ماذا بعد استقالة كوفي أنان؟

United Nations Secretary-General Ban Ki-moon (R) meets with Special Joint U.N.-Arab League Envoy Kofi Annan in Geneva April 14, 2012, as the U.N. Security Council unanimously approved the deployment of the first wave of U.N. military observers to monitor a cease-fire between the Syrian government and the opposition. REUTERS/Evan Schneider/UN Photo/Handout
undefined

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ليلى لعلالي-الجزيرة نت

تطرح استقالة كوفي أنان من مهمته كمبعوث أممي وعربي إلى سوريا تساؤلات كثيرة عن دور الأمم المتحدة ومدى قدرتها على حل الأزمة السورية، وما إذا كانت هناك تحركات مستقبلية أكثر فاعلية لوقف دوامة العنف المستمر في هذا البلد منذ حوالي 17 شهرا؟ يأتي ذلك في ظل تمسك روسيا والصين بموقفيهما في إحباط أي مشروع قرار بمجلس الأمن الدولي يدين نظام بشار الأسد.

وأبلغ كوفي أنان الأمم المتحدة والجامعة العربية الخميس في جنيف "نيته عدم تجديد مهمته حين تنتهي مدتها في 31 أغسطس/آب الجاري"، مرجعا قرار استقالته لعدة أسباب منها، عدم وحدة أعضاء مجلس الأمن الدولي و"تبادل الاتهامات والسباب" بينهم، فضلا عن زيادة عسكرة الوضع في سوريا.

وكان أنان قد عين بهذا المنصب في 23 فبراير/شباط الماضي، وكلف في بداية مارس/آذار بإعداد مبادرة لحل الأزمة، تبنى على إثرها خطته لإنهاء العنف في سوريا، ولكنها لم تجد طريقها إلى التطبيق، وبقيت صور القتل والتدمير تطغى على المشهد اليومي في سوريا. 

ويرى الكاتب والباحث في القضايا الإستراتيجية، علي العبد الله -وهو معارض سوري- في مكالمة هاتفية مع الجزيرة نت إن كوفي أنان استقال دون أن يحدد السبب الحقيقي لفشل مهمته وهو النظام السوري الذي قال إنه لم ينفذ البند الأول من خطة أنان والقاضي بوقف إطلاق النار وسحب قواته من المدن.

قوات النظام السوري تقصف المدن والأحياء (الجزيرة)
قوات النظام السوري تقصف المدن والأحياء (الجزيرة)

ووصف المعارض السوري مهمة أنان بأنها كانت فاشلة منذ البداية، مشيرا إلى أنهم طالبوا مبكرا بموقف دولي حازم ضد النظام السوري لاستخدامه الأسلحة الثقيلة ضد المتظاهرين. وأضاف أن كوفي أنان "حرص على تلميع صورته أكثر من حرصه على نجاح مهمته".

وجاءت استقالة أنان بينما تشهد الأزمة السورية تصعيدا عسكريا وسياسيا متلاحقا، وبينما تستمر الخلافات بين القوى الكبرى بشأن حل هذه الأزمة، حيث تشدد الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وبعض الدول العربية مع بقية الحلفاء، على ضرورة رحيل بشار الأسد عن السلطة كبداية للحل، ترفض روسيا وبعض حلفاء الأسد هذا الشرط. 

وفي ظل هذا الوضع وهذه الانقسامات داخل المجتمع الدولي، تطرح تساؤلات عن مرحلة ما بعد انسحاب كوفي أنان، وهل أن اختيار خليفة له في المهمة سيؤدي إلى حلحلة الموقف وإجبار النظام السوري على تنفيذ القرارات الأممية، وما مصير بعثة المراقبين الدوليين؟    

في هذا السياق، يرى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون -الذي أبدى "أسفه العميق" لإنهاء مهمة أنان- أن الحل يكمن في الإسراع بتعيين خلف للمبعوث المستقيل "يستطيع مواصلة جهود السلام الأساسية". ورغم أنه يشدد على أن الأمم المتحدة "تظل ملتزمة ببذل جهود دبلوماسية لوضع حد للعنف" في سوريا، يقر بان كي مون بأن "الانقسامات المستمرة داخل مجلس الأمن أصبحت عائقا أمام الدبلوماسية وجعلت تحرك أي وسيط أكثر صعوبة".

