التريمسة.. رسالة الأسد لشعبه والعالم

مجزرة التريمسة: رسالة استعراض قوة من قبل النظام السوري؟
undefined

تلقي مجزرة التريمسة، وهي الأحدث في سلسلة مجازر دامية تشهدها سوريا، الضوء على أبعاد نفسية جديدة خاصة بالرسائل التي يوجهها نظام الرئيس السوري بشار الأسد لشعبه وللمجتمع الدولي، وذلك كلما أبدى استعداده لقبول مبادرات لحل الأزمة.

وبينما تزعم الحكومة السورية أن "عصابات إرهابية" تتحمل مسؤولية هذه المجزرة، التي راح ضحيتها أكثر من 200 شخص، تتهم المعارضة جيش النظام السوري بتنفيذها.

وتؤكد المعارضة وفقا لشهود عيان أن جيش النظام أقام وحدات تفتيش عند مداخل القرية التي تقع بريف حماة ثم قام بقصفها، لدرجة أن غالبية السكان غادروها قبل أن يتوغل بصحبة مليشيات ويقتل العديد من السكان الذين لم يغادروا ديارهم.

إثارة الفتنة
يرى المعارض السوري عضو المجلس الوطني صادق الموصلي أن النظام السوري يستعرض قوته، مؤكدا أن وقوع المجزرة في هذه القرية تحديدا ليس محض صدفة.

ويوضح الموصلي، الذي يعيش في ألمانيا، أن قرية التريمسة تسكنها أغلبية سنية محاطة بقرى ذات أغلبية شيعية، وهي نفس الصورة التي كانت واضحة في مجازر سابقة، ما يدل على محاولة نظام الأسد إثارة فتنة دينية بين أبناء الشعب السوري وكسب العلويين في صفه في الوقت نفسه.

لكن الموصلي لا يتوقع نجاح هذا التخطيط، ويشير إلى أن السنة والشيعة يكافحون سويا ضد نظام بشار الأسد في جميع أنحاء سوريا، الأمر الذي يدفع النظام للجوء إلى وسائل قاسية بهدف إخضاع الشعب.

‪أكثر من 200 قتيل ضحايا مجزرة‬ (الجزيرة)
‪أكثر من 200 قتيل ضحايا مجزرة‬ (الجزيرة)

ومن جانبها، لا تستبعد الناطقة باسم لجان التنسيق الوطنية السورية رفيف جويجاتي أن تكون مليشيات الشبيحة متورطة في هذه المذبحة وما سبقها من مذابح في أنحاء سوريا.

وتوضح جويجاتي طبيعة هذه المليشيات المعروفة بقيامها بأعمال تخدم النظام وتقول إن أعضاءها هم من تجار سلاح ومخدرات سابقين وأشخاص كانوا يعملون في تجارة الرقيق، كان معظمهم في السجون وأفرج عنهم للقيام بأعمال تخدم النظام.

ويحصل الشبيحة على أجر يومي يختلف بشكل كبير من يوم لآخر، غير أن جويجاتي لا تستطيع الجزم بالمعيار الذي يحدد على أساسه الأجر اليومي، وما إذا كان يتغير وفقا لعدد الضحايا أو الاعتداءات التي يقوم بها الشبيحة.

وتؤكد جويجاتي أن مليشيات الشبيحة لا تقتصر على طائفة بعينها بل إنها تعكس كل أطياف المجتمع السوري، وهم يتلقون أموالا طائلة ولذلك يحافظون على الوفاء للنظام.

فرص الحوار
ولا يغفل المحللون التكتيك الواضح وراء توقيت وقوع هذه المجازر، إذ يشير الموصلي إلى أن نشاط المليشيات يزيد بوضوح قبل عقد اجتماعات مجلس الأمن، مما يعني أن النظام يرغب في إرسال رسالتين، أولهما للمجتمع الدولي والثانية للداخل السوري الذي يرغب النظام في إشعاره بأنه قادر على فعل كل شيء رغم مساعي وضغوط المجتمع الدولي، مؤكدا أن الوقت أصبح متأخرا جدا للحديث عن خيارات أخرى للتعامل مع النظام السوري.

وبدروها، لا ترى جويجاتي أي فرصة للحوار مع النظام السوري وتقول "لا فرصة للمفاوضات ولا للحوار مع الأسد ورجاله، لأن هذا سيكون معناه الحوار مع القتلة.. سفكت الكثير من الدماء ولقي الكثير من الناس حتفهم، كما جرى اعتقال الكثيرين وتعذيبهم في السجون".

كما تشكك المعارِضة السورية في جدوى مناشدة بعض الأطراف مجلس الأمن والمجتمع الدولي التدخل لوقف العنف، ولا تتوقع إمكانية حل المشكلة بالطرق الدبلوماسية، مشيرة إلى أن هذه المجازر هي الرد الدائم الذي يلي إعراب الأسد عن استعداده لقبول مبادرات لحل الأزمة، سواء كانت قادمة من الجامعة العربية أو من المبعوث العربي والدولي المشترك كوفي أنان.

المصدر : دويتشه فيله