تفاقم أزمة إغلاق تلفزيون حكومي باليونان

تجمع موظفي التلفاز الحكومي أمام مجلس الدولة الأعلى في وسط أثينا
undefined

شادي الأيوبي-أثينا

بعد فشل الاجتماع الذي عقدته أطراف الحكومة اليونانية بشأن هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية (إي آر تي) أصبحت جميع الاحتمالات واردة، حيث أصر الطرفان الاشتراكيان في الحكومة -باسوك واليسار الديمقراطي- على ضرورة العودة عن قرار الإغلاق، فيما يصر رئيس الوزراء اليوناني أنطونيوس ساماراس على تشكيل الهيئة من جديد.

لكن هناك شبه إجماع من المراقبين على أن الحكومة سوف تتجاوز الأزمة الراهنة دون أن تسقط، حيث تكمن مصلحة الأحزاب الثلاثة التي تشكلها في الحفاظ عليها أطول فترة زمنية ممكنة.

واستبعد الكاتب في صحيفة إيثنوس، يورغوس ديلاستيك، أن تؤدي إلى سقوط الحكومة بسب سحب دعم الحزبين الاشتراكيين في الحكومة، وذلك لأن زعيمي هذين الحزبين "إيفانغيلوس فينيزيلوس" و "فوتيس كوفيليس"، يعرفان تماماً أن المسيرة السياسية لكل منهما ستنتهي في ليلة الانتخابات القادمة.

وقال ديلاستيك للجزيرة نت إن هذا يعني أن الحزبين سيسعيان بعد تعيين زعيمين آخرين للاقتراب من حزب التجمع اليساري المعارض (سيريزا) كمعارضة سياسية أو لتشكيل حكومة حال فوز سيريزا بالأغلبية وهو أمرٌ محتمل جداً في ظل التوتر الاجتماعي السائد في البلد هذه الفترة.

البعض وصف قرار ساماراس بمحاولة إخافة خصومه السياسيين(الأوروبية)
البعض وصف قرار ساماراس بمحاولة إخافة خصومه السياسيين(الأوروبية)

خطأ جسيم
وأضاف ديلاستيك أن ساماراس ارتكب خطأ جسيماً بإغلاقه هيئة الإذاعة والتلفزيون، حيث كان يعتقد أن بقدرته أن يشكل بعدها تلفزيونا حكومياً مقرباً من حزبه، كما كان يريد إذلال شريكيه في الحكومة -فينيزيلوس وكوفيليس- وجعلهما أكثر تبعية له.

وكذلك قصد أن يرعب الشعب اليوناني ويثبت أن لا قدرة لأحد على مقاومة قرارات حكومته، لأنه بطرد 2600 صحفي وتقني وإداري في التلفزيزن الحكومي -وهم يتمتعون بتأثير اجتماعي كبير بسبب مواقعهم- فستكون سائر القطاعات أقلّ حظاً في المقاومة بالتأكيد، بحسب ديلاستيك.

وأوضح ديلاستيك أن ساماراس فشل بشكل ذريع، حيث انتفض العاملون في التلفزيون الحكومي، واحتلوا مقره وصاروا يبثون برامجهم عبر طرق خاصة، كما أن الأوروبيين راحوا يتهمونه بأنه يشكل خطرا على الديمقراطية والإعلام الحر.

واعتبر ديلاستيك أن ساماراس أصبح بفعل الأزمة أقل قوة فيما نجح شريكاه في مطالبهما بإعادة تشكيل الحكومة ودخولهما فيها كنائبين لرئيس الوزراء، كما أن اللجنة التي ستقوم بانتقاء موظفي التلفزيون الجديد ستكون مشكلة من الأحزاب الثلاثة.

ومن جانبه توقع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بانديون عارف العبيد، أن يعود التلفزيون للعمل من جديد مع مراعاة مطالب مجلس الدولة الأعلى بإجراء إصلاحات، مشيرا إلى رمزية التلفزيون الحكومي بالنسبة لتاريخ اليونان الحديث، وارتباطه بمعاني الحرية والديمقراطية في أذهان اليونانيين، حيث كانت القناة الوحيدة في البلد حتى عام 1990.

وأضاف العبيد أن مشكلة الحكومة هي مع الفساد الكبير في التلفزيون الحكومي، حيث يعمل فيه عشرات الموظفين الوهميين الذين لا يمارسون أي عمل، فيما تفرض على جميع سكان اليونان ضريبة لصالحه عبر فواتير الكهرباء الشهرية، مستبعداَ بدوره أي تأثير للأزمة على بقاء الحكومة.

كاتيرينيس أشار إلى أهمية هيئة التلفزيون الحكومي من الناحية الإعلامية (الجزيرة)
كاتيرينيس أشار إلى أهمية هيئة التلفزيون الحكومي من الناحية الإعلامية (الجزيرة)

خسارة إعلامية
وفي السياق اعتبر عضو نقابة الصحفيين اليونانيين يورغوس كاتيرينيس، أن التلفزيون الحكومي يشمل ثلاث قنوات داخل اليونان، قناة دولية تبث عبر الأقمار الاصطناعية، إضافة إلى بث الإنترنت وخمس محطات راديو، وهذه الأخيرة تشكل أهمية إستراتيجية للمناطق اليونانية النائية مثل الجزر والمناطق الحدودية، مضيفاً أن العاملين نجحوا حتى اللحظة في الحفاظ على إرسال قناة تلفزيونية في أثينا، وأخرى في سالونيك، شمالي اليونان.

وأضاف كاتيرينيس للجزيرة نت أن الموظفين نجحوا في خرق الحظر بمساعدة رابطة الإذاعات الرسمية الأوروبية التي وفرت لهم قمراً اصطناعياً للبث.

وأوضح  كاتيرينيس أن إقفال هذه الهيئة الحكومية يعني خسارة إعلام أقرب للواقعية، وبرامج ثقافية لا تنتجها أي قناة خاصة، وبرامج موجهة لذوي الحاجات الخاصة وبرامج تعليمية إضافة إلى برامج موجهة للمغتربين خارج البلد، مختتماً، أن التلفزيون الحكومي اليوناني، عكس ما يشاع عنه، أصبح يدرّ أرباحاً خلال السنوات الثلاث الماضية.

المصدر : الجزيرة