فلسطين تحت المجهر.. الحج المحرم

فلسطين تحت المجهر
undefined

تفتح الحلقة القادمة من برنامج "فلسطين تحت المجهر" ملفا يعد من الطابوهات في الإعلام العالمي، ويتعلق بقيام وزارة السياحة الإسرائيلية بخداع الحجاج المسيحيين القادمين لزيارة الأماكن المسيحية المقدسة، بوضع مسالك لخطوط رحلة الحج تهمش الأماكن المسيحية في الضفة الغربية المحتلة والأماكن العربية في الداخل الفلسطيني، مثل مدينة الناصرة.

وتظهر الحلقة -التي تحمل عنوان "الحج المحرم" وتبث لأول مرة غدا الأربعاء الساعة الخامسة مساء بتوقيت مكة المكرمة- أن إسرائيل تحرص من خلال خداع الحجاج المسيحيين من كل العالم إلى منع احتكاكهم بواقع فلسطين المحتلة، حتى لا يفهموا الاضطهاد الصهيوني للأرض المقدسة، ومنعهم أيضا من الاحتكاك بالفلسطينيين المسيحيين المضطهدين في الضفة الغربية، والذين لا يستطيعون أن يحجوا في فلسطين التي ولدوا فيها.
أكثر من مليوني حاج مسيحي يزورون فلسطين كل عام (الجزيرة)
أكثر من مليوني حاج مسيحي يزورون فلسطين كل عام (الجزيرة)

ويزور أكثر من مليوني حاج مسيحي أرض فلسطين التاريخية كل عام، وتسوّق إسرائيل نفسها في العالم كدولة تحمي المقدسات المسيحية، لكن الحقيقة أن وزارة السياحة الإسرائيلية، ومعها شركات السياحة الإسرائيلية، تعمد إلى أخذ الحجاج في مسارات تطلق عليها "مسارات حج"، لكن تغلب عليها الأهداف السياسية والاقتصادية الإسرائيلية.

فمثلا تشمل معظم رحلات الحج مغطسا قرب بحيرة طبريا يسوّق على أنه "مغطس عماد السيد المسيح"، لكنه في الواقع لا علاقة ولا أهمية تاريخية أو دينية للمكان، وذلك تجنبا لوصول الحجاج إلى أريحا في الضفة الغربية، ومكان المغطس الحقيقي.

كما يساق كثير من الحجاج إلى منتجع "إيلات" على البحر الأحمر، ليقضوا ثلاثة أيام هناك، رغم أن لا قيمة دينية مسيحية إطلاقا لـ"إيلات"، ويحرم هؤلاء الحجاج من فرصة زيارة مواقع مهمة شمالي الضفة الغربية المحتلة، مثل كنيسة برقين قرب جنين، رابع أقدم كنيسة في العالم، وبئر يعقوب في نابلس وبلدة سبسطية التاريخية التي تشير المراجع إلى أنها موطن "يوحنا المعمدان"، لا لشيء إلا لأن هذه المواقع تقع في الضفة الغربية المحتلة خلف جدار الفصل العنصري الذي بنته إسرائيل.

منع الفلسطينيين
وفي المقابل، يمنع الفلسطينيون المسيحيون المقيمون في الضفة الغربية تحت الاحتلال من الحج في أرضهم التي ولدوا فيها، فالمولود في مدينة بيت لحم لا يستطيع الوصول إلى كنيسة القيامة في القدس أو كنيسة البشارة في الناصرة، بينما يسمح لكل حجاج العالم غير الفلسطينيين بالوصول إليها.

وتوضح حلقة "الحج المحرم" بوضوح -على لسان المؤرخين الأجانب ورجال الدين المسيحيين الفلسطينيين والسكان المسيحيين الفلسطينيين- كيف لا يتم إعطاء الحجاج الأجانب ضمن رحلتهم المقدسة أي فرصة حقيقية للتواصل أو الحديث مع السكان الفلسطينيين من المسيحيين في بيت لحم والقدس والناصرة، خوفا من أن تنشأ بين الطرفين صلة الأخوة في العقيدة، والتعرف إلى حقيقة الوضع على أرض فلسطين التاريخية، بل يقوم المرشدون السياحيون الإسرائيليون بزرع الخوف في نفوس الحجاج من السكان الفلسطينيين المحليين.

الحجاج لا يعطون فرصة للحديث مع الفلسطينيين (الجزيرة)
الحجاج لا يعطون فرصة للحديث مع الفلسطينيين (الجزيرة)

وتشير حلقة "الحج المحرم" إلى تفاصيل ممارسات السلطات الإسرائيلية عام 2009 أثناء زيارة البابا بنديكت السادس عشر، وكيف حاولت جعل مكان إقامة القداس الكبير في ميناء مدينة حيفا بدلا من جبل القفزة ذي الدلالة الدينية البارزة في مدينة الناصرة، لتجنب تسليط وسائل الإعلام الضوء على تهميش المدينة العربية في الداخل الفلسطيني، خاصة تعرض مقدساتها للاعتداء، كمقدسات القدس المسيحية -وفي أماكن كثيرة- من قبل المتشددين اليهود الإسرائيليين الذين يعتدون على الرهبان المسيحيين بالشتم والإيذاء، حتى وصل الأمر إلى القتل.

في حلقة فنية بامتياز، تستخدم الدراما للحديث عن الاضطهاد المسيحي قبل قرنين من الزمان، وتقارنها باضطهاد المسيحيين اليوم من قبل الحركة الصهيونية، ومن خلال ضيوف مميزين وموسيقى مميزة يقدم المخرج والموسيقار الفلسطيني الشاب أحمد الضامن -بعد عمله الوثائقي "الحجر الأحمر"- فيلما وثائقيا جديدا يتناول موضوعا سياسيا بامتياز، لكنه يمس الجانب الروحي لملايين المسيحيين في كل مكان.

المصدر : الجزيرة