جدل في الأردن حول تدني مستوى التعليم

اطفال داخل احدى المدارس الاردنية
undefined

محمد النجار-عمان

أحدث تصريح وزير التربية والتعليم الأردني محمد الذنيبات -الذي قال فيه إن نحو 22% من طلبة الصفوف الثلاثة الأولى من المرحلة الأساسية (ما يقارب مائة ألف طالب) لا يجيدون القراءة والكتابة- نقاشا على المستوى الوطني، لا سيما أن تقارير تعتبر الأردن من الدول الرائدة في التعليم على المستوى العربي.

وجاء تصريح الوزير الذنيبات أمام إحدى اللجان البرلمانية أثناء مناقشة موازنة وزارة التربية والتعليم، حيث كشف عن أن وزارته ستعمل على حل هذه المشكلة من خلال النص على إلزامية فصل دراسي جديد قبل الصف الأول الأساسي، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب توفير نحو 230 مليون دولار لبناء مدارس وتعيين معلمين لهذه الغاية.

وقال أحد الكتاب الصحفيين إن هذا التصريح "التسونامي" مر على البرلمان دون نقاش يستحقه، وعلى الحكومة التي تبدو منشغلة بالأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد -حسب تعبيره- وذلك رغم طرح الوزير المسألة مجددا في مقابلة مع تلفزيون محلي.

الوزير محمد الذنيبات قدم أرقاما جديدة بشأن تراجع التعليم العام والجامعي (الجزيرة)
الوزير محمد الذنيبات قدم أرقاما جديدة بشأن تراجع التعليم العام والجامعي (الجزيرة)

أرقام جديدة
وأضاف الذنيبات -أثناء هذه المناقشة- أرقاما جديدة تبرز التراجع الذي يعانيه التعليم العام والجامعي بالمملكة، في وقت لا تزال فيه تقارير تعتبر الأردن من الدول الرائدة في مجال التعليم على المستوى العربي.

وتحدثت نقابة المعلمين الأردنيين عن خطورة ما كشفه الوزير من أرقام، مع اعتبارها أن واقع قطاع التعليم يبدو أكثر قتامة من ذلك.

وقال نائب نقيب المعلمين حسام مشة  للجزيرة نت إن أحد أسباب هذه المشكلة يعود لنظام الرسوب والنجاح الذي يوجب الترفيع التلقائي للطلاب في هذه الصفوف، في حين تحدد نسبة الرسوب في بقية صفوف الأساسي بين 5% و10%، وألا يمكث الطالب الراسب في صفه إلا عامين دراسيين فقط.

وأشار مشة إلى مشكلة تأهيل المعلمين، وأضاف أن الوزارة لا تولي أي أهمية للصفوف الأولى "الأهم في حياة الطالب"، كاشفا عن أن الوزارة ما زالت ترفض منح المعلمين بهذه الصفوف أي علاوات إضافية.

وقال النقابي إن وزارة التربية والتعليم تعين خريجين جددا للتعليم في الصفوف الأساسية في وقت يحتاج فيه معلمو هذه الصفوف تأهيلا خاصا وخبرة ضرورية تختلف عن سواهم من المعلمين.

وألقى مشة الضوء على مشكلات أخرى تتعلق باكتظاظ الصفوف الدراسية التي يصل عدد الطلاب في بعضها إلى نحو خمسين طالبا، وضعف أجور المعلمين التي تتراوح بين خمسمائة دولار للمعلم الجديد و850 دولارا للمعلم الذي تفوق خبرته عقدين من الزمن.

وذهب نائب نقيب المعلمين إلى اعتبار أن إضافة صف جديد للمرحلة الأساسية لا يحل المشكلة، داعيا إلى حوار على المستوى الوطني لوضع الحلول لتراجع مستوى التعليم العام.

ولم يجد خبراء التعليم في تصريحات وزير التربية والتعليم مفاجأة، ويصفها غازي خضر الخبير في مجال جودة التعليم بـ"الصارخة والمدوية"، وقال إنها جاءت "لتضع المجتمع الأردني والجامعات والمدارس والتربويين أمام حقائق الواقع المرير".

أطفال داخل إحدى المدارس الأردنية(الجزيرة)
أطفال داخل إحدى المدارس الأردنية(الجزيرة)

ضعف أكاديمي
وذكر خضر للجزيرة نت أن هذه المشكلة تعود لجملة من الأسباب، في مقدمتها الضعف الأكاديمي والمسلكي للمعلمين في هذه التخصصات وغيرها، بسبب تدني معدلات الثانوية العامة للطلبة الملتحقين بالتخصصات الجامعية التربوية والتعليمية.

ويضيف أن من بين الأسباب أيضا ضعف التدريب والتأهيل الفني المتخصص، سواء في الجامعة أو أثناء العمل، علاوة على ضعف الإشراف التربوي والمتابعة والمراقبة والتقويم، وشيوع تدريس المرحلة الأساسية الأولى من قبل معلمين غير متخصصين.

وتحدث خضر كذلك عن ضعف أخلاقيات مهنة التعليم بسبب الوضع الاجتماعي والاقتصادي والتربوي للمعلم، وتدني مكانته لدى الوزارة والمجتمع، وأمام الطلبة أنفسهم.

وتطرق الخبير إلى أسباب أخرى، منها ازدحام صفوف المرحلة الأساسية الأولى، مما يصعب من تدريس الطلاب وتمكينهم من امتلاك المهارات الأساسية، وضعف المناهج ووضعها أحيانا من قبل أشخاص غير متخصصين، وضعف الإدارات المدرسية، وغياب المحاسبة والمساءلة عن القطاع التربوي.

ودعا خضر إلى اهتمام خاص بهذه المشكلة واعتبارها أولوية للدولة والمجتمع الأردني، وإعادة تدريب جميع معلمي الصفوف الثلاثة على أصول تدريس هذه الصفوف، والتركيز على جودة المعلمين كحل رئيس لمشكلات التعليم.

المصدر : الجزيرة