أوباما يتوعد مهاجمي سفارات بلاده

r ; U.S. President Barack Obama speaks during a campaign event at Canyon Springs High School in Las Vegas, Nevada August 22, 2012.
undefined

رفض الرئيس الأميركي باراك أوباما السبت أي إساءة للإسلام، لكنه قال إنه لا يوجد عذر للهجمات على السفارات الأميركية، وذلك بعد سلسلة احتجاجات أمام هذه السفارات بعدة دول، مشددا على أنه لن يتسامح أبدا مع مساعي إلحاق الضرر بالأميركيين، في حين أعلن وزير دفاعه نشر قوات من أجل الرد على اضطرابات قد تنشأ في 17 أو 18 موقعا محوريا في العالم، على خلفية الفيلم المسيء للرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

فقد قال أوباما في خطابه الإذاعي الأسبوعي "لقد أوضحت أن الولايات المتحدة  لديها احترام عميق لأتباع جميع الديانات، ومع ذلك لا يوجد أي تبرير للعنف، لا يوجد عذر للهجمات على سفاراتنا وقنصلياتنا".

وقد شهدت عدة دول إسلامية احتجاجات غاضبة ومناهضة للولايات المتحدة ردا على فيلم يسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أنتج فيها. وأسفر هجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي عن مقتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز وثلاثة موظفين أميركيين آخرين الثلاثاء الماضي.

وبعد يوم من حضوره مراسم عودة جثث الأميركيين الذين قتلوا في ليبيا، صرح أوباما بأن زيادة العنف ضد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تبعث على القلق.

وكرر أوباما تعهده بتقديم مهاجمي القنصلية الأميركية في بنغازي للعدالة، وقال "لن نتردد في ملاحقتهم". وقال أيضا إن الاضطرابات يجب ألا تردع الجهود الأميركية لدعم الديمقراطية في المنطقة وأماكن أخرى. وأضاف "يجب ألا ننسى أنه مقابل كل غوغائي غاضب يوجد ملايين يتوقون للحرية والكرامة والأمل التي يمثلها علمنا".

البنتاغون نشر قوات للرد على أي اضطرابات في مواقع محورية في العالم (الفرنسية-أرشيف)
البنتاغون نشر قوات للرد على أي اضطرابات في مواقع محورية في العالم (الفرنسية-أرشيف)

نشر قوات
من جهته أعلن وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا أن بلاده قامت بنشر قوات في 17 أو 18 موقعاً محورياً في العالم توليها الوزارة تركيزاً خاصاً، وذلك للرد على أي اضطرابات قد تنشأ على خلفية الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم. 

ونقلت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية عن بانيتا، قوله "يجب أن نكون مستعدين في حال خرجت هذه الاضطرابات عن السيطرة".

ولم يحدّد بانيتا الجهة التي يعتقد أنها مسؤولة عن الاعتداء الذي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي، غير أنه أشار إلى أن الفيلم المسيء للإسلام هو السبب الأساسي في حدوث مظاهرات أخرى، وقال "ما زلنا نحقّق في حادثة ليبيا، بهدف الكشف عن ملابسات الحادث".

وأعرب الوزير عن قلقه "من أن يخلّف سقوط الديكتاتوريين في منطقة الشرق الأوسط فراغاً يترك المجال للعناصر المتطرّفة بأن تهاجم من موقع ضعفها". 

ألمانيا تهدد
في هذه الأثناء هدد وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله السبت "بعواقب واسعة النطاق" في حال استمرار هجمات من سماهم "مسلمين متشددين" على سفارات دول غربية.

وقال في كلمة له أمام مؤتمر محلي للحزب الديمقراطي الحر بولاية تورينغن "نريد حماية سفاراتنا الخارجية وسفارات شركائنا".

وأضاف أن على الدول الموجودة على أراضيها سفارات ألمانية أن تضمن حماية هذه السفارات بالقدر الكامل كما ينص على ذلك القانون الدولي. وأكد أن العنف ليس له ما يبرره حتى لو تعلق الأمر بفيديو مسيء للإسلام.

