اللاجئون السوريون.. قلوب يعتصرها الألم
يعيش اللاجئون السوريون في الأردن مأساة مضاعفة، فهم من جهة يعانون عذابات اللجوء والغربة والانقطاع عن الوطن والأهل، ومن جهة أخرى تحترق قلوبهم بفعل المشاهد المأساوية الواردة من بلادهم.
وشكل مقتل مئات السوريين بالغازات السامة قرب دمشق في الحادي والعشرين من أغسطس/آب الماضي حلقة أخرى في مسلسل المعاناة، إذ شاهد بعضهم عبر التلفزيون أقارب لهم يموتون أو ماتوا بالسلاح الكيميائي.
ويعد الهجوم بالغازات السامة -والذي أودى بحياة أكثر من 1400 شخص دفعة واحدة في رقعة محدودة خلال ساعات- المحطة الأسوأ منذ بداية الثورة السورية التي انطلقت عام 2011.
ومع تواتر الأنباء عن ضربة عسكرية أميركية محتملة للنظام السوري، تسود مشاعر مختلطة بين رفض التدخل الأجنبي قلقا على مصير بلادهم، وتأييدها للتخلص من نظام يرون أنه بغى عليهم كثيرا. وبين هذا وذاك شعور بالقلق على المواطنين الذين قد يستخدمهم النظام دروعا بشرية في ثكناته.
مشاهدات قاسية
وفي العاصمة الأردنية عمان تعيش السيدة السورية "أم أمير" ظروفا نفسية قاسية بعد تمكنها من مشاهدة أحد أبنائها على شاشة التلفزيون وهو يساهم في نقل جثامين القتلى وإسعاف المصابين عقب الهجوم الكيميائي في ريف دمشق.
في هذه اللحظة بدأ الشعور بالقلق يراود السيدة السورية، حتى جاءها النبأ اليقين بوفاة زوجة هذا الابن وطفليه أحمد (3 سنوات) ومحمد (سنتان) اختناقا بفعل الغازات السامة، فكان وقع الخبر بمثابة صدمة فاقمت معاناتها.
وتقول أم أمير للجزيرة نت إن ابنها (25 عاما) فقد أسرته الصغيرة في لحظة واحدة، وأصيب هو بحروق في جسده وعينيه، مضيفة أنها تمكث ساعات أمام التلفزيون بحثا عن أخبار وتسجيلات مصورة علّها ترى أحد الوجوه التي تعرفها.
وفضلا عن المعاناة في تلقي الأخبار بالنسبة لعموم اللاجئين السوريين، فإن الحصول على الأخبار والتسجيلات ومتابعتها يشكل عبئا على الصحفيين، وهذا ما يحدث كثيرا مع مقدم البرامج في إحدى القنوات المعارضة محمد جزار.
ومع الحديث عن ضربة أميركية، يقول الصحفي السوري للجزيرة نت إن مشاعره لا تختلف عن مشاعر أي مواطن سوري تمر بلاده بهذه الفترة الحرجة، لكنه يعلق كثيرا من الأمل على الثوار في استغلال أي ضربة للسيطرة على الأرض وضبط الأمن.
ويوم مجزرة الكيميائي يقول الصحفي السوري إنه أمضى ساعات في تغطية الحدث، وإنه لم يتمكن من تمالك دموعه عندما عُرض فيديو لأب ينعي طفلته ويستذكر كلماتها قبل أن تنام حين قالت إن الدور في تناول الطعام ذلك اليوم هو لأختها وليس دورها هي.
ويقول إن مقاطع الفيديو التي تظهر أكوام الجثث للأطفال والهلع في المستشفيات الميدانية كانت شديدة القسوة، الأمر الذي استهلك طاقة نفسية وذهنية كبيرة في التعليق عليها، متمنيا أن تنتهي المأساة في أقرب وقت.
أقنعة محلية
بدوره يقول عضو اتحاد طلبة سوريا الأحرار ثائر الطحلي إن زملاءه من الناشطين السوريين عملوا -بعد أن استفاقوا من الصدمة- بحماس غير مسبوق لنصرة ذويهم، وبعضهم توجه إلى الداخل، فيما شرع آخرون في حملة من أجل إغاثة الغوطتين بريف دمشق.
وأشار متحدثا للجزيرة نت إلى الشروع بوقت سابق في صناعة الأقنعة الواقية من الغازات بطرق بسيطة، بمساعدة الطلاب الجامعيين والناشطين الميدانيين وبالتعاون مع الأطباء والمسعفين، لكنه قال إن الهجمة الكيميائية بهذا الحجم لم تكن متوقعة.
من جهته يؤيد المواطن السوري حسام حمدي الضربة العسكرية الغربية، شريطة أن تكون محدودة الأهداف، وضد النظام السوري فقط، معربا عن أمله في أن تقلص من قوة النظام وقدرته على القصف الجوي.
وقال إن النظام السوري زرع قطعا عسكرية بطريقة جنونية في أنحاء البلاد، معربا عن تخوفه من أن تكون هذه الأهداف قريبة من الأماكن السكنية وأن يؤدي قصفها إلى قتل مدنيين.
وعبر حمدي عن أسفه لبلوغ سوريا نقطة تصبح فيها ضربة عسكرية أميركية خيارا.