النزوح يغير مسار حياة السوريين

لاجئون في الخيم قرب مدينة مورك بريف حماه.jpg
undefined

يزن شهداوي-حماة

غيرت الحرب حياة السوريين، وأصبح النزوح معلما أساسيا من معالم أقدارهم، فمع تواصل عمليات القصف والتدمير في سوريا، تزداد أعداد القتلى والمهجرين في حوالي 85% من المناطق السورية وخاصة في أرياف دمشق وحمص وحماة جراء قصف القوات النظامية. وتقدر المنظمات الحقوقية والإنسانية أعداد النازحين في الداخل السوري بـ4.5 ملايين نازح.

وفي جولة للجزيرة نت على بعض عوائل النازحين في مدينة حماة، تحدث الحاج أبو مصطفى عن قصة تهجيره قائلا "كنت من أغنياء مدينة مورك وممن عرفوا على مستوى سوريا بتجارة الفستق الحلبي, لكن قصف النظام تسبب بهدم منزلي ثم قامت قوات الجيش بحرقه بالكامل وسرقة كل ما يحتويه المنزل عند اقتحام المدينة".

ويروي أبو مصطفى أن جيش الأسد أحرق أراضي مدينة مورك الزراعية كلها بعد أن "سرق كل محاصيل الأراضي حول مورك من الفستق الحلبي". ويضيف الحاج أن خسارته في هذا الموسم أكثر من 35 مليون ليرة سورية (مائتان وستة آلاف دولار) .

‪النازحون في داخل سوريا يقدرون‬  4.5 ملايين نازح (الجزيرة نت)
‪النازحون في داخل سوريا يقدرون‬  4.5 ملايين نازح (الجزيرة نت)

تفتيش وسلب
ويحكي أبو مصطفى قصة نزوحه بقوله "اضطررنا إلى النزوح بسبب عمليات النظام المكثفة في مدينة مورك، وجدنا سيارة نقل بضائع وخضار واتفقنا مع سائقها لنقلنا إلى مدينة حماة أنا وعائلتي المؤلفة من أربعة شباب وابنتين وزوجتي وجلسنا وسط الخضار والبضاعة دون أن نأخذ معنا أي شيء من المنزل سوى ما علينا من لباس وما نملكه من أموال وذهب".

ولدى وصول العائلة النازحة إلى حاجز مدينة حماة الخارجي قامت قوات النظام بتفتيشهم، وحسب الحاج إبي مصطفى فإنه عند معرفة عناصر الحاجز بأن العائلة نازحة من مورك فقد قام الجنود "بسلب ما نملك من ذهب ونقود وتركوا لنا مائة ألف ليرة سورية فقط، وقال لنا الضابط هناك بأن هذا المبلغ كفاية على من يريد للعصابات المسلحة أن تدخل أرضه".

وما إن دخل أبو مصطفى وعائلته مدينة حماة حتى تلقته أيادي الخير في المدينة وأسكنتهم إحدى العائلات هناك لمدة ثلاثة أيام في منزلهم قبل أن يجدوا منزلا في أحد أحياء مدينة حماة ليسكنوا فيه.

وتقول زوجته أم مصطفى إن النقود لم تكفهم لمدة شهر واحد بين إيجار وأكل وشرب نظراً للارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية وبأن المنزل "بقي ثلاثة أيام من دون كسرة خبز" نظراً لعدم استطاعة الحاج أبو مصطفى العمل ولكن ولده الكبير ابن الـ15 عاماً اضطر إلى العمل في محل مجاور بأجرة يومية قدرها 200 ليرة ليعيل الأسرة.

وتوضح أم مصطفى أن الجمعيات الخيرية وأهل الخير في المدينة يقومون بشكل دائم بإعطائهم سلة غذائية تحوي أهم المواد التموينية مع تأمين إيجار المنزل لبضعة شهور، لكن نظرا لكثافة النازحين في المدينة فقد تنقطع المعونات عن العائلة لمدة شهر أو أكثر في بعض الأحيان.

نازحون إلى حماة اشتكوا من أن قوات النظام تسلب أموالهم قبل السماح لهم بدخول المدينة (الجزيرة نت)
نازحون إلى حماة اشتكوا من أن قوات النظام تسلب أموالهم قبل السماح لهم بدخول المدينة (الجزيرة نت)

يلتحف السماء
أما خالد النازح من مدينة الرستن إلى حماة فقد غير النزوح مسار حياته بشكل آخر، ففي طريقه إلى حماة ظل يفترش الأرض ويلتحف السماء لمدة أربعة أيام وفي جو شديد البرودة حتى استطاع تأمين وسيلة نقل تدخله إلى داخل  مدينة حماة.

ويوضح خالد أن النزوح جعل حاله ينقلب من مالك محل تجاري كبير في الرستن إلى عامل في أحد محلات الحلويات في المدينة حيث تقتصر أجرته على 350 ليرة يوميا وهي لا تكفي حليب لأطفاله، حسب تعبيره.

ويقول خالد إنه فقد الأمل من عودته إلى عمله لأن منزله ومحله في الرستن أصبحا ركاما ولم يتبق منهما سوى الذكريات، وبات عليه أن يتأقلم مع وضعه الجديد.

من جهتها تقول زوجة خالد إنها تضطر للعمل أحياناً لمساعدة زوجها في نفقات المنزل وشراء مستلزمات الأطفال. وتضيف "الجمعيات الخيرية لم تتركنا ولكن مع وجود آلاف النازحين للمدينة فالمعونات الإغاثية تنقطع ربما شهرا أو أكثر".

المصدر : الجزيرة