محاربة الفساد مثار سجال بالسنغال

الشارع السنغالي يترقب اصلاحات كبيرة
undefined

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
سيدي ولد عبد المالك-داكار
  
تشهد الأوساط السياسية والشعبية في السنغال سجالا قويا على خلفية ملاحقة رموز النظام السابق، والتي تتراوح بين الاستجواب والاعتقال وسن قوانين مجّرمة للتكسب غير المشروع.

ففي الوقت الذي يعتبر النظام الحالي أن هذه الإجراءات تتماشى مع سياسة جديدة تقوم بها الدولة لصون الأموال العامة، يرى الرئيس السابق عبد الله واد وأنصاره أن الهدف من الحملة هو النيل منه ومن مقربيه بدوافع و حسابات سياسية.

ويعتبر المحلل السياسي خليفة توري في تصريح للجزيرة نت أن السياق السياسي "المشحون" الذي عاشته البلاد قبل وأثناء الانتخابات الرئاسية في أبريل/نيسان الماضي، تم توظيفه كثيرا للتشكيك في التدابير الإصلاحية التي أطلقها النظام الحالي للحد من استشراء الفساد في السلطة.

وكان أنصار عبد الله واد -الذي هُزم في الشوط الثاني من الانتخابات، وأثار ترشحه جدلا دستوريا تمخضت عنه معارضة سياسية وشعبية قوية- قد رفعوا شعار "السلطة أو السجون"، معتبرين أن خسارتهم للسلطة ستدفع بالنظام الجديد لتصفية الحسابات معهم.

وبالمقابل يرى الصحفي السنغالي عباس صو في تصريح للجزيرة نت أن "إجراءات انتقائية" شابت عملية محاربة الفساد، و يستدل على ذلك باستغلال نظام الرئيس ماكي صال للجهاز القضائي في معركته "السياسية" ضد سلفه عبد الله واد.

ولا يستبعد عباس صو أن يكون استخدام "حملة محاربة الفساد" في أجواء الانتخابات التشريعية التي تم إجراؤها في بداية يوليو/تموز الماضي، قد أثر كثيرا على أحزاب الأغلبية الحاكمة سابقا والتي تراجع تمثيلها في البرلمان من أغلبية مهيمنة إلى أقلية لا يتجاوز تمثيلها 10%.

الرئيس السابق عبد الله واد (وسط) حذر من المساس بمقربيه (الجزيرة-أرشيف)
الرئيس السابق عبد الله واد (وسط) حذر من المساس بمقربيه (الجزيرة-أرشيف)

الفساد
غير أن المحلل السياسي خليفة توري يُشجع  منح الحكومة الجديدة الأولوية للحرب على الفساد، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تشكل "منعطفا مهما" في تاريخ الأنظمة السياسية السنغالية، التي قال إنها نجحت في الحفاظ على المكاسب الديمقراطية المتمثلة في تعزيز الحريات وإرساء قاعدة التناوب علي السلطة.

لكن هذه الأنظمة -يواصل خليفة توري- في المقابل أخفقت في وضع أسس للحكم الرشيد وفي إضفاء الشفافية على تسيير الموارد العمومية في بلد تفوق نسبة الفقر فيه الـ47% حسب أرقام الوكالة الوطنية للإحصاء العام الماضي. 

وقد بدأت حملة محاربة الفساد باستجواب مجموعة من أركان النظام السابق، يتصدرها الوزير السابق كريم واد نجل الرئيس السابق عبد الله واد، و شقيقته سيندجلي، ووزير الداخلية السابق عثمان أنكوم، ورئيس مجلس الشيوخ باب ديوب، بالإضافة إلى وزراء سابقين، وذلك بتهم تتعلق بالإثراء الفاحش، والفساد وسوء التسيير. وسبق هذا الإجراء إصدار قرار يحظر سفر رموز نظام واد إلى الخارج.

نفي واتهام
ونفى الرئيس ماكي صال بشكل قاطع صفة "التسييس" في ملف الحرب علي الفساد، وقال في تصريحات إعلامية إن هذه الإجراءات هي جزء من سلسلة إصلاحات تهدف إلى الحفاظ على الأموال العامة وترشيد النفقات العمومية.

بدوره، حذر الرئيس السابق من استهدافه أو المساس بالمقربين منه، وطالب بتدقيق طريقة تسييره للسلطة خلال فترته الرئاسية وخلال الفترات الممتدة من استقلال البلاد ولغاية وصوله إلى السلطة عام 2000. واقترح تشكيل أجهزة للرقابة والتفتيش يُشرف عليها خبراء مستقلون للقيام بمهمة تدقيق المؤسسات التي تحوم حولها شبة الفساد.

ورحبت قوى سياسية وشعبية بالإجراءات التي تم الإعلان عنها للقضاء على الفساد كتفعيل دور محكمة التكسب غير المشروع وتقليص المصاريف في مجال الإنفاق العام، وإعلان الرئيس وأعضاء الحكومة عن ممتلكاتهم.

المصدر : الجزيرة