حداد بلبنان وإجماع على إدانة تفجيري طرابلس

أُعلن الحداد العام بلبنان على ضحايا الانفجارين المروعين اللذين ضربا مسجدين في مدينة طرابلس بشمال البلاد أمس وأوديا بحياة 45 شخصا، كما تواصلت الردود المنددة بالتفجيرين لتشكل إجماعا محليا على إدانتهما. وذلك في وقت تواصل فيه السلطات الأمنية تحقيقاتها في التفجيرين.

وقد سقط خمسة وأربعون قتيلا وأكثر من خمسمائة جريح بتفجيرين يعدان من أكثر التفجيرات دموية منذ انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، استهدفا مسجدي التقوى والسلام بطرابلس.

وجاء الحداد العام تلبية لدعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أمس إلى يوم حداد عام على أرواح الضحايا الذين سقطوا بانفجاري طرابلس، مسقط رأس ميقاتي.

وفي هذه الأثناء تواصل السلطات الأمنية اللبنانية تحقيقاتها في التفجيرين، وقد انتشرت وحدات من الجيش في المنطقة.

وقام محققون بمعاينة موقعي الانفجارين وجمع عينات من السيارتين الملغمتين اللتين استخدمتا في التفجيرين. وشرع أصحاب المنازل والمحال التجارية في إزالة الركام.

ويعتقد المحققون أنه جرى تعطيل عدد من الكاميرات أمام مسجد التقوى قبل وقت غير محدد من حصول الانفجار.

سلام: الأوضاع في لبنان دخلت مرحلة شديدة الخطورة تتطلب استنفارا وطنيا (الجزيرة)
سلام: الأوضاع في لبنان دخلت مرحلة شديدة الخطورة تتطلب استنفارا وطنيا (الجزيرة)

إجماع على الإدانة
ومحليا أجمعت ردود القوى السياسية والقيادات الدينية على إدانة التفجيرين والعبث بالسلم الأهلي.

فقد طالب مفتي مدينة طرابلس مالك الشعار بتشكيل حكومة قوية تسلم القيادة الأمنية للمؤسسة العسكرية لتبسط الأمن في لبنان، داعيا -في مقابلة مع الجزيرة- إلى نزع سلاح حزب الله في غير أراضي الجنوب اللبنانية، معتبرا انتقال السلاح في لبنان أمرا لا يدعو إلى الطمأنينة.

ومن جهته قال رئيس الوزراء المكلف تمام سلام إن تفجيري طرابلس، دليل إضافي على أن الأوضاع في لبنان بلغت مرحلة شديدة الخطورة تتطلب استنفارا وطنيا.

واتهم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري من وصفهم بأهل الفتنة بأنهم قصدوا طرابلس مجددا ليزرعوا الموت على أبواب المساجد ولجعل الخراب مادة لا تغيب عن يوميات اللبنانيين.

ورأى رئيس مجلس النواب نبيه بري أن التفجيرين هما من فعل اليد ذاتها التي تركت بصماتها السوداء على أجساد الضحايا في الضاحية داعيا إلى رفع منسوب الحذر، في إشارة إلى تفجير الضاحية الجنوبية الأسبوع الماضي.

الطبقة السياسية
بدوره قال المرجع الشيعي علي الأمين إن المطلوب من الدولة اللبنانية أن تبسط سلطتها على كامل أراضيها وأن تمسك بالأمن.

وحمل في مقابلة هاتفية مع الجزيرة على الطبقة السياسية في الدولة. وقال إنها ترفع شعارات بأنها مع الدولة وهي تملك سلاحا خارج سلطتها، وأضاف أنها لا يمكن أن تحقق الرجاء المطلوب.

عون: التفجيرات مؤامرة على الجميع (رويترز-أرشيف)
عون: التفجيرات مؤامرة على الجميع (رويترز-أرشيف)

ومن جانبه، قال النائب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إن الطبقة السياسية اللبنانية تتحمل مسؤولية تفجيري طرابلس بسبب ما وصفه بخطابها البدائي.

ودعا في نشرة سابقة مع الجزيرة إلى الخروج من الاتهامات العشوائية وتأليف حكومة وفاق وطني تنقذ البلاد من شبح الفتنة الطائفية.
 
واعتبر رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشيل عون التفجيرات مؤامرة على الجميع، لا يمكن لأحد أن ينجو منها، على حد تعبيره.
 
وقال مفتي لبنان الشيخ محمد رشيد قباني إن الإرهاب أعظم أسلحة المؤامرة لاستهداف لبنان وإدخاله في الفتنة السنية الشيعية، معتبرا أن انفجار الضاحية الأسبوع الماضي، وانفجاري طرابلس من تنفيذ من يريد تغيير خريطة المنطقة وخلق فتنة.
 
وأدان حزب الله التفجيرين وقال إنهما "يأتيان ترجمة للمخطط الإجرامي الهادف إلى زرع بذور الفتنة بين اللبنانيين وجرهم إلى اقتتال داخلي، تحت عناوين طائفية ومذهبية".

ووصف وزير الدفاع فايز غصن "العمل الإجرامي" في طرابلس بأنه "إشعال الفتنة بين كل اللبنانيين". وقال إن "هناك مسلسلاً من الإرهاب بواسطة سيارات مفخّخة تنطلق من أمكنة معينة وتضرب أينما كان".

 
إدانات دولية
دوليا، أدانت إيران اليوم تفجيري مدينة طرابلس ووصفتهما بأنهما إرهابيان، واتهمت إسرائيل بالضلوع فيهما.
مجلس الأمن أدان تفجيري طرابلس (غيتي إيميجز)
مجلس الأمن أدان تفجيري طرابلس (غيتي إيميجز)

ونقلت وسائل إعلام إيرانية اليوم، عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس عراقجي، اتهامه إسرائيل بالضلوع في التفجيرين، وقوله إن ذلك جاء "عبر أدواتها المتمثلة بالمجموعات التكفيرية غير المسؤولة في الأعمال الإرهابية بهدف زرع بذور الفتنة".

وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى مشروع بيان اقترحته فرنسا أدان فيه أعضاؤه بشدة الاعتداءات، مجددا تأكيده على أن "الإرهاب بكل أشكاله وتجلياته يشكل واحدا من أخطر التهديدات للسلام والأمن الدوليين".

وقال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل إن "زنة العبوة المفجّرة أمام مسجد السلام بطرابلس تصل إلى نحو مائة كيلوغرام، فيما العبوة الثانية أمام مسجد التقوى لم تحدد زنتها بعد".

وتشهد طرابلس بين الحين والآخر توترات أمنية واشتباكات مسلحة يتم تطويقها بتدخل الجيش الذي اتخذ الأيام الأخيرة إجراءات أمنية مشددة في المدينة.

وجاء التفجيران بعد أسبوع من انفجار في الضاحية الجنوبية لبيروت. وكان قائد الجيش العماد جان قهوجي قد كشف قبل يومين أن الجيش يلاحق منذ أشهر خلية إرهابية تعمل على تفخيخ سيارات وإرسالها إلى مناطق سكنية.

المصدر : الجزيرة + وكالات