وقد أجرى الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي مشاورات مع الرجل الأول في المنظمة الأممية بشأن الأسماء المقترحة لخلافة أنان. وتشير مصادر من جنيف أن العرب يفضلون ناصر القدوة، نائب أنان لتولي المنصب.

كما تشاطرهما الرأي وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، حيث أعلنت أن الاتحاد الأوروبي "يدعو إلى سرعة تعيين خليفة لكوفي أنان ليكمل العمل الذي كان يقوم به من أجل الانتقال السياسي السلمي في سوريا". وهو نفس موقف الصين التي أكدت تأييدها "لاستمرار الأمم المتحدة في لعب دور مهم في تشجيع حل ملائم للمسألة السورية".

أما فرنسا وعلى لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس فقد أكدت أن استقالة أنان "تظهر المأزق المأسوي للنزاع السوري"، مؤكدة أن "وقفا لإطلاق النار وتنحي بشار الأسد والبدء بانتقال سياسي يحترم كل المجموعات السورية هي موضوعات أكثر إلحاحا من أي وقت".

وبالنسبة لمواصفات الشخص الذي يتولى منصب المبعوث الأممي والعربي، يطالب المعارض السوري علي العبد الله في حديثه للجزيرة نت بأن يكون خليفة كوفي أنان ينتمي لدولة كبيرة سواء من الولايات المتحدة أو حتى من روسيا "لأن المهم أن يحترمه النظام السوري"، واعتبر أن ناصر القدوة لا يصلح للمهمة.  

مراقبون دوليون في سوريا (الألمانية)
مراقبون دوليون في سوريا (الألمانية)

وانتقد الكاتب والباحث السوري دور الأمم المتحدة، وقال إنها "عملت على إدارة الأزمة السورية وليس على حلها" وأن قراراتها كانت ضعيفة، وأضاف "ما لم تكن قرارات الأمم المتحدة تحت الفصل السابع فلن ينفذ النظام السوري قرارات الأمم المتحدة".  

وبشأن ما تنتظره المعارضة السورية من خليفة كوفي أنان، حدد المعارض السوري ذلك في ثلاث نقاط هي: وقف إطلاق النار وسحب الجيش من المدن، وتنحي بشار الأسد، والدخول في المرحلة الانتقالية بمشاركة جميع القوى السورية في إدارتها. 

أما بشأن مصير بعثة المراقبين الدوليين بعد استقالة كوفي أنان، فقد رجح مندوب فرنسا الدائم في الأمم المتحدة جيرار آرو أنها -أي البعثة- ستغادرعند انتهاء مهلة تفويضها في 19 أغسطس/آب. وقال آرو للصحفيين الخميس "بصراحة، أعتقد أنه لن يحصل اتفاق في مجلس الأمن، أعتقد أن البعثة ستنتهي في 19 أغسطس/آب".

وأضاف السفير، الذي تولت بلاده رئاسة مجلس الأمن منذ مطلع الشهر الجاري "لا أرى أي سيناريو، باستثناء حصول تغيير على الأرض، يتيح الإبقاء على البعثة".

وفي انتظار تعيين الشخصية التي ستتولى مهمة الأمم المتحدة في سوريا، فقد لجأت مجموعة الدول العربية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت على مشروع قرار يندد بعمليات القصف التي يشنها الجيش السوري على المدن، في خطوة رمزية قد تساهم في تشديد الضغط على دمشق.   

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + وكالات