ومنعه من سفره، وهو أيضا ضمن اثنين كتبا مقالات اعتذرا فيها للشعب المصري.

ولعل ما حدث مع هذين الرجلين امتداد لحملة الاعتقالات التي طالت عددا كبيرا من قيادات الجماعة، فيما يعتبره مراقبون رسالة من سلطات الانقلاب بأنه "لا مصالحة" ولا خطة للخروج من المأزق تتضمن بقاء الجماعة في المشهد السياسي.

ثم جاء اليوم قرار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحلّ الجماعة وحظر نشاطها والتحفظ على جميع أموالها السائلة والمنقولة والعقارية، مذكرا بما حدث عام 1954 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إثر خلاف كبير مع الجماعة.

‪عبد المعبود: الحكم يأتي ضمن خطة‬ (الجزيرة)
‪عبد المعبود: الحكم يأتي ضمن خطة‬ (الجزيرة)

خطة محكمة
يقول الكاتب والمحلل السياسي همام عبد المعبود إن هذا الحكم يأتي في سياق خطة محكمة ذات أربعة أبعاد لحل وتفكيك تنظيم الإخوان المسلمين.

ويوضح في تصريحات للجزيرة نت أن أول هذه الأبعاد هو البعد الأمني، الذي شمل حملة اعتقالات موسعة طالت عددًا كبيرًا من قيادات ورموز الجماعة والحزب على مستوى الجمهورية.

ثم يأتي البعد القانوني والذي يقول عبد المعبود إنه تمثل في التحرك لحلّ جمعية الإخوان المسلمين التي تم تأسيسها في 19 مارس/آذار الماضي، وإجراء محاكمات عسكرية وإحالات للجنايات لعدد من رموزها، وقد يعقب ذلك الاتجاه لحل حزب الحرية والعدالة بحجة خروجه عن قواعد تنظيم العمل الحزبي.

ويضيف عبد المعبود أن سلطات الانقلاب تضع البعد الاقتصادي أيضا نصب أعينها من خلال تجميد أرصدة الجماعة والحزب، والتحفظ على أموال وممتلكات عدد من قياداتها ورموزها، ثم المبالغة في تقدير الكفالات التي تدفع للإفراج عن عدد من شبابها.

وبالتزامن مع كل ذلك يأتي دور الإعلام في إطار حملة منظمة لتشويه صورة الجماعة محليًا ودوليًا، وتقديمها للرأي العام كجماعة مسلحة "إرهابية"، تقوم باغتيالات وأعمال حرق وتخريب للمنشآت.

ورقة ضغط
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل يمكن محو جماعة بهذا الحجم وهذا التاريخ (85 عامًا) وبهذه التجربة بحكم محكمة؟ يجيب عبد المعبود "أعتقد أنه من الصعب بمكان حدوث ذلك"، مذكرا بما حدث للجماعة نفسها عام 1954.

ويرى أن الحكم حلقة من حلقات الصراع السياسي، وورقة ضغط تمارسها السلطة الجديدة على الجماعة لتقبل بالأمر الواقع وتبدأ من جديد سياسيا.

الكفراوي: حل الجماعة حلقة جديدة من انتصارات ثورة 30 يونيو (الجزيرة)
الكفراوي: حل الجماعة حلقة جديدة من انتصارات ثورة 30 يونيو (الجزيرة)

أما عن الخيارات المتاحة أمام الإخوان المسلمين بعد هذا الحكم، فيقول عبد المعبود إنه يمكن أن تسلك الجماعة مسلكا قانونيا من خلال اتخاذ كافة الإجراءات القانونية من طعون أو استشكال أو نقص، مع ضرورة التواصل مع وسائل الإعلام الحر والمستقل التي تناصر قضيتها وطرح رؤى وأفكار للخروج من المأزق الراهن.

ويضيف أن على قيادات الجماعة عدم تجاهل التفاوض وترك الباب "مواربًا" لكل المبادرات الداخلية والخارجية التي تطرح من آن لآخر، حتى تكتسب تعاطفا محليا ودوليا بأنها لا توصد الباب أمام الحوار، وفي الوقت نفسه استمرار التحرك على الأرض، من خلال المظاهرات والمسيرات والاعتصامات وغيرها في الجامعات والمدارس والشوارع والميادين.

انتصار للثورة
في المقابل، اعتبر الصحفي والباحث السياسي محمد الكفراوي أن الحكم الصادر بحل جمعية جماعة الإخوان المسلمين وحظر نشاطها في مصر "بمثابة انتصار جديد لثورة 30 يونيو، التي قامت في الأساس لإسقاط نظام الإخوان المسلمين".

وأضاف للجزيرة نت أن الأحداث التالية لهذا التاريخ (30 يونيو/حزيران) واعتصام رابعة العدوية والنهضة أثبتت أن الجماعة وحلفاءها من تيارات الإسلام السياسي "أقرب للتنظيمات الإرهابية منها للحركات أو الجماعات أو الأحزاب السياسية، وبالتالي أصبحت خطرا على الأمن القومي المصري"، لذلك جاء الحكم ليؤكد أن الجماعة لن يكون لها وضع قانوني في مصر، بحسب قوله.

ويؤكد الكفراوي أنه إذا كانت هناك مخاطر لهذا الحكم تتمثل في عودة الجماعة للعمل السري "وتبنيها أعمال عنف أكثر حدة مما يفعله أنصارها أو المتعاطفون معها من التيارات التكفيرية والجماعات الإسلامية المسلحة، كرد فعل للدفاع عن وجودها السابق الذي وصل في فترة قريبة إلى سدة الحكم".

وأوضح أن الحكم يمكن اعتباره قرارا قضائيا مبدئيا يحتاج إلى سلطة أمنية وسياسية تقوم بتنفيذه وحمايته وترقب تبعات الحكم بحرص شديد ويقظة تامة، على حد تعبيره.

المصدر : الجزيرة