أسباب ابتعاد فلسطينيي 48 عن الانتخابات

مظاهرة احتجاجية في أراضي 48 من الأرشيف
undefined
وديع عواودة-حيفا
 
تجمع استطلاعات رأي وأبحاث متعددة على أن نسبة المقاطعين لانتخابات الكنيست لدى فلسطينيي الداخل ستنخفض للمرة الأولى لدون الـ50%، ما يثير قلق إسرائيل التي تتجند عدة جهات فيها، ففي آخر استطلاع رأي واسع نشرته أمس إذاعة الشمس التي تبث من مدينة الناصرة داخل أراضي 48 تبين أن 48% من فلسطينيي الداخل عازمون على المشاركة بالاقتراع للكنيست الثلاثاء المقبل.

وهذا ما كشفته استطلاعات أخرى كثيرة أبرزها دراسة واسعة أجرتها الشهر الماضي مؤسسة "مبادرات صندوق إبراهيم" التي أظهرت أن النسبة تقف عند 47% فقط لدى أصحاب حق الاقتراع العرب (14%) البالغ عددهم نحو 700 ألف نسمة.

وتعكس هذه المعطيات ظاهرة تتفاقم تباعا، ففي انتخابات 2009 بلغت نسبة المشاركين العرب في انتخابات الكنيست 53% وفي 2006 بلغت 56% بينما كانت في الماضي تتجاوز الـ70% وأكثر.

مراقبون كثيرون تحدثوا للجزيرة نت عدوا ذلك رسالة احتجاج على عنصرية الكنيست التي شرعت 40 قانونا عنصريا في السنوات الأربع الأخيرة، واحتجاجا على أداء الأحزاب العربية المشاركة بالانتخابات.

ويستذكر المعلق السياسي علي زبيدات أن فلسطينيي الداخل يشاركون في انتخابات الكنيست منذ تأسس في 1949 دون أن يسهم ذلك في خدمة مصالحهم العليا وقضيتهم الوطنية.

ويوضح زبيدات أن تمثيل العرب في الكنيست لا يخدمهم بقدر ما يخدم إسرائيل ويمكنها من استخدامهم باقة ورد لتزيين ديمقراطيتها كما تجلى في آخر خطابات رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة.

البقاء والاحتجاج
الباحث مهند مصطفى يتحفظ على ذلك ويشير إلى أن مشاركة العرب في اللعبة الديمقراطية غداة النكبة ساهم في بقاء فلسطينيي الداخل في وطنهم ومكنهم من فضح عورتها.

مروان الدويري:
مروان الدويري: "الناس يحتجون على استبدال العمل البرلماني من العمل الميداني" (الجزيرة نت)

كما يشير مصطفى لاستغلال الكنيست منبرا سياسيا وإعلاميا للاحتجاج والتثقيف ومؤازرة نضال شعبهم في الضفة وغزة ضد الاحتلال إضافة لتعزيز مواطنة فلسطينيي الداخل (17%) وجعلهم شركاء في موارد البلاد بصفتهم مجموعة قومية وغير مهمشة، رغم قدرتهم المتواضعة على التشريع في الكنيست بسبب عنصريته.

يشار إلى أن الحركة الإسلامية في الداخل انقسمت لشقين عام 1996 على خلفية الموقف من الكنيست، وبقي الشق الشمالي منها بقيادة الشيخ رائد صلاح يعارض المشاركة في انتخابات الكنيست.

وحركة "أبناء البلد" أيضا تقاطع انتخابات الكنيست لدوافع أيديولوجية، فهي الأخرى تؤمن بأن العرب لن يؤثروا في الكنيست حتى لو تمثلوا بعدد مضاعف من النواب الذين توظفهم إسرائيل في دعايتها.

ويتفق باحثون ومراقبون كثر على أن عزوف نحو نصف أصحاب حق الاقتراع العرب عن الكنيست مرده سبب غير أيديولوجي بالأساس وهو يحمل رسالة احتجاج مزدوجة.

الاختصاصي النفسي والكاتب البروفيسور مروان دويري يفسر ابتعاد فلسطينيي الداخل عن الكنيست بعدم إيمانهم بجدوى اللعبة الديمقراطية في إسرائيل.

ويلاحظ دويري أنه في السنوات الأخيرة خاصة بعد هبة القدس والأقصى عام 2000 بات معسكر اليمين الحاكم يدوس الديمقراطية بفظاظة، حتى أصبح عمل أعضاء الكنيست عقيما وبقاء الكنيست منصة فقط.

وتوافق دويري مع باحثين آخرين بتوجيه النقد لمعظم الأحزاب العربية في الداخل، ويقول إنها قزمت العمل الميداني لصالح البرلماني. ويتابع "أصبح الحزب والقواعد الجماهيرية مهمشة وبمثابة أذرع للنواب، وهكذا اتسعت الفجوة بينهم وبين الجمهور الذي استبعد عن العمل مما زاد من حالة الإحباط وخيبة الأمل خاصة لدى الشباب".

‪علاء حليحل:
‪علاء حليحل: "للربيع العربي تأثير على الشباب في الداخل"‬ (الجزيرة نت)

الربيع العربي
وبشأن السؤال نفسه يشير الكاتب الصحفي علاء حليحل إلى أن فلسطينيي الداخل يلاحظون كيف تقوم الشعوب العربية بتغيير الأنظمة من أساسها من جهة، وكيف لا يتغير واقعهم  طيلة عقود ضمن لعبة الكنيست، من جهة أخرى.

ويرى أيضا أن الشعور بالعجز مقابل الوضعية الداخلية في إسرائيل اليوم ينضم إلى أن الحلبة الانتخابية الإسرائيلية خاسرة سلفا ولا تعود بنتيجة ملموسة للناخب العربي.

ويرى حليحل أيضا أن أداء الأحزاب العربية غير الكافي بنظر الناس، خصوصا عدم تحقيق الوحدة على المستوى الانتخابي سببا في العزوف عن الكنيست. لكنه يأخذ على الجمهور التعميم وعدم محاسبته الحزب الذي يرفض الوحدة.

ويضيف "للأسف هناك علاقة طردية ومتصاعدة بين اشتداد خطورة الوضع السياسي الداخلي ضد العرب في إسرائيل وعزوفهم عن المشاركة والتأثير في اللعبة السياسية". ومرد ذلك بنظر حليحل إلى شعور أساسي وعميق بعدم الانتماء لما يسمى الديمقراطية الإسرائيلية التي جنحت نحو اليمين الفاشي، بكل أطيافه.

المصدر : الجزيرة