مصر.. "مصالحة" في غياب الإسلاميين

Members of the Muslim Brotherhood and supporters of ousted Egyptian President Mohamed Mursi shout slogans in front of the courthouse and the Attorney General's office during a demonstration in Cairo July 22, 2013. A panel of legal experts started work on Sunday to revise Egypt's Islamist-tinged constitution, a vital first step on the road to fresh elections ordered by the army following its removal of Mohamed Mursi as president.
undefined

أنس زكي-القاهرة

تجدد الحديث عن الحوار والمصالحة في مصر التي تعيش صراعا سياسيا محتدما، تصاعد خصوصا بعد عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي يوم 3يوليو/تموز الجاري على يد قائد الجيش، حيث يفترض أن تستضيف الرئاسة جلسة للمصالحة تغيب عنها قوى إسلامية عديدة، بينها جماعة الإخوان المسلمين.

لكن المتابع لحال الشارع المصري يلمس حاليا أجواء لا تبدو مواتية أبدا للمصالحة، حيث تسيطر لغة المظاهرات والاعتصامات، فضلا عن الانتقادات والاتهامات التي تصل حدَّ التخوين والتكفير والاتهام بالإرهاب أو العمالة أو غير ذلك من قاموس الاتهامات السياسية.

ومع أن مصطلحات الحوار تظهر أحيانا في خطاب الأطراف المختلفة، فإن الواقع يشير إلى أن الأمر لا يعدو أن يكون للاستهلاك المحلي وتبييض المواقف، حيث يبدو كلا الطرفين متمسكا بمواقفه ورافضا للتنازل قيد أنملة، بينما يطالب الطرف الآخر بكل التنازلات.

وفي ظل ما يشبه حربا يشنها الإعلام المحلي على جماعة الإخوان المسلمين هذه الأيام، لا يتورع خصوم الجماعة عن الذهاب بعيدا عبر اتهامات لها بالإرهاب وبالرغبة في تدمير الوطن، كما ينتقصون من حقها في التظاهر والاعتصام.

أما الجماعة ومعها كل أنصار مرسي من مختلف التيارات، فتؤكد أنه هو الرئيس الشرعي، وأن ما حدث في الثالث من الشهر الجاري ما هو إلا انقلاب عسكري أطاح بالرئيس وبالدستور الذي وافق عليه نحو ثلثي المصريين في استفتاء حر.

محمد عباس متشائم إزاء نتائج أي حوارفي الظروف الحالية (الجزيرة نت)
محمد عباس متشائم إزاء نتائج أي حوارفي الظروف الحالية (الجزيرة نت)

مبادرات مرفوضة
وقبل أيام قليلة طرحت جماعة الإخوان مبادرة للخروج من الأزمة بنتها على ثلاثة محاور هي: إنهاء كل مظاهر الانقلاب العسكري وإعادة الشرعية الدستورية رئيسا ودستورا وبرلمانا، وأن يقوم الرئيس المنتخب بتنفيذ مبادرة الإصلاح التي التزم بها، وأن تلتقي جميع القوى الوطنية والسياسية للحوار بدون سقف حول كل المطالب.

ولم تمر دقائق على طرح المبادرة حتى كانت قوى سياسية معارضة للإخوان -بينها جبهة الإنقاذ الوطني- ترد بالرفض بل وتسخر منها، معتبرة أن عجلة الزمن لن تعود إلى الوراء، وأن مرسي لا يمكن أن يعود إلى السلطة بعدما عزله الجيش "على خلفية مطالب شعبية"، وتم البدء بالفعل في خارطة جديدة شملت تعيين رئيس مؤقت وحكومة جديدة، فضلا عن الشروع في تعديل الدستور.

في المقابل، تحدّث الإعلام المحلي عن مبادرة من جانب حملة "تمرد" التي لعبت دورا أساسيا في التظاهر ضد مرسي خلال الأيام الأخيرة قبل عزله، تدعو فيها إلى مصالحة وطنية عبر حوار يجري في الجامع الأزهر بعد صلاة التراويح مساء الخميس، يشارك فيه ممثلون لكل الحركات السياسية والثورية ودعت إليها شباب الإخوان المسلمين والقوى الإسلامية.

وتحدثت الجزيرة نت إلى منسق حملة تمرد محمود بدر الذي اعتبر أن ما نشر في الإعلام غير دقيق، وقال إن الدعوة التي وجهتها تمرد ليست للجميع، وإنما إلى "شباب الإخوان الذين يقبلون الانفصال عن قادة الجماعة الذين يدفعون بهم إلى التهلكة" على حد قوله، مؤكدا أن الحوار غير وارد مع أي من قيادات الإخوان أو التيارات الإسلامية بشكل عام.

أحمد عقيل: نعم للحوارلكن تحت سقف الشرعية (الجزيرة نت)
أحمد عقيل: نعم للحوارلكن تحت سقف الشرعية (الجزيرة نت)

سقف الشرعية
كما تحدثت الجزيرة نت إلى أحمد عقيل أحد شباب الإخوان وعضو أمانة الاتصال السياسي بحزب الحرية والعدالة، إذ اعتبر من جانبه أن شباب الإخوان منفتحون على الحوار وعلى اتصال بمختلف الأطياف، ولكن تحت سقف الشرعية الدستورية ورفض الانقلاب على الرئيس المنتخب والدستور الذي وافق عليه الشعب.

وسخر عقيل من الحوار الذي دعت إليه الرئاسة، وتساءل: كيف يجري حوار في ظل انتهاك للشرعية وفي ظل إقصاء للتيارات الإسلامية، معتبرا أن مصر تشهد الآن مخططا واضحا لإعادة إنتاج نظام الرئيس حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

أما القيادي بحزب التيار المصري محمد عباس فقد بدا متشائما إزاء إمكانية نجاح أي جهود للحوار والمصالحة في الوقت الحالي، وقال للجزيرة نت إن الشارع المصري يشهد أزمة حقيقية تتمثل في غياب الثقة بين مختلف التيارات بشكل تام يحول دون إمكانية الدخول في حوار حقيقي وبناء.

وقال عباس إن الحديث عن حوار جاد ومثمر يقتضي أن يكون لدى كل طرف الاستعداد للعودة خطوة إلى الوراء، وهو ما يصر الجميع على رفضه لأنفسهم بينما يطلبونه من الآخر، معتبرا أن مصر باتت بحاجة ماسة إلى حوار مجتمعي، وخصوصا بين الشباب.

المصدر : الجزيرة