اقتحام مقار لأنصار الشريعة ببنغازي

جمعة " إنقاذ بنغازي " حذرت المليشيات المسلحة
undefined

خالد المهير-بنغازي

لم تنته "جمعة إنقاذ بنغازي" -التي شارك فيها ضحايا العنف في ليبيا من أهالي المختطفين وقتلى الاغتيالات ومؤسسات المجتمع المدني وآلاف الغاضبين من تدهور الأوضاع الأمنية- مساء الجمعة حتى سارعت الجموع الغاضبة لاقتحام ثلاثة مقرات تابعة لكتيبة أنصار الشريعة، واستولت عليها وسلمتها للدولة.

وتحت ضغط المتظاهرين، أطلق عناصر الجماعة الذين اتهموا بمهاجمة القنصلية الأميركية في بنغازي النار في الهواء قبل أن يغادروا الثكنات التي احتلها مئات من سكان بنغازي كانوا يتظاهرون احتجاجا على "مليشيات خارجة عن القانون".

وعلى وقع هتافات "دم الشهداء ما يمشيش هباء" (دم الشهداء لن يذهب هدرا)، دخل المتظاهرون الثكنات التي تعرضت للتخريب والحرق.

وفي رسالة واضحة، حلقت مقاتلات ليبية على ارتفاع منخفض تزامنا مع تصاعد هتافات تطالب برجوع الجيش الوطني والشرطة إلى سابق أعمالهم. وهتف المتظاهرون بشدة ضد كافة أشكال المليشيات غير الشرعية، متوعدين بالرد عليها بوسائل أخرى. 

ورفع المتظاهرون لافتات تقول إن مدينة بنغازي استطاعت في السابق إسقاط أحد أكبر معاقل العقيد الراحل معمر القذافي، وهي كتيبة الفضيل بوعمر التي سقطت في أيدي الثوار في 20 فبراير/شباط 2011، وهم على استعداد لإعادة إنتاج الثورة في أي لحظة.

وطالبوا المؤتمر الوطني (البرلمان) بإصدار تشريع فوري يُجرم التشكيلات المسلحة ويقنن حمل السلاح، إلى جانب سحب جميع الاختصاصات الممنوحة لأي تشكيل مسلح، وإخلاء جميع المباني والمنشآت التابعة للدولة من كافة التشكيلات المسلحة، وتفعيل دور الجيش والشرطة وتوفير الدعم الكامل لهما.

وشاركت قيادات وطنية من أعضاء المؤتمر الوطني في جمعة الإنقاذ لدعم مطالب المجتمع بضرورة وضع حد للانفلات الأمني الحالي، من بينهم عضو المؤتمر الوطني -رئيس جبهة إنقاذ ليبيا سابقا- إبراهيم صهد، والسياسي المعارض صالح أجعودة، وعضو المؤتمر الوطني سليمان زوبي.

طفلة ليبية تحمل صورة أبيها الذي اغتيل على أيدي مليشيا مسلحة (الجزيرة نت)
طفلة ليبية تحمل صورة أبيها الذي اغتيل على أيدي مليشيا مسلحة (الجزيرة نت)

أصداء كبيرة
وتوقع عضو المؤتمر الوطني إبراهيم صهد -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن تجد المظاهرة أصداء كبيرة لدى المؤتمر الوطني، متمنيا أن تناصر بقية المدن مطالب مدينة بنغازي مهد الثورة الليبية، مضيفا أنها الآن تكرر ذات المشهد  بالانتفاضة ضد الوجود المسلح.

وقال صهد إن غياب الإرادة الوطنية في السابق لإعادة الجيش والشرطة وإيقاف الوجود المسلح خارج إطار الشرعية، بالإضافة إلى غيابها لدى وزارات الدفاع والداخلية والمجلس الانتقالي المؤقت، أدى إلى هذه الأوضاع، مؤكدا أن من مهام المؤتمر الوطني استعادة الإرادة والعزيمة الوطنية لوضع حد للسلاح، لكنه لا يتمنى الدخول في مواجهة مسلحة مع المليشيات.

وقال عضو المؤتمر الوطني سليمان زوبي للجزيرة نت إن المؤتمر الوطني سيصدر قانونا يمنع الكتائب الخاصة والسلاح غير الشرعي،  لكنه قال إن دور المؤتمر ليس تفكيك هذه الكتائب، مؤكدا أن هذا من اختصاص السلطة التنفيذية (الحكومة).

وأكد أن بنغازي آمنة مقارنة بالأحداث في مدينة سبها جنوبا، مؤكدا أن المؤتمر يناقش المسائل الأمنية بدون البث المباشر على الهواء -كعادة الجلسات العادية- لاحتدام النقاش في الملف الأمني والعسكري.

وكشف عن مداولات تجري لإقالة وزير الداخلية فوزي عبد العال، مشيرا إلى أن رأي بعض الأعضاء يقول إنه لم يتبق سوى أيام على تشكيل الحكومة الجديدة، وليس بالضرورة إقالته في الوقت الحالي، مؤكدا أنه لن يكون من ضمن التشكيلة المرتقبة. 

ومن جانبه دعا أستاذ العلوم السياسية زاهي المغيربي الجميع -بمن فيهم أفراد الكتائب- إلى بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي قال إن الليبيين قاموا بالثورة من أجلها، مؤكدا -في تصريح للجزيرة نت- أن القوة المسلحة لا بد من أن تكون بيد الجهة الرسمية المخولة بذلك، وهي الجيش والشرطة الوطنية "حتى لا تضيع جهود الثورة". 

الطالب فراس الورفلي المعتقل لدى كتيبة 17 فبراير قضيته كانت حاضرة في المظاهرة ( الجزيرة نت)
الطالب فراس الورفلي المعتقل لدى كتيبة 17 فبراير قضيته كانت حاضرة في المظاهرة ( الجزيرة نت)

صوملة ليبيا
وطالبت حنان المقوب -وهي إحدى الناشطات في المظاهرة- الكتائب بحل ذاتها وانضمام أفرادها لمؤسستي الجيش والشرطة، قائلة -في حديث للجزيرة نت- إن جمعة "إنقاذ بنغازي" جاءت بعد عجز المجتمع عن التفريق ما بين العدو والصديق.

وقال الناشط السياسي نجيب أطلوبة إن رفض المليشيات لا يعني الدعوة إلى "صوملة ليبيا"، رافضا الكتائب التي تأسست بعد إعلان التحرير في 20 أغسطس/آب من عام 2011.

وحذر مواطنون المجموعات المسلحة من عواقب وخيمة في حال رفضها الانضمام للدولة، وقالوا -في مقابلات مع الجزيرة نت- إن الشعب لم يستعمل القوة بعد معهم.

وبينما توقعت الطالبة تسليم أكويدير عدم انصياع الكتائب لمطالب المجتمع، عبرت الناشطة السياسية نجلاء دغمان عن رفضها "للكتائب ذات التوجهات الأيدولوجية التي تتلقى الأوامر من الخارج"، مؤكدة أنها تفضل المطالبات السلمية بعيدا عن العنف.

المصدر : الجزيرة