دستور مصر يثير جدلا سياسيا وقانونيا

epa03859249 A general view shows members of the committee revising the country's controversial constitution, during their meeting in Cairo, Egypt, 09 September 2013. The 50-member panel held the first meeting on 08 September to look at amendments to a constitution backed by Islamists last year. Amending the constitution, crafted by an Islamist-dominated assembly and ratified by a referendum in 2012, is a key step in the roadmap announced by the army in July, following its overthrow of president Mohamed Morsi of the Muslim Brotherhood EPA/KHALED ELFIQI
undefined

يوسف حسني-القاهرة

لا تزال حالة الانقسام في الشارع المصري مستمرة بشأن الدستور الجديد المزمع الاستفتاء عليه أواخر الشهر الجاري، والذي يأتي في ظل أزمة كبيرة تمر بها مصر منذ انقلاب 3 يوليو/تموز الماضي، الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي وعطل العمل بالدستور المستفتى عليه في عهده.

ورغم دعوات بعض مؤيدي الانقلاب للمواطنين للتصويت بالموافقة على الدستور، فإن قوى أخرى تمسكت برفضها لهذا الدستور الذي تصفه بالباطل، وهو وصف اتفق معه فقهاء وقانونيون إلى حد كبير.

الوضع الحالي هو قيام حكومة غير شرعية بتعيين لجنة غير شرعية لوضع دستور غير شرعي، فنحن أمام حالة فرض أمر واقع، وعليه فإن مسودة الدستور معيبة وتقوم على أسس غير دستورية

غير دستوري
الفقيه الدستوري ثروت بدوي يرى أن كل ما جرى منذ عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي وصولا إلى اليوم "مخالف للدستور الذي استفتي عليه الشعب"، وأوضح للجزيرة نت أن الرئيس الحالي عدلي منصور "غير منتخب ولا شرعية له ومن ثم لا يحق له تعيين لجنة لوضع الدستور".

ووصف بدوي الحالة السياسية الحالية في مصر بقوله "حكومة غير شرعية قامت بتعيين لجنة غير شرعية لوضع دستور غير شرعي"، مؤكدا أنها "حالة فرض أمر واقع"، وعليه فإن مسودة الدستور "معيبة وتقوم على أسس غير دستورية وتحوي العديد من النصوص المتناقضة".

واعتبر الفقيه الدستوري هذا الدستور "سابقة في دساتير العالم" لأنه يجعل وزير الدفاع فوق الرئيس المنتخب ورئيس الوزراء والبرلمان المنتخب، كما أنه ينص على عدم خضوع ميزانية الجيش للرقابة وهو أمر "غير قانوني"، حيث يجب أن تكون ميزانية أي مؤسسة مقسمة إلى بنود محددة للصرف.

وأضاف أن الأمر نفسه ينسحب على ميزانية القضاء "مما يعني أن هناك رشوة دستورية تم دفعها مقابل تمرير هذا الدستور الكارثي الذي يجعل من مؤسسات بعينها دولا داخل الدولة".

بدوره أكد الفقيه الدستوري محمد نور فرحات أن حساب تصويت لجنة الخمسين بـ48 صوتًا فقط يفتح باب الطعن على بعض مواد الدستور أمام محكمة القضاء الإداري، وأشار في مداخلة لإحدى القنوات المحلية إلى أن المادة الخامسة من لائحة عمل اللجنة تنص على حساب النسبة على أساس خمسين صوتًا.

‪قرقر: التحالف لا يعترف بكل ما ترتب على الانقلاب ولن يشارك في أي انتخابات‬ (الجزيرة)
‪قرقر: التحالف لا يعترف بكل ما ترتب على الانقلاب ولن يشارك في أي انتخابات‬ (الجزيرة)

صلاحيات الرئيس
كذلك فإن خبراء قانونيين يؤكدون أن الرئيس المؤقت لا يحق له إعادة المسودة للجنة الخمسين لإجراء تعديلات أو إعادة التصويت على بعض موادها، وإنما عليه أن يقبلها كما هي أو يرفضها كما هي.

وفي هذا السياق يقول بدوي "بما أن الرئيس المؤقت أجاز لنفسه أن يحل بقرار من وزير الدفاع محل الرئيس المنتخب، ثم شكَّل لجنة بالمخالفة للدستور فمن حقه أن يقبل المسودة أو يرفضها أو يعيدها مرة أخرى للجنة، فالأمر برمته غير قانوني ومن ثم فلا مجال فيه للحديث عما هو دستوري أو غير دستوري".

من جهته وصف التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب المسودة النهائية للدستور بـ"السوداء والمناهضة لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011″.

وأكد الأمين العام للتحالف مجدي قرقر للجزيرة نت أن التحالف لا يعترف بكل ما ترتب على الانقلاب العسكري، وشدد على أن التحالف لن يشارك في أي انتخابات مقبلة حتى لو تم تمرير الدستور، على حد قوله.

ولفت إلى أن الدستور "لن يكون نهاية المطاف لأن الشعب الثائر في شوارع مصر لن يتوقف إلا بعد عودة الشرعية واسترداد ثورته التي يحاول قادة الانقلاب القضاء عليها".

هيكل: هناك مواد يجب العمل على تعديلها من خلال البرلمان القادم (الجزيرة)
هيكل: هناك مواد يجب العمل على تعديلها من خلال البرلمان القادم (الجزيرة)

دستور جيد
في المقابل، يرى عضو المكتب السياسي لحركة تمرد محمد هيكل أن مسودة الدستور جيدة في مجملها، مؤكدًا أن الحركة ستدعو المصريين للتصويت لصالحه.

وأضاف هيكل للجزيرة نت أن هناك بعض المواد يجب العمل على تعديلها من خلال البرلمان المنتخب مستقبلا، لاسيما تلك المتعلقة بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري.

كما اعتبر أن تحصين وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي في الدستور "أمر مؤقت" فرضه الخلاف السياسي الحاصل، لافتًا إلى ضرورة أن يكون للمجلس الأعلى للقوات المسلحة دور في اختيار وزير الدفاع حتى لا يترك الأمر لرئيس مدني لا خبرة له بأمور الجيش.

وأكد أن هذه المواد مواد انتقالية لمدة ثماني سنوات سيتم خلالها ترسيخ أسس العدالة الانتقالية وتأسيس دولة القانون ولن تكون هناك حصانة لأحد بعدها، على حد قوله.

المصدر : الجزيرة