وفي الوقت نفسه طالب فيسترفيله برد فعل في ألمانيا على الشتائم والإهانات، وبأن يظهر المجتمع الألماني مقته لعبارات الكراهية، مشيرا إلى ضرورة أن تتصرف السلطات القضائية بحسم مع اليمينيين المتطرفين الذين يعتزمون وضع  الفيلم المسيء للإسلام ومفجر شغب المسلمين على مواقع الإنترنت. 

أيمن مزايك: الشعور بالاستفزاز لا يبرر التخلي عن سلمية الاحتجاج (الجزيرة نت-أرشيف)
أيمن مزايك: الشعور بالاستفزاز لا يبرر التخلي عن سلمية الاحتجاج (الجزيرة نت-أرشيف)

وفي ألمانيا أيضا ندد رئيسا أكبر منظمتين إسلاميتين بالهجوم على سفارات دول غربية خلال الاحتجاجات ضد الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم بدول عربية، واستنكر إشعال محتجين الجمعة النيران في مقر السفارة الألمانية بالعاصمة السودانية الخرطوم.

واعتبر رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أيمن مزايك في مقابلة مع مراسل الجزيرة نت في برلين خالد شمت أن الشعور بالاستفزاز والإهانة من الفيلم المسيء لا يبرر التخلي عن الأسلوب السلمي في الاحتجاج، واللجوء للعنف ضد مؤسسات دبلوماسية دخل أفرادها بلاد المسلمين بمواثيق وعهود.

ومن جانبه قال رئيس المجلس الإسلامي الألماني علي كيزلكايا إن ما جرى من أعمال عنف صاحبت الاحتجاجات ضد الفيلم المسيء في بعض الدول العربية يفوق قدرته على التصور وفهم الأهداف المرجوة من هذا العنف.

واعتبر كيزلكايا في مقابلة مع صحيفة دي فيلت الصادرة السبت أن كون الفيلم مسيئا للمسلمين وعقيدتهم ومشاعرهم، لا يعطي أي مبرر أو مشروعية دينية للهجوم على السفارات الغربية أو إحراق السفارة الألمانية بالخرطوم.

الأزهر يطالب
في المقابل طالب الأزهر الشريف السبت الأمم المتحدة باستصدار قرار دولي يقضي بعدم المساس برموز الدين الإسلامي ومقدساته.
 
وشدَّد شيخ الأزهر أحمد الطيب، في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على أنه "لا بد من صدور قرارٍ دوليٍّ يقضي بعدم المساس برموز الدين الإسلامي ومقدساته التي يجترئ عليها بعض الحمقى والمضلّلين، ممّن لا يعرفون قيمة السلام الاجتماعي بين الشعوب، ويستبيحون تأجيج الفتن بينها، داعياً إلى معاقبة من سمّاهم المستهترين الذين أقدموا على تلك الأفعال الشنيعة". 
 
مرسي (يسار) وشيخ الأزهر أدانا الفيلم المسيء (رويترز-أرشيف)
مرسي (يسار) وشيخ الأزهر أدانا الفيلم المسيء (رويترز-أرشيف)

وقال الطيب موجهاً كلامه إلى الأمين العام للأمم المتحدة "إن الغضب ومشاعر الصدمة والإحساس بالإساءة اجتاح كل أنحاء العالم الإسلامي بلا استثناء، كما تعلمون. تملأ الطرق والميادين في بلادنا، جراء قيام طائفة شاذة لفَظَتها كنيستها وتبرأ منها أهلها تُقدم في وقاحة بَشعة على تحقير الدين الإسلامي وازدرائه والإساءة إلى شخص النبيِّ الخاتم". 

بدوره جدد الرئيس المصري محمد مرسي الجمعة من إيطاليا إدانته للفيلم المسيء، لكنه دعا لحماية السفارات قائلا إن موظفيها ضيوف يجب احترامهم، بينما قالت حكومته إن واشنطن لا يمكن تحميلها مسؤولية هذا العمل، لكنها حثت الإدارة الأميركية على ملاحقة من يهينون الأديان.

