البرق.. رحلة علم انتهت بالتنقل بين السجون

عاطف دغلس- قلقيلية

لا أحد من أهالي قرية جيوس بشرق قلقيلية بالضفة الغربية يجهل منزل الأسير سامر البرق، فالرجل الذي تتهمه إسرائيل بالانتماء لتنظيم القاعدة، كان يُقيم قرب المسجد الكبير ويدلّ على مكانه الصبية والمارة دون خوف أو تردد.

اتهام البرق بالانتماء للقاعدة محض افتراء وفبركة، بدليل أن كلا من أميركا وباكستان والأردن اعتقلته ولم تدنه بأي من التهم الملفقة له، على حد قول والده الحاج حلمي.

ووفقا للوالد، بدأت حكاية الولد عام 1994 بعدما قررت العائلة إرساله للدراسة في باكستان، لأن بعض أقاربه يقيمون بها، وأملا في أن يتحسن وضعه الديني بحكم محافظة المجتمع هناك.

لم يُخيّب البرق (39 عاما) أمل والديه، حيث درس مرحلتي البكالوريوس والماجستير في الأحياء الدقيقة وأنهى رحلته العلمية عام 2002، بينما كان يعمل أستاذا بإحدى المدارس السعودية في باكستان لإعالة نفسه.

إلى الزنزانة
عندما أراد البرق إكمال دراساته العليا ذهب للسفارة الفلسطينية، لمتابعة بعض الإجراءات، وأثناء خروجه منها اعتقلته السلطات الباكستانية وسلمته للأميركيين، الذين حققوا معه لخمسة أشهر متواصلة "ذاق أثناءها صنوفا من العذاب"، لينتهي به الأمر متهما بالانتماء للقاعدة.

‪استمرار سجن البرق ضاعف معاناة‬ (الجزيرة)
‪استمرار سجن البرق ضاعف معاناة‬ (الجزيرة)

بعد تلك المدة رُحل البرق من سجون الأميركيين للأردن بصفته أحد مواطنيه، ليخضع للتحقيق مجددا ويُسجن خمس سنوات استمرت من العام 2003 وحتى 2008.

لكن السلطات الأردنية لم تعثر على ما يدين الرجل فأطلقت سراحه ومنحه جهاز المخابرات شهادة "عدم محكومية".

عقب خروجه من السجن تعرض البرق لحادث "مدبر"، حيث هاجمه شخص وسط عمّان وأطلق عليه النار، مما تسّبب بجرحه وكسر رجله ليقيم سنة كاملة بالمشافي الأردنية.

حاول بعدها البرق البحث عن عمل بعد وصول زوجته الباكستانية لعمّان، لكن الأردنيين اعتقلوه مرة ثانية في أبريل/نيسان 2010، ليجد نفسه لاحقا في سجون إسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه.

وتُخضع إسرائيل سامر البرق للاعتقال الإداري نظرا لأن "ملف الاتهام سري"، وترفض كل المحاولات والطلبات التي تقدمها عائلته ومحاموه للإفراج عنه.

وقبل نحو ثلاثة أسابيع، جددت السلطات اعتقاله لستة أشهر وأكدت اتهامه بالانتماء للقاعدة ومحاولة الدخول لإسرائيل عبر الأردن.

لكن الحاج حلمي يرى أن الاتهامات مفبركة، ويشدد على أن ابنه ليس سوى سلفي خرج لأفغانستان بهدف الدعوة، وعاد لباكستان دون أن يعترضه أحد.

هموم ومعاناة
يحتضن الوالد صورة نجله الأسير ويروي قصته، بينما يتنقل بين غرف المنزل متكئا على عكازين، بات يستخدمها بعد أن أصابه ورم سرطاني في رجله وضاعف من معاناته وهمومه.

محاميد:

الاتهام عار من الصحة ويهدف فقط لتبرير اعتقال البرق إداريا

يقول الحاج حلمي، إنه لا يمكن تفادي الألم بعد أن أضرب نجله الأسير لأكثر من 150 يوما عن الطعام.

وكانت إسرائيل قد قررت إبعاد البرق لمصر، لكن تبين أن ذلك مجرد حيلة لدفعه للتخلي عن الإضراب، وفق الباحث في شؤون الأسرى فؤاد الخفش.

وبات البرق القابع في سجن عوفر الإسرائيلي بوسط الضفة الغربية يُعرف بوصفه عميد الأسرى الإداريين.

وحين حاول والده التظلم لدى محكمة العدل العليا الإسرائيلية، رفضت طلبه ومددت اعتقاله، واستندت إلى وثائق للادعاء تؤكد انتماءه للقاعدة وإعداده لمهاجمة إسرائيل.

لكن موكله صالح محاميد يرى أن هذا الادعاء عارٍ من الصحة ويهدف فقط لتبرير الاعتقال الإداري.

ويقول محاميد، إن سامر لم ينكر أثناء التحقيق معه أنه على علاقة بأشخاص من القاعدة، بحكم عمله في مجال الطب والخدمات الإنسانية في قرى ومخيمات بأفغانستان، "ولكن دون أي فعل عسكري".

ويذكّر المحامي محاميد بأن الأميركيين اعتقلوا موكله لعدة أشهر، لكنهم فشلوا في إدانته وأطلقوا سراحه.

المصدر : الجزيرة