عنف البرلمانيين يقلق الأردنيين

An image grab taken from Jordan's private Josat TV shows Jordanian MP Mohammad Shawabka (R) pulling his pistol out after he accused former deputy Mansur Murad (not seen) of working as a spy for the Syrian regime during a live television talk show in Amman on July 6, 2012. The show produced a torrent of insults, a shoe flying across the studio and a pistol being whipped out, as the host desperately tried to keep two rival politicians apart. AFP PHOTO/JOSAT TV == RESTRICTED TO EDITORIAL USE - MANDATORY CREDIT "AFP PHOTO / HO / JOSAT TV" +++ NO MARKETING NO ADVERTISING CAMPAIGNS - DISTRIBUTED AS A SERVICE TO CLIENTS +++
undefined
 محمد النجار-عمان

أثار رفع نائب في البرلمان الأردني السلاح الناري بوجه محاور له، مزيدا من الأسئلة والانتقادات لسلوك برلمانيين أردنيين باتوا ينتهجون العنف في تعاملهم مع خصومهم ومحاوريهم.

ففي حادثة شغلت العديد من وسائل الإعلام الأردنية والدولية، ألقى النائب محمد الشوابكة الحذاء على محاوره النائب السابق منصور مراد ضمن برنامج حواري على قناة "جوسات"، قبل أن يرفع السلاح الناري في وجهه، ليصبح ذلك حديث الأردنيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وجاءت الحادثة بعد أسابيع قليلة من إلقاء النائب يحيى السعود حذاءه على زميله جميل النمري، وكرر السعود في نفس اليوم الاعتداء بالضرب على النمري الذي حرك شكوى قضائية بحق زميله.

وتراوحت تعليقات مواقع إخبارية وأخرى عبر صفحات التواصل الاجتماعي، بين من دعا إلى تحليل مواقف "الحوار بالكنادر" كما جاء في موقع عمون، وبين من تناقل أخبار الدعوة لحشد المدافع في حوارات النواب كما أورد موقع البوصلة.

حوار بالأحذية
فعلى سبيل المثال تحدث موقع "جو 24" عن قواعد لدى البرلمان الحالي في التعامل مع المخالفين، فيكون الحوار بالأحذية إن كان الطرف الآخر برلمانيا، وينتقل إلى صنوف أخرى منها السلاح الناري إن كان الناقد للبرلمان من خارجه.

وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بصنوف عديدة من النقد اللاذع للبرلمان، وصلت حد وضع صورة مدبلجة تظهر البرلمان وكأنه مجلس للأحذية، بينما اقترح رسامو كاريكاتير وضع جهاز تفتيش إلكتروني يمنع دخول الأحذية مع النواب، وذهب آخرون إلى الدعوة لتوزيع لباس قوات الدرك الواقي على النواب لحمايتهم من هجمات خصومهم أثناء المناقشات البرلمانية.

وبعيدا عن التعليقات الطريفة، يذهب النائب في البرلمان جميل النمري إلى اعتبار أن "حوار الأحذية" انتقل من قبة البرلمان إلى أستديوهات القنوات الفضائية، وتطور ذلك إلى رفع نائب السلاح في وجه أحد محاوريه.

وقال للجزيرة نت "وصل الأمر بأن يتناقل مئات المواطنين صورة تضع أحذية مكان النواب ورئيسهم، وهو ما يعتبر إهانة كبيرة للنواب هم السبب الرئيسي فيها".

واتهم النمري النواب و"سلطات الدولة" بالتواطأ مع هذه السلوكيات وتشجيعها أحيانا، مما جعلها تتطور إلى هذا المستوى الخطير.

الشوابكة يلقي بحذائه على محاوره (الفرنسية)
الشوابكة يلقي بحذائه على محاوره (الفرنسية)

وذكر أن سلوكيات النواب هذه تفتح المجال أمام مزيد من العنف في البرلمان، وفي المجتمع أيضا الذي يعاني من عنف اجتماعي ومن بلطجة ضد الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح، بل إن العنف بدأ ينتقل إلى بعض أنواع الحراك المطلبي.

واعتبر أن مشاهد العنف من النواب تؤكد تراجع دولة القانون، لاسيما بعدما بات العنف أحد المشاهد المرتبطة بمجلس النواب الذي يعتبر حماية المجتمع من العنف ومعالجة سلوكيات العنف وتعزيز لغة الحوار الراقي أحد أهم أولوياته.

انخفاض القيم
ويؤكد مستشار الطب النفسي محمد الحباشنة أن هناك انخفاضا في مستوى مجموعة القيم والأخلاق العامة عكستها حوادث النواب الأخيرة.

وقال "أن يتجرأ سياسي على إشهار سلاح ناري أمام الكاميرا التي يحرص السياسيون عادة على الظهور أمامها بأبهى صورة، فهذا مؤشر خطير على انهيار مجموعة القيم".

ورأى أن عنف السياسيين هنا بدأ يلقى قبولا من البعض، حيث بات السياسي الذي يلقي على زميله الحذاء أو يضربه أو يرفع السلاح بوجهه غير مدان، بل ويظهر بمظهر السياسي القوي وصاحب الحجة الأقوى.

وأضاف أن "الحوار تعبر عنه اللغة، أما في قيم السياسيين الجديدة فالتعبير يكون بالقوة حتى لو كانت بالسلاح، وهذا مؤشر خطير ينبغي التوقف عنده وتحليله".

وحذر الحباشنة من خطورة عدم معالجة هذه السلوكيات التي تأتي من نواب في مجلس يُفترض فيه أن يشكل قدوة للمجتمع، وعوضا عن ذلك يتصرف أعضاء فيه "برعونة وعنف تؤكد أننا بتنا نعيش ضمن منظومة متكاملة من البلطجة".

وقال إنه لا يمكن إقناع طلاب الجامعات بتجريم العنف الذي يقومون به ما داموا يرون تغاضيا بل وتشجيعا أحيانا للحوار بالأحذية ثم بالسلاح.

لكنه أكد أن سلوكيات النواب هذه لا تعتبر انعكاسا للمجتمع الأردني، "فهذا البرلمان جاء بشبهات تزوير ولم يأت نتيجة اختيار جماهيري محترم، لذا لا يمكن اعتباره انعكاسا حقيقيا للمجتمع".

المصدر : الجزيرة