ووصف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج عبد اللطيف الزياني، الفيلم المسيء للإسلام, بأنه عمل مشين وغير مسؤول.

وفي الدوحة قال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي بخطبة الجمعة إن الولايات المتحدة ليست مسؤولة كدولة عن إنتاج الفيلم، وحذر من مهاجمة السفارات، طالبا من المسلمين الارتقاء بردهم على الإساءات، وتعريف العالم على الصورة الحقيقية للرسول عليه الصلاة والسلام.

تنديد ودعوات
وقد تواصلت الإدانة بالفيلم المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ففي لبنان أدانت هيئة علماء المسلمين كل الذين يقفون وراء إنتاج الفيلم المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما أدان البطريرك الماروني بشارة الراعي الفيلم، قائلا إنه "لا يسيء للإسلام فقط بل إلينا جميعا" مطالبا بسحبه من "التداول".

وفي تونس أعلنت وزارة الخارجية أن علاقات تونس مع واشنطن لن تتأثر بما حصل مساء الجمعة أثناء اقتحام مقر السفارة الأميركية بتونس العاصمة، وأكدت حرص السلطات الأمنية على توفير الحماية لكافة البعثات الدبلوماسية في البلاد.

وفي الجزائر اتهم وزير الشؤون الدينية والأوقاف أبو عبد الله غلام الله الصهيونية العالمية بالتحريض وتدبير حملة الإساءة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم من خلال إنتاجها لأفلام مسيئة في هولندا والولايات المتحدة.

وقال غلام الله في تصريح نشرته صحيفة "الخبر" اليوم السبت إن الصهيونية تسعى لإثارة الفتن والتفرقة بين المجتمع المسلم والغربي، إنها تريد أن تجعل الغرب القوي في جانبها ضدّ المجتمع المسلم.

وحث تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومقره اليمن المسلمين على تصعيد احتجاجاتهم وقتل مزيد من الدبلوماسيين الأميركيين في الدول الإسلامية، ووصف الفيلم بأنه "فصل جديد في الحروب الصليبية ضد الإسلام". 

وجاء في البيان الذي نشر السبت على موقع إلكتروني تابع للتنظيم "ولتكن خطوة طرد السفارات والقنصليات هي خطوة لتحرير بلاد المسلمين من الهيمنة والغطرسة الأميركية".

مجلس الأمن أدان العنف ضد البعثات الدبلوماسية في الدول العربية (الفرنسية-أرشيف)
مجلس الأمن أدان العنف ضد البعثات الدبلوماسية في الدول العربية (الفرنسية-أرشيف)

إدانة العنف
وكان كل من مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي أدانا أعمال العنف ضد البعثات الدبلوماسية خصوصا الأميركية في عدد من الدول العربية.

وفي بيان تبنوه مساء الجمعة، أدان أعضاء مجلس الأمن "بشدة سلسلة الهجمات العنيفة" ضد البعثات الدبلوماسية وجددوا "التأكيد على أن هذه الأعمال غير مبررة مهما كانت دوافعها والقائمون بها".

كما طلب الاتحاد الأوروبي من السلطات بالدول العربية والإسلامية ضمان "أمن" الدبلوماسيين والدعوة "فورا إلى السلام وضبط النفس".

وقالت مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد كاثرين آشتون في بيان "أدين بشدة الهجمات على البعثات الدبلوماسية في دول عدة والتي أودت بأرواح بشرية وتدمير ممتلكات".

كما أدانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأحداث الأخيرة، وقالت في بيان إن "أعمال العنف المستمرة في العالم العربي تقلقني جدا. أدين بقوة الهجمات على السفارة الألمانية في الخرطوم وكذلك الهجمات على عدد من السفارات الأميركية".

المصدر : الجزيرة + وكالات