شاهد يروي محنة عرب وطوارق تمبكتو

مع الإثنين بعض تجار المدينة العائدين هذه الأيام من تمبكتو.
undefined

أمين محمد-باسكنو

وصل إلى مدينة باسكنو الموريتانية الحدودية مع مالي أول شاهد من السكان العرب في مدينة تمبكتو (شمال مالي) على دخول القوات الفرنسية والمالية للمدينة قبل أيام، وتحدث الرجل للجزيرة نت عما عاشه خلال ذلك اليوم من خوف وترقب، قبل أن ينجو بجلده تاركا سيارته وثروته خلف ظهره.
 
الشيخ ولد حمودي أحد التجار العرب القاطنين بمدينة تمبكتو، ظل يحاول البقاء فيها متمسكا بخيط أمل رقيق، رافضا مغادرة المدينة رغم إلحاح الأهالي وتوسل الأقارب والأصدقاء. يملك الرجل محلين تجاريين كبيرين بسوق المدينة أحدهما لبيع المواد الغذائية، والآخر لبيع الأثاث.

غادر الكثيرون المدينة وبقي ولد حمودي ينتظر لعل الجيش المالي والمليشيات المحسوبة عليه تكون هذه المرة أكثر رحمة بسكان المدينة وأقل انتقامية وبطشا بأبنائها، ولكن خاب أمله وبدا أنه يتعلق بسراب وأوهام لا أكثر، حسب قوله.

الشيخ ولد حمودي فر من تمبكتو وترك محليْن تجاريين (الجزيرة نت)
الشيخ ولد حمودي فر من تمبكتو وترك محليْن تجاريين (الجزيرة نت)

دخول القوات
يقول ولد حمودي إنه بات بمنزله ليلة (الاثنين) حين دخول الفرنسيين قلقا وجلا، وفي الضحى شاهد الجيش المالي ينتشر في الشوارع، والناس يستقبلونه استقبال الفاتحين، حاول بعد ذلك الاقتراب من محلاته التجارية فإذا بجموع هائلة من السكان الزنوج تحيط بالسوق وتكسر أبواب جميع المحلات وتنهبها نهبا كاملا.

وأضاف أن القوات الفرنسية بقيت في أطراف المدينة على ما يبدو، إذ لم يلاحظ لهم أي وجود في داخل المدينة، في حين كانت القوات المالية تنتشر في الشوارع الرئيسية، ولكنها مع ذلك لم تكن تمنع المواطنين الزنوج من نهب وسلب أموال المواطنين البيض عربا وطوارق.

وقال إنه لما شاهد جموع الناهبين تتجه نحو المنازل -بعد أن استنفدت ما في المحلات التجارية التي تقدر بالعشرات- خرج من المدينة خائفا يترقب، مخلفا سيارته وفارا على رجليه حتى وصل إلى بلدة حاسي علال نحو 9 كيلومترات شمال مدينة تمبكتو.

هناك وجد ولد حمودي من أنقذ حياته، وهم -حسب روايته- بعض مربي الماشية الذين يتجولون في المنطقة بمواشيهم بحثا عن الماء والكلأ، بقي معهم ثلاثة أيام ينتظر ويبحث عن وسيلة نقل تحمله إلى موريتانيا أو الجزائر، وهو ما تحقق له فجر الخميس حين مرت به سيارة تحمل بعض الفارين إلى موريتانيا، الخائفين من أن يشملهم الاستهداف من لدن القوات المالية والسائرين في فلكها.

لا يعرف ولد حمودي على وجه اليقين ما إن كان بقي في مدينة تمبكتو أفراد من البيض عربا أو طوارق، ولكنه متأكد من شيء واحد هو أنه ستتم تصفيتهم لو وجدوا، خصوصا مع ورود أنباء من جهات عدة من شمال مالي عن تصفيات وأعمال قتل وثأر استهدفت مواطنين عربا وطوارق.

الجيد ولد عالي سخر من اتهامات للتجار الذين نهبت أموالهم بالتعاون مع المسلحين (الجزيرة نت)
الجيد ولد عالي سخر من اتهامات للتجار الذين نهبت أموالهم بالتعاون مع المسلحين (الجزيرة نت)

تصفيات
وقال مواطن عربي آخر قدم قبل أيام من مدينة تمبكتو وهو أحد تجارها ويدعى الجيد ولد عالي إن سبعة مواطنين عرب قتلوا في اليومين الماضيين ببلدة دوغو فري قرب مدينة إديابيلي (153 تقريبا شرق موريتانيا) وهي المدينة التي قتل فيها الجيش المالي 16 موريتانياً من جماعة الدعوة والتبليغ، وقال إن من بين القتلى السبعة تاجرا عربيا.

وسخر من الاتهامات التي تنقلها وسائل إعلام عالمية عن الجيش المالي باتهام التجار الذين نهبت ممتلكاتهم في تمبكتو وغاو بالتعاون مع الجماعات الإسلامية المسلحة، قائلا إن الجيش أدخل بعض الذخائر إلى متاجر تابعة لمواطنين عربا، وسمح بالتقاط صور تعطي الانطباع بتخزين هذه الأسلحة والذخائر في المتاجر العربية.

وتـُتهم السلطات المالية من قبل سكان عرب وطوارق وهيئات حقوقية بارتكاب تصفيات عرقية وأعمال عنف وسلب ونهب ضد المواطنين العرب والطوارق في مدن الشمال المالي منذ اندلاع الحرب الأخيرة، وأدت تلك الحرب لنزوح عشرات الآلاف من الطوارق والعرب إلى الدول المجاورة، وخصوصا موريتانيا والجزائر.

المصدر : الجزيرة